المرتزق الإماراتي لملس يبرم اتفاقاً لبناء 140 وحدة سكنية في الجزيرة على نفقة الإمارات
لأهميتها الاستراتيجية والاقتصادية: “ميون” الثروة المدفونة في قلب المضيق تحت الاحتلال والعبث الإماراتي
قلق مصري بشأن مشروع خط أنابيب إيلات-عسقلان بين الإمارات وإسرائيل كممر بديل لقناة السويس
وجود علاقة مباشرة لإسرائيل بمحاولات فرض السيطرة على الجزيرة
بعد حوالي عام من كشف وكالة “اسوشيتد برس” عن أعمال بناء قاعدة عسكرية جوية في جزيرة ميون اليمنية الاستراتيجية المطلة على مضيق باب المندب، أعلن قبل أيام قلائل عن توقيع محافظ عدن، المحسوب على المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً، حامد لملس، اتفاقاً لبناء 140 وحدة سكنية في الجزيرة على نفقة دولة الإمارات.
واعتبر مراقبون أن بناء الإمارات لهذه الوحدات السكنية يأتي في سياق سعيها لفرض كامل سيطرتها على الجزيرة، بعد أن أحكمت الخناق عليها عسكرياً من خلال ميليشيات يمنية موالية لها.
وعادت التساؤلات مجدداً حول الأهداف من إحكام الإمارات السيطرة على جزيرة ميون بعد إحكام سيطرتها على جزيرة سقطرى في المحيط الهندي، من خلال ميليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي لها.
وذهبت مصادر إلى اعتبار أن أهمية هذه الخطوة لا تأتي في إطار التطبيع الإماراتي مع إسرائيل والصراع الإقليمي في اليمن فحسب، بل تأتي في إطار التطبيع الإماراتي مع إسرائيل وأحلام النفوذ الإماراتية بالسيطرة على موانئ مهمة في طرق التجارة العالمية، بما فيها مضيق باب المندب، أساس الشريان الحيوي للملاحة العالمية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي.
الثورة / أحمد المالكي
لا يمكن فصل سيطرة الإمارات على باب المندب وجزيرة ميون، عن سلسلة المكاسب الاستراتيجية التي تعتقد أنها تكسبها على حساب الشعب اليمني، ولا سيما في ظل الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية التي تتمتع بها الجزيرة. وفيما يعد مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات المائية الدولية، نظراً لتدفق الصادرات النفطية عبره، توصف جزيرة ميون بأنها الثروة المدفونة في قلب المضيق، وبالنسبة للغرب فإن سيطرة الإمارات على هذه الجزيرة الاستراتيجية تزيد أهميتها لعواصم القرار الغربي والكيان الصهيوني لاسيما وأن أبوظبي تقدم نفسها كوكيل للغرب في المنطقة، كما أن السيطرة الإماراتية ترفع الحرج والأثقال عن الغرب، بدلاً من أن تضطر إحدى الدول الغربية لإرسال قوات لاحتلال الجزيرة مباشرة لتأمينها.
سيطرة
يعتقد أن هدف الإمارات من احتلال هذه الجزيرة -حسب خبراء اقتصاد وسياسة- لا يرتبط فقط بالوضع اليمني، بل أيضاً بطموحات الإمارات الاستراتيجية، حيث ترى أبوظبي في نفسها إمبراطورية بحرية، (وصفها عسكريون أمريكيون بإسبرطة الصغيرة)، والتي يجب أن تسيطر على الموانئ الرئيسية وطرق التجارة البحرية في المنطقة.
كما يأتي هذا التطور في وقت يشهد المشروع الإماراتي في المنطقة كبوات، بدءاً من السمعة السيئة للتطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني ، والتعاون الإماراتي الإسرائيلي في مجال النقل، الذي يهدف إلى إيجاد منافسين أو بدائل لقناة السويس.
..تقع جزيرة ميون في قلب المضيق وتربط بين البحر الأحمر وبين بحر العرب والمحيط الهندي. كما أن الجزيرة تربط بين الشرق والغرب، تبلغ مساحتها حوالي (13 كيلومتراً مربعاً)، وتكتسب أهميتها الاستراتيجية أيضاً من كونها محمية بجبال، وفيها ميناء طبيعي في الجزء الجنوبي الغربي منها. وتتبع إدارياً لمديرية المعلا في محافظة عدن، وانتخابياً لمحافظة تعز.
كما تكتسب أهميتها من كونها تربط بين قناة السويس ومضيق هرمز. ومن هذا المنطلق فإن أي تهديد ينطلق من المضيق وجزيرة ميون يهدد المصالح القومية ليس لليمن فقط، بل لمصر ودول الخليج والقرن الأفريقي، فضلاً عن التجارة العالمية.
وتعد جزيرة ميون، التي لا يتجاوز عدد سكانها ثلاثمائة وخمسين نسمة، مفتاح باب المندب، وبقدر ما هي جزيرة اقتصادية، إلا أنها تعد أيضاً موقعاً عسكرياً لحماية المحيط.
وفيما تبلغ المسافة بين ضفتي مضيق باب المندب 30 كيلومتراً أي نحو 18.6 ميلاً، فإن جزيرة ميون تفصل المضيق إلى قناتين، الشرقية منها تعرف تاريخياً باسم “باب اسكندر”، يبلغ عرضها 3 كيلومترات وعمقها 30 متراً ولا تمر عبرها السفن. بينما القناة الغربية واسمها “دقة الميون” عرضها 25 كيلومتراً وعمقها يصل إلى 310 أمتار، وهي التي تمر عبرها السفن.
أهمية اقتصادية
ولجزيرة ميون أهمية اقتصادية استراتيجية تمثلت في كونها ثروة مدفونة في قلب مضيق باب المندب الذي هو أحد أهم الممرات المائية الدولية، نظراً لتدفق الصادرات النفطية عبره، وتربط الجزيرة بين الشرق والغرب، وتبلغ مساحتها نحو (13 كيلومتراً مربعاً)، وهي محمية بجبال وفيها ميناء طبيعي في الجزء الجنوبي الغربي منها، وتتبع محافظة تعز.
ويُشار إلى أن الأهمية الاقتصادية للجزيرة بدأت فعلياً بعد فتح قناة السويس المصرية، وتدر الجزيرة عشرات الملايين من الدولارات سنوياً وتتبع إيراداتها مؤسسة ميناء عدن.
وكان البريطانيون قد احتلوها مع احتلالهم لعدن في القرن التاسع عشر، وكان يطلق عليها عالمياً جزيرة بريم.
كما أن أهمية جزيرة ميون تأتي من كونها تُشرف على الممر المائي في مضيق باب المندب، الذي تمر فيه نحو 21 ألف سفينة عملاقة سنوياً، وبواقع 57 سفينة حاملة نفط يومياً، حسب ما ذكرته وزارة التجارة في صنعاء ، وتُقدر كمية النفط العابرة في المضيق بـ3.3 مليون برميل يومياً.
الشريان المتدفق
وجزيرة ميون ومضيق باب المندب يعتبران الشريان المتدفق الرابط بين البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن جنوباً، وعرض باب المندب الكلي يُقدر بـ30 كلم، (20 ميلاً تقريباً)، وهي المسافة الفاصلة بين قارتي آسيا وإفريقيا، بين رأس منهالي في الساحل الآسيوي إلى رأس سيان على الساحل الإفريقي.
وتقسم الجزيرة مضيق باب المندب إلى ممرين أو قناتين، شرقية تعرف باسم “باب إسكندر” عرضها 3 كلم وعمقها 30 متراً، وتقع بين الجزيرة والبر الآسيوي، وغربية تفصلها عن البر الإفريقي بمسافة 16 كلم وعمقها يقدر بـ100 – 310 أمتار في العمق المحاذي للساحل الإفريقي. وهو ما يسمح لشتى السفن وناقلات النفط بعبور الممر بيسر على محورين متعاكسين متباعدين، حسبما ورد في تقرير لجريدة “الشرق الأوسط” السعودية.
وتبعد جزيرة ميون عن ميناء عدن ما يقارب مائة ميل بحريّ، وعن جزيرة كمران ما يقارب 11 ميلاً بحرياً.
ومن الصعب معرفة إلى أي مدى وصلت الخلافات المصرية مع الإمارات ، ولكن المؤكد أن هناك غضباً مصرياً ظهر في تصريحات المسؤولين بالقاهرة، بشأن التعاون الإسرائيلي الإماراتي في مسألة إيجاد منافسين أو بدائل لقناة السويس.
ففي 29 يناير من العام 2021م، أعرب رئيس هيئة قناة السويس المصرية أسامة ربيع، عن “قلق بلاده بشأن مشروع خط أنابيب إيلات-عسقلان بين الإمارات وإسرائيل”، كاشفاً أن “هيئة الأوراق المالية والسلع تجري حالياً دراسات لبحث سبل مواجهة المشروع الإسرائيلي الإماراتي الذي يمكن أن يقلل حركة المرور عبر قناة السويس بنسبة تصل إلى 16 % ”.