بين فردية (نورثوب) وثورية (سبارتاكوس)


هيا صفقوا ..
ركض الزنجي استمر بالركض
مزق قميصه إلى قطعتين
(ذهبت إلى نهر الأردن حيث عمد (يوحنا) ثلاثة وحينما أيقظت الشيطان من الجحيم قال أن (يوحنا) عمده ها للويا)
أركض أركض
فستلحق بك كلاب الحراسة
أركض أركض.1

” لو لم تظل العلامات التي حفرت على جلدي أثناء عبوديتي لكتبت في وصيتي بأن يترك جلدي في عهدة الحكومة ليعمل منه ورقا يستخدم في تجليد دستور أميركا المجيدة” أميركا بكل التوحش كانت هي خاتمة السردية السوداء لويليام غرايم قبل ” 12 سنة من العبودية ” وقبل 100 سردية كتبت بين عامي (1865م- 1750م) حول الزنجي الذي يشبه “البابون” وسيده المسيح الأبيض قبل فردية ” سليمان نورثوب ” وإثارة ” أولاندوكوينو” قبل كل شيء كتب “غرايم” ذلك هذه كانت سردية تشبه ” الثورة” لماذا فقط استعان ” أفضل فيلم سينمائي حول العبودية على الإطلاق -” حسب تعبير ناقد نيويوكر “ديفيد دانبي– بتراجيديا سوداء كانت مؤلمة نعم لكنها كانت مليئة بالرسائل المفخخة حول ألوهية الرجل الأبيض .
هوليود أصبحت تساعد على تذكر أشياء غريبة وبعد فيلمي ” جوع” (2008م) و ” عار”(2011م) أحاديث ” البافتا” و ” السعفة الذهبية” حول الحس التشكيلي والإحساس بالإيقاع السينمائي و حوارات الصورة التي تفجر الدراما من خلال مكوناتها وسياقاتها الا نهائية ظهر ” ستيف ماكوين ” بدراما الحياة لا بالميلودراما – كما يعتقد – وبأسلوبية هي المضمون نفسه في فيلمه الأخير ” 12 سنة من العبودية ” الحاصل على الاوسكار في فئة ” أفضل فيلم ” وبين رسالة الفردية و تغييب الثورة بين التعتيم والإضاءة بين ” نورثوب” و ” سبارتاكوس” بين دونية ” طارد الأرواح الشريرة” (1973م) لويليم فريديكين ومواربة ” ذهب مع الريح” (1939م) بين كل هذه الجدران كان فيلما مدبرا يفتقد لعنصر التلقائية فبالرغم من فنية الصورة التي عبرت عن هوية المخرج نفسه إلا أنها لم تستطع صنع هوية أصلية للفيلم ككل.
المخرج –أول أسود يحصل على الأوسكار- ستيف ماكوين كان بارعا في صناعته للمشهد السينمائي ذلك الـ”ميزانسين” – الاهتمام الشديد بتصميم اللقطات من حيث ” زوايا الكاميرا الإضاءة حركة الممثلين في الفراغ المكونات البصرية – كان ثريا وبمعية المكونين الآخرين لصناعة الفيلم التصوير الخلاب والمونتاج المتأني لن يستطيع أحد أن يطعن ستيف ماكوين من الخلف المشكلة لكثيرين كانت تكمن في ماذا أراد ستيف بكل هذه اللقطات المازوشية ! بزرع تلك الترهات في وعي المشاهد حول بكائيات السود والمعركة المحتدمة بين الشياطين والملائكة المتفقين على سمو البشرة البيضاء هم فقط يجب عليهم الانتظار لم يكن هناك بوادر ثورة أو غضب ولا أي شيء يمكن أن يدل على أن الشتاء قادم فقط النبي سيكون عند ” كوين” هو ” صامويل بيس ” الأبيض (براد بيت) كما سيكون في التاريخ الأميركي كله ” إبراهام لينكولن” هذه الحرية لم تكن ثورة كانت حالة ملل بيضاء مخلوطة بحفنة مشكوك فيها من الرثاء .
لقد أصبح الأمر مبتذلا أقصد أن العالم الآن لم يعد بحاجة لكل هذا الندم الكرتوني هذا التحديد المفجع لفلسفة العبودية يحتاج لتلك الملحمية الفنية في فيلم ” نادي القتال” (1999) الذي خلق مشهدا حقيقيا حول ما يمكن تسميته ” ثمة عبودية هنا” ليس عبودية ” السود” أو حتى عبودية ” أصحاب الياقات البيضاء” بل عبودية الإنسان للحياة الآلة التي تستمر في العمل لتجني التعب ولتشتري به كل الأشياء التي لا تحتاجها لكن هوليود لا تريد ذلك تريد الفكرة التي يمكن بيعها لصالح التاريخ المصنوع الفكرة القادرة على تفريغ الغضب وإرضاء الذات المسلوبة وقد كنت طرحت سؤالا في العدد السابق عن الأسباب التي جعلت ” احتيال أميركي” غير قادر على منافسة ” 12 سنة من العبودية” في 2 مارس الفائت أعتقد أن القارئ قد عرف السبب الآن .

قد يعجبك ايضا