-بينما كانت طوابير السيارات والمركبات تسد الأفق في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات، بعد عودة أزمة المشتقات النفطية مجددا إثر خرق تحالف العدوان للهدنة واستئناف قرصنته على سفن الوقود، ومنعها من دخول ميناء الحديدة، كانت أمريكا تباشر تسويق مبادرة جديدة، تهدف كما تقول لتوسيع وتمديد الهدنة.. ربما لأكثر من شهرين كما يتوقع كثير من المراقبين، وكأنها لا تعلم شيئا بخصوص الانتهاكات والتنصّل وعدم الالتزام ببنود الهدنة الحالية التي تعيش أسابيعها الأخيرة، خصوصا ما يتعلق بضمان انسيابية تدفق المشتقات النفطية والمواد الضرورية إلى ميناء الحديدة، مع أن هذه الأمور قضايا إنسانية ما كان ينبغي أبدا أن تُقحم في إطار المفاوضات السياسية والأمنية، أو أن يستثمرها أي طرف لتحقيق مكاسب سياسية، ناهيك عن مسألة مرتبات الموظفين التي لم توافق صنعاء على تمديد الهدنة الأولى، إلّا بالتزام الأطراف المعنية والراعية بصرفها لكافة موظفي الدولة بما فيها المرتبات المتأخرة وضمان استمرارية الصرف شهريا بصورة منتظمة.
-اليوم، وعلى بعد ثلاثة أسابيع فقط من انتهاء هدنة الشهرين في نسختها الثالثة، لم يظهر إلى السطح أي معلومات مؤكدة، عن المرتبات ولا إلى أين وصلت المفاوضات بشأنها، وكل ما رشح بهذا الشأن، لم يتعدّ الشائعات والتأويلات والأماني التي تتلاعب بمشاعر الملايين.
-الولايات المتحدة، أشادت- ومعها السعودية والاتحاد الأوربي- بما أسموه اللفتة النبيلة من قبل « الحكومة الشرعية» بالسماح لسفن الوقود بالدخول إلى ميناء الحديدة لدواع إنسانية، ومضوا يطالبون الشعب اليمني المطحون بتقديم تنازلات إضافية نظير حصوله على أقل ما يمكن من حقوقه المشروعة.
-عادت أمريكا الآن لتتحدث من جديد وعلى لسان وزارة خارجيتها عن مبادرة توسيع الهدنة والفوائد الجمة لذلك التوسيع، حيث ستتحقق فوائد ملموسة للشعب، منها- بحسب الخارجية الأمريكية- صرف مرتبات موظفي الخدمة المدنية وفتح مطار صنعاء على وجهات جديدة.
-الفوائد التي أشار إليها بيان الخارجية الأمريكية، حمل في طياته الكثير من الرسائل السلبية المخيبة للآمال بالنسبة للشعب اليمني، الذي كان يخالجه بصيص أمل بإمكانية صرف المرتبات وإحداث تحسين ملموس على الوضع الإنساني قبل انتهاء الهدنة مطلع أكتوبر المقبل، وأن ذلك سيكون بمثابة بادرة حسن نية من الأطراف الأخرى، قبل أي حديث عن تمديد وتوسيع الهدنة.
-للمرّة الألف نؤكد أن صرف رواتب الموظفين، يتصدر الملف الإنساني ولا يقبل أي مساومة أو تسويف أو مماطلات بشأنه، ونشدّ على أيدي المفاوض الوطني عدم إبداء أي تساهل أو مرونة حول هذه القضية الإنسانية الملحّة، وليجعل صرف المرتبات شرطا رئيسيا قبل إبرام أي اتفاق جديد، فقد أثبتت الهدنة خلال الستة الأشهر الماضية، أن العدو لا يحترم المواثيق والعهود ولا يكترث لمعاناة الشعب اليمني، وسيظل على دأبه في التهرّب والمغالطات، وسيعمل كل ما بوسعه من حيَل وألاعيب من أجل ترحيل ملف الراتب من هدنة إلى أخرى، إذا لم يواجه بالحزم الكافي. قال تعالى «أو كلّما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون « صدق الله العظيم.