القوّادون

يكتبها اليوم / عباس السيد

 

منذ إعلان الحرب على اليمن قبل ثماني سنوات ، يجري الحديث عن « شرعية وتحالف دولي تقوده السعودية ، عن رؤساء وملوك وأمراء وشيوخ « لكننا في الحقيقة لم نلمس في هذه المعركة أخلاق قادة دول، ولم نرَ سوى سلسلة من القوادين، تبدأ برئيس يستدعي الخارج لاحتلال بلده ، وتنتهي بأمراء وملوك يستدعون الاستعمار القديم والجديد ويعرضون عليه خدماتهم. وبالتوازي مع معركة الدعارة والعهر السياسي ، انتشرت ظاهرة الاغتصاب واختفاء الفتيات في المناطق المحتلة ونشطت تجارة الجنس ، من الساحل الغربي مروراً بتعز وعدن، وحتى جزيرة سقطرى القابعة وسط المحيط .

قبل أيام ، عادت 25 فتاة سقطرية يمنية إلى أرخبيل سقطرى ، بعد أن شاركن فيما قيل أنها «دورة أمنية استخباراتية في أبوظبي» أستمرت لأشهر . أعمار الفتيات تتراوح بين 15 و22 عاما، تم اختيارهن بعناية من قبل ما تعرف بـ» مؤسسة خليفة» في سقطرى ، المؤسسة التي تمارس دورا أمنيا واستخباراتيا وحيوانيا بقناع إنساني .

هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إرسال فتيات سقطريات إلى الإمارات بمزاعم تلقيهن تدريبات أمنية واستخباراتية ومهام إنقاذ ، فقد سبقها عدة دفعات منذ 2019، وهو ما يكشف أن العبث الإماراتي لا يقتصر على البيئة الطبيعية في المحمية ، ولا على نهب موارد الجزيرة ، ومصادرة مساحات شاسعة من أراضيها بالترغيب والترهيب لصالح رجال أعمال إماراتيين ، وإقامة المنشآت العسكرية .

العبث الإماراتي يتعدى ذلك إلى العبث بالإنسان والمجتمع اليمني السقطري، والسعي إلى إفساده والنيل من أخلاقه بمثل هذه الأنشطة المشبوهة التي تستغل حاجة الناس وعدم وعيهم بالحيل الشيطانية التي تمارسها الأجهزة الأمنية والمخابراتية التابعة للإمارات وأدواتها في الجزيرة .

من الذي أعطى الحق للإمارات كي تقوم بمثل هذه الأنشطة المشبوهة في دولة يعد شعبها الأكثر التزاماً وحفاظاً على الأخلاق والعفة والاحتشام بين الشعوب العربية والإسلامية ؟ . لماذا تحاول الإمارات إفساد هذا المجتمع والنيل من أخلاقه وسُمعته؟.

لن نتساءل عن موقف من تسمي نفسها بـ» السلطة الشرعية « لأن من يقبل الغازي والمحتل ومن يقبل بانتهاك سيادة بلده ونهب ثرواته، لن يعترض على تحويل بلده إلى ماخور للدعارة وملاذ للشواذ، ولن يعترض على انتهاك الغزاة والمحتلين لأعراض شعبه .

ولكن ماذا عن مواقف قبائل سقطرى ومشائخها، لماذا يصمتون أمام هذه الأنشطة المشبوهة للمحتل الإماراتي ، لماذا لا يقومون بحملات توعية للمواطنين في الأرخبيل تجنبهم الوقوع في مثل هذا الفخ القذر؟.

سقطرى واحة للسلام والاستقرار، سكانها مسالمون ودودون ولا يتجاوز عددهم الستين ألف نسمة في مساحة تساوي خمسة أضعاف مساحة سنغافورة، سيطرت عليها أدوات الإمارات في معركة صورية مع قوات تابعة للشرعية المزعومة منتصف 2020 .

لا تحتاج سقطرى إلى تجنيد فتياتها كعناصر أمنية أو استخباراتية نسوية ، فالجزيرة القابعة في المحيط أشبه بسجن معزول، وسكانها بقلوبهم البيضاء مثل كتب مفتوحة . وما يسعى إليه المحتل الإماراتي هو إفساد أخلاق الناس في الجزيرة وتوسيع الاستثمارات الإماراتية في مجال الجنس والمتعة والشذوذ ، فالدعارة في تاريخ الإمارات وسياسة حكامها مجرد نشاط اقتصادي ، مهنة كباقي المهن، وقد كانت أكثر المهن رواجاً بعد الصيد في «إمارات الساحل العماني « وحتى بعد تأسيس الدولة الحالية مطلع السبعينيات .

توقف الإماراتيون عن صيد الأسماك واستخراج اللؤلؤ وتحولوا إلى اصطياد البشر والمتاجرة بهم . و تعتبر الإمارات واحدة من أكثر البلدان نشاطًا في هذا المجال، بما يشمله من عبودية واستغلال جنسي .

حتى بعد اكتشاف النفط ، لم يتُب حكام الإمارات من تجارة البغاء، بل توسعوا في مشروعاتها وشرعنوها رسمياً. وعلاوة على منح التراخيص لبيوت الدعارة في أبوظبي ودبي ، أصدر رئيس الدولة في نوفمبر 2020 قرارا يسمح بالزنا، ويتيح ما يسمى «الزواج الأبيض «وهو المعاشرة بدون زواج . لتشجيع السياح- وخاصة الإسرائيليين منهم على التوافد إلى الإمارات.

الأكاديمي الإماراتي والمعارض الشهير يوسف خليفة اليوسف ، غرد بمرارة في تويتر منتقداً سياسة بلاده ، وكتب : «حكومة البارات والعقارات في الإمارات مستمرة في تدويل البلد، أغرقت المواطنين في محيط من الأجانب باسم السياحة، نشرت الرذيلة باسم التنمية، واعترفت بالكيان الصهيوني الذي يحتل المقدسات ويقتل النساء والأطفال باسم التسامح . وتساءل اليوسف: ألم نقل لكم أن الإمارات تحكمها عصابة فاسدة وعميلة « .

بالتأكيد هي عصابة فاسدة ، مستفزة ووقحة أيضاً، وإلا كيف نفسر استضافة دبي مؤتمراً دولياً حول المثليين جنسياً في يناير 2021 خلال 24 و 25 من شهر رمضان المبارك ، والناس يرقبون ليلة القدر .!!.

وكذلك استضافتها أكبر مهرجان للبيرة في العالم، في أكتوبر 2021. العبث الإماراتي وسياسته لنشر الرذيلة وتجارة البغاء نشاط عابر للحدود ، وفي اليمن لا يقتصر هذا النشاط في سقطرى ، بل في كل الأماكن التي يتواجد بها عسكريا أو بأقنعة إنسانية، أو من خلال مرتزقته المحليين .

في الخوخة على ساحل البحر الأحمر، أنشأ الهلال الأحمر الإماراتي مخيماً للنازحين، تحول إلى مقرات دعارة وتجارة للجنس . وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ظهرت مقاطع فيديو لنساء يتحدثن فيها عن قيام إدارة مخيمات النازحين في الساحل الغربي بتوزيع وسائل جنسية على النازحات وإجبارهن على ممارسة الزنى بالإكراه .

كان من الصعب التستر على الفضيحة ، لذلك ، لجأ مرتزقة العدوان إلى حل سريع وسهل ، وهو تشريد الضحايا والتهام كل الأدلة ، من خلال إحراق المخيم كما شهدنا قبل أيام .

جرائم مشابهة شهدتها مخيمات النازحين في مارب ، وقد وصفها أحد مشايخ قبائل عبيدة بـ « العيب الأسود « الشيخ « ح . ش « وفي سلسلة منشورات له على الفيسبوك، استنكر ما أقدم عليه مسؤول أمني كبير في مارب، من اختطاف النساء من مخيمات النازحين، بذريعة التحقيق معهن في شقق خاصة وفي منتصف الليل ، ودعا النازحين ممن يقاتلون في صفوف «قوات التحالف « في مختلف الجبهات بسرعة العودة إلى المخيمات للدفاع عن شرف نسائهم.

وفي أحدث جرائم الاختطاف والاغتصاب في تعز ، بدت أجهزة الأمن كمن يحاول التغطية على فشله أو تورطه حينما أعلنت أنها « ضبطت « الفتاة التي بلغت أسرتها عن اختفائها .!!.

وفي عدن صمتت الأجهزة الأمنية خجلاً أو غطرسة ، عندما تناقلت وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خبر قيام عناصر أمنية باختطاف زوجة نازح وإجبار زوجها على تطليقها لتعاد إليه بعد ثلاثة أيام .

aassayed@gmail.com

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا