الضربة التحذيرية لمنع سفينة شحن من نهب النفط اليمني تُحْدِثُ ارتدادات سلبية في أسواق الطاقة المضطربة عالميا
الثورة / وديع العبسي
لم تسجل أسعار النفط في العالم أي تغيرات لافتة خلال الساعات الماضية، لكن من المتوقع أن تشهد سوق الطاقة اهتزازا نسبيا على خلفية الضربة العسكرية التحذيرية التي نفذتها القوات المسلحة لمنع سفينة حاولت نهب النفط اليمني من ميناء الضبة.
وتشهد سوق الطاقة العالمية اهتزازات متكررة جراء استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وما سببته من أزمات انعكست في أزمات سياسية في دول أوروبية عديدة، وتصاعدت جراء قرار أوبك بلس – قبل أيام – بخفض إنتاج مليوني برميل يوميا.
وجاءت الضربة التحذيرية وسط أوضاع مضطربة في سوق الطاقة من ناحية، ومن ناحية أخرى فقد جاءت بعد هدنة استمرت لمدة ستة أشهر في اليمن، لكن في الثاني من الشهر الجاري انتهت الهدنة رسميا ولم يكن لها هذه المرة فرصة جديدة لنهب مزيد من النفط اليمني.
ومنذ الهدنة في نسختها الأولى لم يكن هَمُّ الأمم المتحدة والمجتمع الدولي سلامة أو معيشة اليمنيين وإنما تأمين خطوط الإمداد النفطي من المنطقة المموِلة للعالم بالطاقة، بدليل أن (هدناتهم) الثلاث لم تكن أكثر من حبر التزامات على ورق المكر والخديعة.
ما كانوا يخشونه يتراءى اليوم أمامهم بوضوح، فالضربة التحذيرية لميناء الضبة كانت رسالة للسفينة (نيسوس) المتأهبة لسرقة مليوني برميل من نفطنا الخام، كما هي رسالة للمجتمع الدولي وفي مقدمتهم أمريكا العجوز وغوتيريش وجماعته في منظمته الأممية وهيئاتها الحيوانية، بأن التحرك لا يزال تحركاً دفاعياً عن الثروة والسيادة، فضلا عن كونه يأتي بعد سابق إنذار، بأنه لن يكون مسموحا ترك اليمنيين يعيشون واقعا مؤلما وسرقة ثروته.
التحرك الدولي نحو الهدنة، كان تحركا طبيعيا لتأمين مصادر إمدادات الطاقة، وهو ما تحقق خلال ستة أشهر من الهدنة، إنما مع دخول واقع الدول المتكاملة ضد روسيا مرحلة خطر الإجراءات ضد إمدادات موسكو وجدت نفسها في حالة لن تمكنها من الشعور بدفء الطاقة بالقدر الذي كانوا يتعلمون به قبلا.
واليوم وبعد أن استُنفدت كل الكلمات مع أمريكا والسعودية والإمارات والمجتمع الدولي، جاء فعل الضربة التحذيرية لميناء الضبة – الذي يعتبر المنفذ الذي يتم عبره تصدير النفط الخام من حضرموت – تأكيدا للتحذير بأن الوضع بهذا الشكل لن يستمر، وسيدخل الجميع مرحلة الندرة في العرض النفطي.
هم لم يستمعوا حتى لنصح صديقهم بيتر سالزبوري، المستشار في مجموعة الأزمات الدولية لشبكة CNN وهو يؤكد لهم أنه مع القوات المسلحة اليمنية “الخطر دائمًا عدم أخذ تهديداتهم على محمل الجد”.
يحسب العالم منذ البداية حساب الشدة التي تمكن أن يتعرض لها إذا ما اُستجدّ هناك أي تهديد لإمدادات طاقة جديد بعد الإمدادات الروسية، غير أنهم لم يحسموا توقعاتهم بتطورات المشهد المحتملة في اليمن بعد التحذيرات والتنبيهات التي أطلقتها القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى.
مع انتهاء الهدنة الثالثة تحركت الإدارة الأمريكية بقوة عبر جولة لمبعوثها إلى اليمن، تيم ليندركينغ إلى المنطقة من أجل تمديد الهدنة وتثبيتها وتوسيعها، وكان واضحا أن المستجدّات الأخيرة التي طرأت على سوق الطاقة بعد إقرار «أوبك+» خفض الإنتاج اليومي من النفط بمليونَي برميل، ألقت بظلالها على المشهد في اليمن، ورفعت من منسوب المخاوف الأمريكية من تداعيات أيّ تصعيد عسكري من قِبل صنعاء على إمدادات الطاقة السعودية والإماراتية، خصوصاً في أعقاب التحذيرات بضرب الشركات النفطية في الدولتَين، ودعوة السياسي الأعلى المستثمرين إلى مغادرة دول العدوان كونها غير آمنة، ما أدى إلى تكثيف الإدارة الأمريكية جهودها من أجل تمديد الهدنة وتوسيعها.
التحذيرات كانت قد سبقت ذلك إلى جميع الشركات النفطية المحلية والأجنبية، وشركات الخدمات النفطية، بالإضافة لشركات الملاحة، والتي تضمنت إلزامها بأن عليها الوقف الفوري لجميع الأعمال المرتبطة بعمليات نهب الثروة السيادية اليمنية.
على ضوء الضربة التحذيرية، يدخل مشهد الطاقة منطقة الوضع الحرج جدا والذي قد يولد انفجارا في مجتمعات الرفاهية التي لم تعتد على طوابير محطات المشتقات النفطية، أو العيش بدون تدفئة، ما سيولد بدوره غضباً شعبياً في هذه المجتمعات.
والخميس التقى قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل لبحث مسألة تجاوز الانعدام والارتفاع الهائل في أسعار الطاقة، خصوصا مع حالة الثورات في الوسط الشعبي الأوروبي في عديد من دولها، والتي تحولت إلى تظاهرات وصدامات مع أمن تلك الدول.
العجز في الإمدادات النفطية الذي يعيشه العالم اليوم بسبب الحرب في أوكرانيا لا شك أنه سيتضاعف، مع توقف الإمدادات التي كانت تأتيهم من اليمن ومن دول الخليج.
وتسببت الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا بصدمة على صعيد أسعار النفط والغاز والكهرباء.
سينوح العالم الآن وسيطلق عويله، بكل امتهان لإنسانيتهم أمام ما يتوقعونه من ارتدادات جراء تحرك اليمنيين للدفاع عن حقهم.
فقط لأن الأمر ارتبط بالطاقة المحرك للعالم، تأتي هذه التفاعلات وكأنهم يتحدثون عن كائنات صحراوية تعيش أقصى جنوب الجزيرة العربية.
والواضح أن المجتمع الدولي قد أصيب بصدمة عارمة ومؤلمة وسيعيشون تبعاتها لأشهر طويلة كي يستعيدوا الواقع المترنح أصلاً الذي يعيشونه حاليا بسبب العملية العسكرية الروسية لتحرير أوكرانيا.
وفي أول رد فعل، خرج مرتزقة العدوان ببيانات حاولوا فيها مغازلة العالم بورقة تأثر الإمدادات النفطية سلبا بسبب مثل هذه الضربات بتأكيدها، البيانات حملت أبعادا تشير إلى آثار سلبية قد تترتب على إمدادات واستقرار سوق الطاقة على المستوى الإقليمي والدولي، حسب البيان.