د.أحمد الكبسي.. نهر عطاء ومحبة ونجم لا يعرف الأفول

محمد القعود

١
هو نبعُ محبة.. ونهر عطاء.. وموكب ربيعٍ فخمٍ تتزاحم فيه روائع الجمال والمحاسن..
قلما تجتمع الصفات والأوصاف النبيلة والمكارم والسجايا والمزايا ورحابة الصدر وطيبة القلب.. ورجاحة العقل وسعة الحلم والعلم، في شخصٍ واحدٍ، يحظى بها ، وتحفل بها سيرته العطرة، وتتوشح بها وتتلألأ حياته وصفحات مشواره وإنجازاته العلمية والعملية والمهنية، وتتوَّج بها جبينه العالي والبهي والناصع كضوءٍ لا يخفت وكنجمٍ لا يأفل وكشمسٍ لا تغرب، وكفجرٍ لا يتأخر عن شروقه، وكربيعٍ سخيٍ يجود بعطاياه وكرمه على الجميع.
٢
أتحدث عن الذي أحسن الخالق خَلْقه وخُلْقه، ومنحه حب ومحبة الناس وسرّ القبول لديهم ، وترديد سيرته العبقة بالعطر والبهاء والمجد والذكر الطيب والحسن، والتباهي به كنموذجٍ بهي وعظيم ومتفرد وفارس شهمٍ ونبيلٍ ونقي العلانية والسريرة..
أتحدث عن هذا الرجل الكبير الذي أعطى عمره وجهده وعلمه وجلّ حياته من أجل وطنه وناسه وطلابه ومجتمعه، كسحابة مطر لم تتوقف، وكشجرة مثمرة دائمة العطاء والسخاء ، وكقلبٍ خفّاق ونابض بالحب والمودة والإيثار، دون منٍّ أو تفاخر أو تعالٍ أو تظاهر أو سعي لتحقيق مكسبٍ أو مغنمٍ أو صيت وترويجٍ أو بريقٍ وشهرة عابرة تلفت الأنظار وتحصد الأعجاب.
أتحدث عن أستاذي ومعلمي المرحوم الأستاذ الدكتور أحمد الكبسي -نائب رئيس جامعة صنعاء، عميد كلية التجارة والاقتصاد الأسبق- أستاذ العلوم السياسية؛ وقبل هذا وذاك الأكاديمي الإنسان الرائع ، الذي لا شبيه له إلا في النادر، والشخصية الوطنية العظيمة، ممن يتباهى بهم الوطن، ويعتز بهم، وممن له مكانة عالية المقام والسمو والنبل في قلوب ووجدان زملائه ومحبيه وطلابه الكُثر، والذي رحل في١٨/٩/٢٠٢١م.
٣
تتلمذت على يديه في قاعة المحاضرات والدرس، وتلقيت منه العديد من معارف علوم السياسة ومناهجها ومفرداتها، منها: أنظمة الحكم، إدارة الأزمات السياسية الدولية، والتحليل السياسي.. إلخ.
أما في مكتبه بكلية التجارة والمفتوح دائما أمام طلابه، فمن خلال أحاديثي ومناقشاتي معه، فقد كنت انهل واتزود من معارفه وعلمه الجم الكثير، وأتلقى فوائد وخلاصة مطالعاته وأبحاثه في العلوم السياسية، وملاحظاته ورؤاه السياسية العميقة والحصيفة تجاه العديد من قضايا وواقع وشؤون السياسة المعاصرة ومدلولاتها، ومتغيراتها، وعوامل تقلباتها وتحولاتها، وأسباب ذلك التغيّر والتغيير والتحوّل، من ظروف وشخوص ودوافع..
وكان مكتبه العامر بسجاياه وبمحبيه، أشبه بمنتدى ثقافي مفتوح أمام الجميع، وكان لا يطيب لي ولا أشعر بفائدة إلا بعدما أتوجه إلى مكتبه، والجلوس معه.. وخاصة عقب خروجه من محاضراته ودروسه، حيث كان يتواجد فيه عقب ذلك أو يتواجد فيه لوقت أطول في الأيام التي حددها لاستقبال زملائه وطلابه وزواره.
ودوماً كان يلقى ويستقبل الجميع بقلب وصدرٍ رحبٍ والابتسامة لا تفارق محياه الجميل.
ودوماً وعقب كل حديثٍ أو جواب يقول لمحدثه، بودٍ ومحبةٍ جملته المشهورة:( يعطيك العافية).
رحم الله أستاذنا العظيم البرفيسور – أحمد الكبسي وأسكنه الفردوس الأعلى.
وهذه سطور وخواطر عجلى لا تفي حق ومقام الراحل القدير، المقيم في قلوبنا ووجداننا..
ولي وقفة أخرى في قادم الأيام.. مع اعتذاري عن تقصيري وسوء كتابتي وتعبيري عن هذه الشخصية الملهمة والجليلة.

قد يعجبك ايضا