الثورة / عبدالرحمن عبدالله
تزينت أرجاء اليمن بكل ألوان وأشكال وصور الابتهاج والفرح إحياء لمناسبة المولد النبوي الشريف لهذا العام 1444هجرية، إذ تشهد اليمن احتفالات ضخمة وغير مسبوقة بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف الذي يحل في الثاني عشر من ربيع الأول كل عام.
وبعدما حل ربيع محمد هذا العام تزينت أرجاء اليمن بالألوان والأضواء المبهجة، وتلألأت الأرجاء في اليمن بالألوان والأضواء الليلية لتشكل لوحة فنية لا مثيل لها، حيث تكتسي سماء العاصمة صنعاء بالأضواء الخضراء ليلا، وتزينها اللوحات والزينة الفرائحية نهارا، ومثل صنعاء اكتست كل المدن اليمنية بالأنوار المحمدية ابتهاجا وفرحا واحتفالا بمولد الرسول الأعظم محمد – صلوات الله عليه وآله وسلم.
وتزينت شوارع وطرقات وأحياء المدن اليمنية بالأضواء الملونة الزاهية، داعية الجميع إلى المشاهدة لمشهد مبهج لا يحدث إلا في اليمن، وبمناسبة مولد رسول الله محمد – صلوات الله عليه وآله وسلم.
وتحتل مناسبة المولد النبوي الشريف في صدارة الإهتمامات الفرائحية التي يحييها اليمنيون كل عام في الثاني عشر من شهر ربيع الأول.
ويشكل عيد المولد النبوي الشريف في اليمن مناسبة متجددة تجسد عمق ما يربط اليمانيون برسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم، من أواصر الانتماء والولاء الدائم والبيعة المتجددة، كما يسجد التوقير والتعزير والتقدير والحب الذي يحمله اليمنيون لرسول الله محمد صلوات الله عليه وآله وسلم.
ويعتبر شهر ربيع الأول كل عام موسما فرائحيا يحييه اليمنيون بالأنشطة والفعاليات والندوات واللقاءات والأناشيد والمدائح والمسابقات والألوان والأضواء وبكل الوسائل وصور وأشكال الفرح والابتهاج، وفي يوم الثاني عشر من ربيع الأول كل عام يحتشدون فيه إلى ساحات المناسبة بالملايين.
وتعد مناسبة المولد النبوي الشريف محطة يمانية يجدد فيها اليمانيون بيعتهم لرسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم، وفرصة أيضا لشحذ الهمم ولتجديد العزائم المستمدة من عزيمة وهمة أفضل الخلق وأعظم رسل الله وخاتم النبيين محمد صلوات الله عليه وآله وسلم.
وفي هذه المناسبة يتحدث الخطباء والشعراء والمثقفون والعلماء والقادة والشعب ليؤكدوا الوفاء الصادق لرسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم، وتجديد العهد بنهجه ورسالته الخاتمة لكل الرسالات السماوية، والهدف الحقيقي من الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي يتصدر مشهده كل العالم هو استحضار المعاني والقيم من رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم.
وقد أكد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته التي دشن بها فعاليات المولد النبوي الشريف في الأول من ربيع على أهمية أن يكون الاحتفال بهذه المناسبة هذا العام بشكل غير مسبوق، وباحتشاد ملاييني في ساحات المولد النبوي الشريف عصر الثاني عشر من ربيع الأول.
وفي هذه المناسبة لبست كل مدن اليمن وقراه وأريافه حلة جديدة يعبر اليمنيون عن فرحتهم وابتهاجهم وتعلقهم وارتباطهم برسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم، فهي ذكرى ومناسبة يبتهج فيها الشعب اليمني قاطبة في كل ربوع وسهول وجبال اليمن،، ويفرح بها ويستبشر ويعبر عن ذلك بصور وأشكال متعددة.
كما أنها مناسبة لتأكيد الخيارات الأصيلة لليمن من خلال المواقف التي يؤكدها عاما بعد عام قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطاباته بالمناسبة الكريمة، لذلك فإن لعيد المولد النبوي الشريف دلالات عميقة، ومرامي بعيدة، ومقاصد شريفة، وأهدافا نبيلة يكرسها ويجذرها، ويجددها كل عام في قلوب أبناء الشعب اليمني.
وهذه المحطة السنوية المتجددة تأتي لتكرس المعاني الأسمى، والمبادئ الأرقى، وفضائل ومكارم الأخلاق، وتحفز الأمة إلى النهوض لبلوغ ذروة المعالي وعزة الأحوال والسيادة والريادة والتفوق، ولتفتح أعينها على أعظم خلق الله وأطهرهم وأعلاهم شأنا وأرفعهم منزلة وأجلهم حكمة ووقارا وسيادة، وتعود إليه كمنهاج وقيمة ومعنى وقدوة وأسوة ورمز خالد، والحق أن الواقع البائس للأمة يقتضي هذه العودة بل ويفرضها.
يقول عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد الفرح، إن ربيع الأول يعد موسماً لتجديد الولاء والعهد للسير والاستقامة وفق سنة الرسول التي سار عليها ورسمها للأجيال من بعده ومنها: الموقف الواضح والصريح من أعداء الإسلام، جهاد المعتدين ومواجهة الظلم، وقطع الولاء والتبعية لليهود والنصارى وأوليائهم، العمل على إقامة القسط والعدل في الحياة.
لقد بعث الله محمدا رسولا عربيا من نسل إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، فأنزل معه الكتاب والإيمان والحكم وخصَّه بالرسالة الخاتمة للحياة الدنيا، في زمن كان العرب يعيشون أسوأ الانحطاط والفوضى والتيه والبؤس والظلام والجاهلية الجهلاء، لكنهم جعلوا من نبيهم قصة تكتب وتطبع للقراءة والاطلاع لا للاقتداء والتأسي والسير على هداه ونهجه وليكون الرمز والقدوة والقائد والهادي والأسوة الحسنة، واستبدلوا به رموزاً آخرين منحطين، فحصل التيه والضعة والتردي والهوان والانتكاسات الكبرى منذ ما بعد وفاته صلوات ربي عليه وآله وسلم.
إن الاحتفالات المهيبة التي تشهدها اليمن بمناسبة مولد المختار محمد رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم، وبما يجسد الارتباط والانتماء وبما يعلي من شأن نبيبنا ورسولنا الخاتم لرسول الله وبما يعبر عن محبتنا وتوقيرنا له وشكرنا لنعمة الله به علينا، كاف وضامن لنا أن نكون شعبا ليس في صدارة شعوب الأمم احتفالا، بل في صدارتها قوة ورفعة وعزة ومعنى وسيادة، وضامن لنا بأن نكون الأعلين عند الله والسادة في هذه المنطقة إن لم يكن العالم.
ما نشهده في هذه المناسبة في كل عام، يجسد حقيقة معنى قول رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم لأصحابه، الإيمان يمان والحكمة يمانية» وقوله «إذا هاجت الفتن آخر الزمن، فعليكم بأرض اليمن فإني أجد نفس الرحمن في اليمن» والحق نقول اليوم هذا هو نفس الرحمن يا رسول الله وهذا هو يمن الإيمان والحكمة والأنصار والمواسين.
ففي الأثر كان رسول الله يخرج إلى حجاج بيت الله في كل عام، ويلتقي بهم قبيلة قبيلة عله يجد قبيلة تحمل الرسالة وتحتضن الدعوة الإسلامية بعدما نشبت قريش حربها وحرابها ضد المصدقين المؤمنين به، ثم يعود عاما بعد آخر، فبعض القبائل تقبل بشروط مجحفة، أما الأخرى فترفض بشكل صارخ، لكن الله هيأ له أنصارا يمانيين من الأوس والخزرج، القبيلتان اللتان سكنتا يثرب منذ عهد الملك اليماني تُبّع الحميري، وما إن التقى رسول الله بزعماء الأنصار حتى بايعوه بيعة يمانية خالدة تتجدد في كل أوان وزمن وحين إلى يومنا هذا، وفي هذا الزمن وإن تاه العرب وضلوا فقد هيأ الله شعب يمانيا مفعما بالإيمان والحكمة يحمل مجددا هذا النسيم ويتلاقى مع الأجداد الذين بايعوا وآووا ونصروا وجاهدوا وآثروا في الضيق والخصاصة، ولسان حالنا كما حال أجدادنا الأنصار:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكـر عليـنا مـا دعــــا لله داع
أيّها المبعوث فينا جئت بالأمر المطـاع
جئت شرّفت المديـنة مرحباً يـا خير داع
ومن المنتظر أن تشهد احتفالات المناسبة هذا العام يوم الثاني عشر من ربيع الأول حشودا مليونية في عشرات الساحات التي تكتظ بالمحبين لرسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم، حيث تعمل اللجان المنظمة والأمنية والإعلامية وكل التشكيلات في الميدان على تجهيز ساحات الاحتفالات وترتيبها وتهيئتها لاحتفالات تليق بصاحب المناسبة عليه الصلاة والسلام، وتعبر عن التعظيم والتوقير له صلوات الله عليه وآله وسلم.