شهدت العاصمة صنعاء يوم أمس العرس الجماعي الأكبر لعشرة آلاف و44 عريساً وعروساً من شباب وشابات أبناء هذا البلد العزيز والكريم، لقد عبَّر المشهد عن نفسه حين احتفل العرسان بزفافهم الميمون وارتسمت على محياهم الابتسامة التي حُرموا منها عمراً طويلاً، عشرة آلاف عريس وعروس هم من كل أرجاء اليمن تزوجوا يوم أمس بتمويل هيئة الزكاة، لقد عمَّت الأفراح والأعراس كل الديار اليمنية فما من قرية إلا وكان لها نصيبها من العرسان في عرس الزكاة، فرحة تجسد بركة الزكاة وثمرتها ومقاصدها العظيمة.
وراء كل شاب احتفل بزفافه أمس قصة إنسانية، شباب كثيرون ظلوا طويلاً محرومين من حياة السعادة الزوجية عاجزين عن إكمال حياتهم بزواج ميمون، ويوم أمس تحققت أمنيات عشرة آلاف و44 عريساً وعروساً دفعة واحدة، هذا مضت عليه الخمسون سنة، وذاك ستون عاماً انقضت من عمره، وذلك حرمته الظروف والفقر من الزواج، وهذا المعاق العاجز لم يجد من يدفع له مهر زواجه، جاءت الزكاة لتحقق تلك الأمنيات وترسم الابتسامة على وجوههم، ولتُدخل الأفراح والأعراس إلى كل ديار اليمن العزيز.
لا تقتصر إنجازات هيئة الزكاة التي اُنشئت حديثا كثمرة من ثمار ثورة 21 سبتمبر، على تزويج الفقراء واليتامى والمعاقين والجرحى والعاجزين والمكفوفين، فمشاريعها أوسع بكثير وقد لمسها المريض والفقير والمسكين وابن السبيل والغارم السجين، علاوة على ما تقدمه من إعانات للفقراء المقتدرين على العمل من أدوات إنتاجية لتحول الفقير إلى منتج، حتى باتت هيئة الزكاة تقدم نموذجاً مشرفاً ومتميزاً لا مثيل له في العالم، ذلك لأنها ركن من أركان الإسلام قد أقيم في أوساطنا بعد تغييبه لعقود طويلة.
قبل هيئة الزكاة لم تكن زكاة اليمنيين إلا جبايات تذهب للنافذين والفاسدين والعابثين، ولم يكن لمن جعلهم الله مصارف لها يحصلون على شيء يذكر منها، حتى جاءت هيئة الزكاة واستقام الأمر وحصل الفقير والمسكين والمريض وصاحب الحاجة والغارم على حاجته من الحق المعلوم، ولمس الناس جميعاً أثر إقامة ركن من أركان الإسلام فيما تقدمه هيئة الزكاة من إعانات وما تنفذ من مشاريع حقيقية، وشاهد العالم أجمع جانباً من بركات الزكاة في العرس الجماعي الأكبر والثالث من نوعه.
وحري بمن يدوشون الفضاء العام بالأكاذيب والشائعات والحملات ضد هيئة الزكاة أن يعرضوا لنا مشروعاً واحداً للزكاة في عهودهم وعهود من يحنون إليهم، وقد ظهروا أمام الفرحة العارمة التي عمَّت ديار كل اليمنيين صغاراً وهم يكذبون وينشرون قصصهم الملفقة، فما هم إلا أبواق رخيصة تتجند ضد أفراح وأعراس ومصالح اليمنيين جميعاً.
منذ اليوم الأول للعدوان على اليمن كانت مناسبات الفرح والأعراس أهدافاً للقصف الإجرامي الأمريكي السعودي، سعى العدوان إلى تحويل حياة اليمنيين إلى أحزان وأتراح، فاستهدف الحياة ومظاهرها وأفراحها وقصف الأعراس وقتل العرسان يوم زفافهم في جرائم مشهودة عديدة والهدف كان واضحاً هو قتل كل شعور وروح تحمل إرادة الحياة، والرسالة اليوم كانت واضحة حين احتفل عشرة آلاف عريس وعروس بزفافهم بأن تلك الحرب الإجرامية فاشلة مهزومة فقد عمت الأفراح كل الديار ودفعة واحدة.
وعلى العدوان الذي نشر المآسي والأحزان بالمذابح والدمار والتجويع وأراد وقف الحياة ومظاهرها أن يخرس ويدوس رأسه في التراب، فلم يكن يوماً فاعل خير مع أحد بل كان قاتلاً مترصداً لكل فرحة مستهدفاً حياة الناس أجمع، وعلى الأبواق التي تتناغم معه أن تخجل خصوصاً وهي التي كانت تمجد تلك العهود التي سرقت فيها الزكاة من أفواه الفقراء والمحرومين.
ما قدمته الزكاة منذ إنشائها كان عظيماً وكبيراً، فقد قضت للمحتاجين والمرضى واليتامى وغيرهم حوائجهم، وقد شرعت في تحويل شريحة كبيرة من الفقراء إلى منتجين، وبما يجسد المقاصد العظيمة للزكاة التي تعد نماء وزكاة وبركة للمال وعونا للفقراء والمساكين والغارمين وغيرهم، ومن واقع ما نشاهده ونلمسه، ولا شك بأنها ستعالج الفقر والعوز وتسبب البركات والخيرات وبما يعالج مشكلة الفقر والعوز بإذن الله.