بركات الاحتفاء بمولد النور المحمدي (ارتباط اليمنيين برسول الله تاريخياً وحاضراً وإلى يوم القيامة)

د/ هشام محمد الجنيد

 

 

قال الله سبحانه وتعالى (.. فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) «الأعراف، من الآية 157» وقول الله تعالى (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) «يونس، 58».
إن احتفالنا بمولد النور المحمدي هو إحياء لوفائنا وحبنا للمصطفى المختار صلوات الله عليه وعلى آله المتجذر في نفوسنا جيلا بعد جيل. وهي محطة ومناسبة نستلهم ونتعلم منها في ترسيخ مبادئنا ووعينا الإيماني.
الاحتفال بمولده الشريف هو تعبير عن ابتهاجنا وواجب فرحنا بفضل الله ورحمته علينا. وهي من أهم مظاهر الثناء والشكر العملي والوفاء لرسول الله صلوات الله عليه وآله.
الاحتفاء بمولد النور المحمدي هو عامل من عوامل العزة والنصر من خلال الاقتفاء بسيرته صلوات الله عليه وعلى آله وبقيمه الأخلاقية في مسئولياتنا ومعاملتنا ومواقفنا ومواجهتنا للعدوان، فهو خير مما يجمعون. وهو الاعتقاد الذي يجعلنا على ثقة مطلقة بأن قوى الجمع الشيطانية مهما كانت قوتها، فهي ضعيفة في نهاية المطاف أمام المجاهدين المؤمنين المقتفين بالسلوك والمنهج المحمدي. فالقوة (الخير) التي نستمدها من وفائنا لرسول الله صلوات الله عليه وآله هي أقوى وأخير مما يجمع ويمتلك الأعداء. وفترة الثمان سنوات هي خير شاهد على ضعف وعجز العدوان أمام قوتنا المستمدة من ارتباطنا برسول الله صلوات الله عليه وعلى آله. لذلك لن تصل القوى الشيطانية إلى ما تسعى إليه في إنهاء المشروع الإسلامي وإلى السيطرة على ثروات العالم واستعباد شعوبه وأمامها مجاهدين في سبيل الله وعلى رأسها من يعظم رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله.
اليمنيون أثبتوا بعون الله ما وصفه رسول الله صلوات الله عليه وآله بأن الإيمان يمان والحكمة يمانية. ونجد نظرة رسول الله الصادقة عن اليمنيين واقعا حقيقيا في الإيمان العملي في القتال في سبيل الله ونجدها واقعا حقيقيا في حكمة القيادة الثورية ونجاحها في التعاطي مع مختلف الملفات. ونجد أيضا إثبات ما وصفه رسول الله صلوات الله عليه وآله عن اليمنيين من زاوية أخرى بالإجابة عن السؤال: هل استطاع العدوان القوي في نظر المرجفين الضعيف في نظر المؤمنين الأحرار أن يملي شروطه على اليمنيين الأحرار – المخلصين بولائهم للرسول الأعظم – في هذه المعركة تحت راية علم هدى من أحفاد رسول الله صلوات الله عليه وآله ؟. ألم يعد ذلك من بركات الاحتفاءات السنوية بالمولد النبوي الشريف ؟.
إن ولاء وحب ووفاء اليمنيين لرسول الله متجذر تاريخيا. فقد شاركت كثير من القبائل اليمنية الأنصار – سكان المدينة المنورة – والمهاجرين في فتح مكة بقيادة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله. فاتجهوا إلى مكة المكرمة وكان عددهم يزيد عن (70%) وأقل من (30%) هم الأنصار والمهاجرون بقيادة رسول الله صلوات الله عليه وآله. ولا اعتقد أن عدد الفاتحين في السنة الثامنة للهجرة كانوا عشرة آلاف، كانوا أكثر من هذا العدد، كانوا أفواجا بعشرات الآلاف من اليمن اتجهوا إلى مكة فاتحين مع المصطفى المختار صلوات الله عليه وآله. فما تعلمناه في التاريخ الإسلامي كان تحت إشراف ورقابة نظام يهودي صهيوني بلباس إسلامي حريص كل الحرص على الإخفاء والتضليل والتزوير في الحقائق التاريخية الإسلامية.
إن طمس اليهود للعدد الحقيقي وللمشاركين من القبائل اليمنية هو لغرض إخفاء ارتباط اليمنيين بمحمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، ولإخفاء تضحياتهم وأدوارهم الجهادية بنصرته، وللتقليل من شأنهم. ولحجب الأنظار عن الأدوار والتكليفات الجهادية القتالية المسطورة لليمنيين الأحرار في نصوص القرآن المعهودة لهم بتشريف إلهي خصه الله لهم لما عرف عنهم بشجاعتهم وولائهم وتسليمهم وطاعتهم لخاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام ونصرته في جميع المعارك ضد المشركين واليهود والنصارى لنصرة الإسلام. وفي كل معركة هم أكثر من النصف، ولم يخسروا أو يهزموا في أية منها، ما يؤكد على قوة العقيدة الإيمانية المحمدية لدى اليمنيين الأحرار في التاريخ الإسلامي وفي حاضر الأيام التي تشهد جديتهم وإخلاصهم وشجاعتهم في إذلال العدوان السعودي الأمريكي وحلفائه.
ارتباطنا برسول الله صلوات الله عليه وآله هو ارتباط بالمنهج الإلهي والاقتفاء بسيرته. بل إن علاقتنا وارتباطنا بالحبيب المصطفى قد ظهرت تاريخيا قبل ظهور رسول الله صلوات الله عليه وآله من قبل ملوك اليمن السبئيين والمعينيين والحميريين في الإيمان به وتعظيمه وتوصياتهم أبنائهم وولاتهم وقبائلهم بإسناده ونصرته والتسليم له بطاعته كنبي وكحاكم وإمام. وملك اليمن الكبير سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان قد بشر بانتقال ملك قحطان إلى نبي من نسل عدنان اسمه أحمد يكون آخر الأنبياء والمرسلين – عليهم الصلاة والسلام – وذكر ذلك بقصيدة مشهورة له. وتم نقلها من نقش يمني موجود في المتحف البريطاني بلندن ضمن النقوش اليمنية القديمة المسروقة .. ومصادر هذا البحث منقول من الدكتور/ عبدالخبير المهيوب. وهو جهد وعمل قيم.
وكتب الباحث الدكتور أيضا أن ملك اليمن/ أسعد الكامل عندما رحل إلى مكة الواقعة تحت ملكه أخذ يستطلع المكان ويهيئه لاستقبال النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام ودخل الكعبة وأخرج الأصنام منها، وقام بغسلها وتطهير باطنها من أثر الأصنام ومخلفات النذور الوثنية، وزين خارجها بكسوتها من أفخر الملبوسات اليمنية، وجعل لها بابا سميكا له مغلقا ومفتاحا من الذهب الخالص، وعين لها سدنة من أبناء قبيلة جرهم، وأمر ولاته من هذه القبيلة اليمنية بغسل الكعبة وكسوتها كل عام. لأنها بيت الله الواحد الذي يدعو إليه النبي أحمد خاتم الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام .. وهذا الاهتمام يفسر إيمان الملك أسعد الكامل برسول الله أحمد صلوات الله عليه وآله، وبأهمية بيت الله في الإسلام، وأهميتها في هداية الناس كبيت مبارك عندما تقع تحت ولاية حاكم عادل على تقوى الله يدير أمر الناس وفق قيادة ربانية.
كما توصل الباحث من النقوش اليمنية التي صورها أحد زملائه في بريطانيا أن تبع اليمن/ أسعد الكامل عندما رحل إلى المدينة المنورة الواقعة تحت ملكه كتب رسالة على حجر وضعه فوق باب الدار/ القصر الذي بناه لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله. ومكان هذا الدار هو مكان المسجد النبوي في المدينة المنورة. وشهد في هذا النقش بالرسالة لأحمد رسول الله ووجوب مناصرته والتضحية لأجله، وحث القبائل اليمنية على ذلك.
وما هذا إلا نزر يسير من التاريخ الإسلامي المشرف لليمنيين الأحرار. فكثير من الأحداث التاريخية الإسلامية طمسها وحرفها الأعداء: اليهود والأنظمة الموالية لهم. واستمر أعداء النبي صلى الله عليه وآله في قتل الرموز التاريخية الإسلامية عترة المصطفى المختار عليه أفضل الصلاة والسلام وطمس تاريخهم، استمر أعداء النبي محمد في قتل وإخفاء وطمس الأولياء الصالحين السالكين منهج الرسالة المحمدية – ولا أعني ما يسموا بأولياء أصحاب الزوايا للإنزواء عن مقاومة الباطل المستغلين الزوايا مناسبات لغايات الترف وتداعيات المداهنة وغيرها دنيوية – المقاومين للأنظمة الفاسدة المكافحين في تعليم الناس الإسلام الأصيل، وحثهم بوجوب طاعة الرسول والاحتفاء بمولده الشريف سنويا.
واهتمامات الأولياء الصالحين العقائدية بإحياء الاحتفالات بالمناسبات الدينية سنويا وأهمها المولد النبوي قد كانت معظمها غير رسمية لخضوع معظم فترات الحكم بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله تحت أنظمة غير موالية لرسول الله وعترته. ورغم ذلك استطاعت الرموز الدينية المحافظة على عقائدية الاحتفاء بمولد النور المحمدي سنويا. وقد غرست حب هذه العقيدة في روحيتنا جيلا بعد جيل وستظل هذه العقيدة حتى يوم القيامة وإلى أن نلقاه في الآخرة. وكان لهذه الرموز الأثر الفعال في إخراج اليمن من دائرة الموالاة للأنظمة الشيطانية إلى دولة مستقلة تقيم الاحتفالات لأعلام الهدى الشهداء من العترة بعناية واهتمام الدولة، قد كان لها الأثر الفعال في إقامة وإحياء احتفالات ذكرى المولد النبوي على المستوى الرسمي سنويا لتعرف الشعوب العالمية المضللة عن الحقيقة من هو محمد وما هي رسالته ؟. ولمن هذه الرسالة ؟. وما هي التحولات والبركات التي منها تحققت وأخرى أكثر أهمية هي في طريقها ستتحقق بإذن الله؟.
ومن أهم بركات الاحتفالات بالمولد النبوي على المستوى المحلي:
– تحقيق الانتصارات والمعجزات في مختلف الجبهات القتالية ضد العدوان نتيجة العون الإلهي.
– إفشال مخططات العدوان في تفكيك الجبهة الداخلية وزعزعة الاستقرار والأمن، وفي المقابل ترسيخ حالة الأمن نتيجة اهتمام وتوجه القيادة الثورية وإخلاص العناصر الأمنية.
– إفشال حصار العدوان الشامل والاقتصادي.
– نجاح السياسة العسكرية في الصناعات العسكرية المحلية في المجالات البرية والجوية والبحرية، وكان لها والحمد لله الفاعلية المشرفة في إلحاق الهزائم والخسائر للعدوان ومرتزقته. وهي في مسار تتطور بتقنيات وتكنولوجيا عسكرية تفوق قدرات العدوان تجاوزها.
– الثقة بالله ولدت الصمود الأسطوري والصبر الاستراتيجي في الوقوف أمام العدوان. وقد غرست هذه العقيدة الجهادية استحالة تحقيق العدوان النصر لطالما نقاتل في سبيل الله وفي ظل قيادة ربانية حكيمة.
– ثبات مؤسسات الدولة من الإنهيار، بل وانتقالها إلى دولة تنفذ مسئولياتها الدينية لما فيه خير المجتمع اليمني ومن أهمها التوجه الزراعي الجاد للوصول إلى تحقيق الإكتفاء الذاتي، ونجاح دور هيئتي الزكاة والأوقاف والأرقام المالية التي حققتها إيرادا وإنفاقا خير دليل على ذلك. ومسار التصحيح لأجهزة الدولة في توجه مستمر.
– نجاح السياسة النقدية في السيطرة على سعر صرف العملة الوطنية / الريال مقابل العملات الأجنبية.
– إيصال العدوان إلى أوضاع الإرباك والتخبط والخزي، وكسر انفته الزائفة، وفضحه إعلاميا على مستوى العالم عدوان إجرامي ناهب لثروات الشعوب ومستبد وقامع لحرياتهم ومتسلط للقيم الإنسانية والأخلاقية.
– استطعنا بعون الله وتأييده أن تفرض قيادتنا الثورية والقوات المسلحة قواعد اشتباك جديدة يعجز العدوان التفوق عليها أو صدها.
– من بركات الاحتفاء بالمولد النبوي الجهاد في سبيل الله. وملازمة هذا الخط الجهادي سيلحق بعون الله الهزيمة الكبرى بالعدوان وسيخلص البشرية من عبثية وإجرام ووحشية هذا العدوان.
– من بركات الاحتفاء بمولد النور المحمدي أن اليمن سوف يحقق بإذن الله النصر والفتح. وسيكون هو الأساس في تخليص وإنقاذ البشرية من واقع السلطة الزمنية التي تعبث بحياتها وشأنها ممثلة بالأمم المتحدة والانتقال بها إلى واقع السلطة الدينية من خلال صياغة – القوى العالمية: الرائدة للمشروع الإسلامي، والمساندة له، والمناهضة الكاسرة لإمبراطورية الغرب الكاذبة – مبادئ النظام العالمي الإنساني الجديد على أساس قواعد الدين الإسلامي.
– استمرار توعية وتثقيف المواطنين بتعاليم وتوجيهات الإسلام الأصيل، والتوعية المستمرة بوجوب الاقتفاء برسول الله صلوات الله عليه وآله كأسوة كبيرة وقدوة عظيمة حتى نعيش أعزاء أحراراً، والتوعية بأن الفلاح والنصر على العدوان مرتبط بالإيمان العملي بالقرآن الكريم ومرتبط بطاعة وحب رسول الله الخاتم الذي صلى عليه الله وملائكته .. صلوا عليه وسلموا تسليما.

قد يعجبك ايضا