موضوعية العالم ونبل المجاهد

إذا جلس في القاعة محاضراً تدفق من لسانه نهراً من العلم يستقصي الشاردة والواردة

 

 

و لكن بعيدا عن فرد العضلات برص المصطلحات و سرد النظريات بغرض الإبهار و إنما في قالب من السلاسة و الموضوعية ، تشعر معه أن الرجل لا يستعرض عليك معارفه الموسوعية بل يحرص أن يشاركك إياها بكل سخاء وأنه لا يريدك أن تراه محلقا في المستوى الأعلى وأنما يريد أن يحلّق بك في مستوى أعلى ، شعور يؤكد لك صدقه دماثة الخلق و رحابة الصدر اللتان يستقبلك بهما حين تحدثه مستفهماً أو مستفسراً أو مستهدياً .. إنه الدكتور احمد مطهر الشامي الذي يحق لي ولزملائي أن نتحدث بفخر أننا تتلمذنا على يديه في المعهد العالي للقضاء لسنوات مختلفة ..
وجدناه مثاليًا في كريم السجايا و حسن المعاملة ، لكنه كان موضوعيا في أطروحاته العلمية وواقعيا صارماً في استقراء الواقع و المواءمة بين النظرية والتطبيق و هنا تكمن الفرادة في شخصيته التي امتزجت فيها – بانسجام -مثالية الإنسان بموضوعية العالم ونبل المجاهد ..
فلم يكن متميزاً فقط في الجانب المعرفي وامتلاكه شخصية متمكنة ، دائمة البحث ، بل تلحظ ذلك التميز متأصلاً في الجانب الإنساني فعندما تلوح الفرصة للتحدث معه تجد أنك أمام رجل يمتلك حداً لا يُصدق من التواضع ، ويدل هذا – فيما يدل – على الثقة الكبيرة بالنفس ، فكانت اللمحة الإنسانية العالية تظهر عليه في احلك الظروف ، فلا يُشير إلى معروف صنعه لأحد أو خدمة قدمها ، بل يتحرج عندما يُذكر هذا الشيء أمامه فترى قسمات وملامح الوجه تنبئك بضرورة تغيير الموضوع وكأنه يفضل أن تظل تلك اللمسات الإنسانية في علم الغيب ، ولها جزاءها عند علام الغيوب …..
رجل استثنائي ، لأنه فعلاً استثنائي !!
القاضي/ صفاء عبدالرحمن بني غازي

قد يعجبك ايضا