الهدنة الأممية المؤقتة في مهب الريح

افتتاحية الثورة /

 

تواجه الهدنة الأممية- التي مُدِّدت لثلاث مرات متتالية- تهديدات مصيرية ستدفع الشعب اليمني وقيادته الوطنية إلى المضي في خيارات عسكرية تضع حدا للتعنت والصلف والغطرسة والاستهتار الذي يمارسه تحالف العدوان إزاء الهدنة التي تصل اليوم إلى أيامها الأخيرة بفعل نكوص تحالف العدوان عن بنود الهدنة وسلوكه الانقلابي تجاهها.
مثلت الهدنة الأممية المؤقتة فرصة ثمينة كان يجب أن تهيئ الأجواء أمام مفاوضات سياسية شاملة تحقق السلام للجميع، لكن النهج المتعنت لتحالف العدوان لم ينطو على أية بوادر إيجابية تشجع اليمنيين على ذلك ، بل عمل بكل وضوح على إهدار هذه الفرصة الثمينة التي لن تتكرر حينما تسقط وتنتهي مدد الهدنة المؤقتة، وسقوطها اليوم يعني أن تبعاتٍ وأثماناً كبيرة جدا سيدفعها تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي.
لقد تضمنت الهدنة الأممية المؤقتة- منذ يومها الأول- مقررات وبنودا واضحة ومحددة، وأهمها أن يلتزم تحالف العدوان بوصول ثماني عشرة سفينة وقود كل شهرين إلى ميناء الحديدة وأن يكف عن قرصنتها في نقاط التفتيش التي ينصبها عرض البحر الأحمر، وأن يسمح بتسيير رحلات جوية من مطار صنعاء باتجاه خطي الأردن والقاهرة بواقع رحلتين كل أسبوع، لكن تحالف العدوان لم يتوقف عن جريمته الموصوفة بالإرهاب والقرصنة بحجز سفن الوقود وخطفها ، والحال كذلك لم يسمح بتسيير الرحلات الجوية المقررة، فما زال خط «صنعاء- القاهرة» مغلقا لم يستقبل أي رحلة جوية.
ورغم التمديد الثالث الذي ينتهي الشهر الجاري، واصل تحالف العدوان حجز سفن الوقود وقرصنتها عرض البحر، حتى بلغ عدد السفن المحتجزة اليوم تسع سفن مضى على أغلبها شهرا كاملا في الحجز البحري ، فضلا عن استمرار العدوان في رفض تسيير الرحلات الجوية المقرة في بنود الهدنة الأممية المؤقتة وإعاقة فتح خط «صنعاء القاهرة» الذي لم تقلع فيه أي رحلة جوية منذ بدء الهدنة، علاوة على ذلك لم يحرز أي تقدم يذكر في مفاوضات صرف المرتبات للتوصل إلى آلية صرف متفق عليها ، هذا كله يضع الهدنة اليوم في محطة وصول أخيرة.
ذهب المبعوث الأممي إلى عواصم العدوان مؤخرا ومثله عمل المبعوث الأمريكي وعادا بلا نتائج ، تجددت الهدنة للمرة الثالثة وحددت بوضوح مسارا واضحا لتوسيع الهدنة بشمول صرف المرتبات ورفع الحصار كليا عن موانئ الحديدة وزيادة عدد الرحلات وتوسعة خطوطها ، وعلى خلاف ذلك شدد العدوان في جريمته باحتجاز سفن الوقود وقرصنتها أكثر مما سبق، إذ لم يسمح لأي سفينة بلوغ الحديدة منذ بداية التجديد الثالث ، واستمر في إعاقة تسيير الرحلات ، وهو ما يضع الهدنة الأممية على حافة الانهيار الشامل، وصولاً إلى إعادة إشعال الحرب ولربما ستكون خيارا يمنيا لا بد منه.
منذ أمس بدأت أزمة خانقة في المشتقات النفطية تضرب البلاد بسبب انقلاب العدوان على عقبيه وتنصله عن مقررات الهدنة الأممية المؤقتة التي أقرت وأوجبت على العدوان بأن يكف عن حجز السفن ، منذ بداية التجديد الثالث للهدنة شدد العدوان في محاصرة اليمنيين وخنقهم، إذ لم يسمح لسفينة وقود واحدة من وصول ميناء الحديدة ، هناك تسع سفن محجوزة عرض البحر الأحمر اقتادتها سفن الحصار التابعة لتحالف العدوان إلى موانئ جيزان.
ما الذي تتصوره دول تحالف العدوان وهي تواصل قرصنة سفن النفط وحجزها ناكثة بذلك بنود الهدنة الأممية المؤقتة؟.. هل تعتقد أنها ستحصل على تنازلات إضافية عن الاستحقاقات الإنسانية والمعيشية للشعب اليمني ، كالمرتبات ورفع الحصار البحري والجوي كاملا وتحاول العودة بالأمور إلى مربعات سابقة ، وتنتظر من قيادة الشعب اليمني أن تفاوضها على التزاماتها ببنود الهدنة وتقدم لها مقابل ذلك تنازلات إضافية؟!.
لقد قَدّم الشعب اليمني ما يكفي من التضحيات، وتَحمّل أكثر مما يستوجب من الصبر، وقدمت القيادة الوطنية للشعب اليمني ما يكفي ويزيد من التنازلات سعيا وراء السلام ولتخفيف المعاناة ، ولم يعد لا الشعب اليمني ولا قيادته الوطنية في صنعاء مستعدة لتقديم أي تنازلات بل على خلاف ذلك ستعمل هذه القيادة على انتزاع حقوق الشعب اليمني بما امتلكه جيشنا وقواتنا الباسلة من قوات وصواريخ وطائرات بفضل الله، وبالتأكيد لن تقف قيادة الشعب اليمني مكتوفة الأيدي إزاء استمرار العدوان في محاصرة اليمنيين وخنقهم ، ولذلك يجب عدم نسف هذه الهدنة التي باتت في مهب الريح بفعل العنت والغطرسة التي يمارسها العدوان ، وباتت في أيامها الأخيرة بفعل انتهاء مدتها الثالثة دون أي تقدم يذكر في تحسين معيشة اليمنيين لا بصرف المرتبات ولا برفع الحصار الجوي والبحري كليا ، بل على خلاف ذلك تعمل دول تحالف العدوان.
والمؤسف حقا أن المبعوث الأممي لم يتحدث كما ينبغي عليه، بل مارست الأمم المتحدة دورا تضليليا فاضحا ينزع عنها صفة الوسيط المحايد ، وبصورة مكشوفة تتخادم مع أجندات تحالف العدوان الذي نكث عن اتفاقات الهدنة وبنودها وبما لا يدع لقيادة الشعب اليمني أي خيار غير المضي في عمليات عسكرية تشبه عمليات كسر الحصار التي أضرمت النار في منشآت النفط..
ومن الله النصر والسداد.

قد يعجبك ايضا