استطلاع / صقر الصنيدي –
حين قرر مغادرة مدينته تعز متجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية توقع كل من صافحه مودعا انه في طريقه للعمل في إحدى البقالات الكبيرة التي يشاهدونها في الأفلام الأمريكية – لكن الشاب هلال الأشول كان يحمل حلما آخر وتوجها من شأنه خلق نموذج يحتذى به في مختلف الولايات التي طافها خلال سنوات وهو يخاطب شباب آخرين قادمين من اليمن ينتظرون الخلاص من دراستهم الثانوية للالتحاق بعمل يدر الربح السريع ” كان يمكنني أن اختصر الطريق المسافة واعمل مثل أي شخص في محل تجاري لكني قررت تغيير الخط الذي سار عليه من سبقونا إلى هنا ” أراد هلال بهذه الكلمات تغيير مسار سامعيه ممن اعتادوا تقليد آبائهم في رحلة الاغتراب .
بينما هو لم يرد إكمال الرحلة التي بدأها جده في العام 1934 أو أبوه في العام 1954 لقد سلك طريقاٍ آخر أن يغادر أصدقائه في الثاني الثانوي مدرسة الفاروق تعز وفي قلبه شوقاٍ إليهم ولا يصل إلى أرض الولايات المتحدة ليكرر ما قام به من سبقوه “لم تكن المادة هدفا في حد ذاتها ومنذ فترة غير قصيرة أصبح الهاجس كيف أصل إلى التأثير على المحيط من حولي وطبيعة الخدمة التي أقدمها للمجتمع” يعرف الشاب الطموح أن ما قاله لن يحدث مالم يلتحق بالتعليم وقد اختار عقب إتمام الثانوية جامعة نيويورك ستي وفيها ازدادت تطلعاته وترسخت نواياه “منذ البداية كان الحافز لتعلمنا كيف نحصل على شهادات علمية وكيف نصل إلى مرحلة نقدر فيها على التأثير في المجتمع بشكل إيجابي وهذا الإحساس يزيد ويتضاعف كلما زادت إمكانياتنا على فعل ذلك ” كان حزنه على عدم التحاق العديد من أبناء موطنه الأصلي في التعليم الجامعي يتحول إلى إصرار وعزيمة وواقع .
الامتياز
حصل من نيويورك ستي على الامتياز يومها لم يكن وحده المحتفي بهذه النتيجة بل كانت الأسرة مشاركا رئيسيا له فقد خاض والده وجده من قبله مغامرة التنقل في الأعمال التجارية ومكافحة متطلبات الحياة وسط مجتمع لم يعد يعترف بغير المراتب العلمية ” لم أكن مسروراٍ وأنا أرى أن الجاليات الأخرى العربية منها خاصة اللبنانية وغيرها وهم يحققون تقدما ويتولون مواقع قيادية في الولايات التي يتواجدون فيها بينما الجالية اليمنية لا تقدم الكثير في المجال العلمي”.
بعدها كان قد وضع هلال الأشول نفسه في الرهان ولم يعد يقبل الاكتفاء بالبكالوريوس فاستمر في تلقي العلوم حتى نال درجة الدكتوراه عام 1999 من جامعة تكساس ومعهد سكريبس للأبحاث – عقب ذلك أخذت الطريق تزداد وضوحاٍ وليس من الممكن أن يلتحق في أي عمل يخالف توجهه ولم يعد أحد من أقاربه أو ممن عرفوه في الولاية جاهزاٍ بأٍن يسمح لعينيه رؤية هلال خارج الإطار الذي خطه لذاته .
فور تخرجه اتجه للعمل بمرتبة “زميل باحث” في معهد بيكوار للأبحاث الطبية في “لونج آيلاند نيويورك”.
في عام 2001 انتقل إلى الكلية الطبية بجامعة هارفارد ” الجامعة الأولى عالميا حسب التصنيف السنوي للجامعات ” ومستشفى بريجام والمرأة كزميل باحث في مركز الأمراض العصبية حيث تمت ترقيته لاحقاٍ إلى مرتبة محاضر في علم الأعصاب (2001- 2004).
في تلك الأثناء وبينما كان الدكتور ناصر زاوية “حاليا يشغل منصباٍ في مجلس إدراة جامعة رود ايلاند الأمريكية ” وشارك في إحدى المؤتمرات العلمية التقى الدكتور هلال الأشول الذي يتابع أبحاثه في المجلات العلمية يقول زاوية ” لم أكن أعرف أنه يمني فقط كنا نعرف بعضنا من الأبحاث التى نقدمها في المجلات المتخصصة ” .
لقاءات
تطورت تلك اللقاءات بين أبناء البلد الواحد لتتشكل الجمعية الأمريكية للعلماء والمهنيين اليمنيين والتى تم تأسيسها في البداية من قبل أربعة أشخاص لتستوعب العشرات فيما بعد وقطع الاثنان معاٍ آلاف الكيلومترات في أرجاء الولايات لحث الآباء المغتربين مع أبنائهم أن يتيحوا الفرصة لأبنائهم بإكمال تعليمهم ” كنا نوحي إليهم أن التقدم في الدراسات العليا ممكن في هذه البلاد التى توفر أفضل الوسائل وكانوا يتجاوبون وهم يرون نماذج أمامهم التحقت بالتعليم ومضت فيه وأن الامر ممكن ” .
شكلت تلك الدروس والمحاضرات نقلة في حياة الكثيرين ممن التحقوا بالجامعات الأمريكية من الجنسين ” عندما أرى الأن أعداداٍ كبيرة من أبناء المغتربين وهم يلتحقون بالتعليم العالي أشعر بالفخر وأشعر أننا نجحنا في مهمتنا التى يتولاها الآن غيرنا ممن يعملون بكل إخلاص واجتهاد في مختلف الولايات الأمريكية , تتحقق أهدافنا عندما نريدها وعندما نطرق الباب معا “.
في عام 2005م التحق الدكتور هلال الأشول بالمعهد التقني الفيدرالي العالي بسويسرا حيث كان تولى إدارة مختبر لأبحاث الأعصاب .
بالنسبه للأبحاث التى ينجزها الدكتور هلال الأشول فهي تركز على توضيح الآليات الجزيئية لمرضى الزهايمر وباركنسون ووضع استراتيجيات علاجية جديدة لهما.
وتفيد معلومات عديدة أن مختبره يحصل على الدعم لإجراء الأبحاث من عدة مؤسسات ومنظمات عالمية وقد تم ترشيحه قبل فترة للحصول على جائزتين عالميتين جائزة حدود العلوم البشرية للباحثين الشباب وجائزة المجلس الأوروبي للبحث العلمي وبلغت قيمتهما 2.5 مليون دولار منحت للدكتورالأشول لترجمة بعض أفكاره البحثية.
نشر هلال الأشول خلال رحلته العلمية مئة بحث علمي في مجلات علمية عالية المستوى ولديه ثلاث براءات اختراع في استراتيجيات جديدة لمنع تجمع البروتين وعلاج أمراض المناعة الذاتية والإلتهابات و تلقى أكثر من 100 دعوة لإلقاء محاضرات منذ عام 2002. كما أنه محكم وعضو ªيئة تحريرفي العديد من المجلات الدولية ووكالات التمويل .
والدكتور الأشول حاصل على عدة جوائز وشهادات تقدير من ضمنها جائزة مجلس الأبحاث الأبحاث الأوروبي للباحث الشاب وفي العام 2009م تم تسمية الدكتور هلال من قبل مجلة الأعمال السويسرية L’Hebdo ضمن قائمة المائة شخصية المؤثرة في سويسرا الناطقة باللغة الفرنسية. وفي مارس 2012م تم تسمية الدكتور الأشول من قبل منتدى الاقتصاد العالمي كواحد من القيادات العالمية الشابة .
ولم يكن مفاجئاٍ أن تعلن قبل أيام مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع عن تعيين الدكتور هلال الأشول مديرا تنفيذيا لمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي .
ورغم انشغالاته بالمجالات البحثية الا أنه قدم مع آخرين منذ أشهر دراسة تشخيصية متكاملة عن وضع الطلاب اليمنيين المبتعثين في الخارج ووجه نداءات عديدة تضامناٍ معهم حتى يتجاوزوا المعوقات ويتفرغوا للتحصيل العلمي .
لقد أثر في حياتي
طبقا لفائزة السليماني وهي أحد الذين عملوا مع هلال خلال السنتين الماضيتين في مشاريع طوعية فإنه من أكثر الشخصيات في الخارج اهتماماٍ بالمتغيرات التي حدثت في الداخل , عملت معه في عدة مشاريع وفي كل مشروع كنت اتعلم منه الكثير فهو نبع للعطاء اللامحدود يعطى من حوله بكل صدق وتفانُ.
وتضيف السليماني فضلا عن كونه شخصية علمية معروفة فإن اختياره كأحد القادة الشباب والمؤثرين من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي كان له بالغ الأثر.
وترى فائزة أن الأشول يدأ بيضاء تنشر الخير أينما حلت , يدهشك بقدرته الكبيرة على إدارة العديد من المشاريع في آن واحد بالرغم من جداول عمله المزدحمة. أثر في حياة الكثيرين و أثر في حياتي بشكل أكبر فقد علمنا التفاني في العمل الطوعي واتقان الأعمال بشكل مختلف عن غيرنا وتستمر بالقول معلم ومرب بكل ما تحويه الكلمة فبالرغم من كل شيء يضرب فإن الدكتور أروع الأمثلة في حب الوطن والعمل بإخلاص للنهوض .