ما تريده أمريكا من المنطقة..ورسائل يوم الولاية

رئيس التحرير – عبدالرحمن الأهنومي


استبق الرئيس الأمريكي، جو بايدن، القمة الأمريكية المشتركة مع عرب التطبيع والخيانة في جدة ، بزيارته للكيان الصهيوني ، وبتأكيده مواصلة نهج أمريكا في تقديم الدعم المطلق للعدو الصهيوني ، قاطعا صهيونيته بوضوح، حين قال بلفظ صريح «أنا صهيوني وإن لم أكن يهوديا» ، ليضع المنطقة بين خيارين لا ثالث ولا وسط بينهما ، إما التطبيع والصهينة ، أو المقاومة والمواجهة لها.
وعلى هذا النحو تريد أمريكا تشكيل المنطقة بين أصدقاء وحلفاء العدو الصهيوني ، وبين أعداء وخصوم العدو الصهيوني ، فالأولون يرون في التطبيع مع العدو الصهيوني وفي تشكيل تحالفات عسكرية مشتركة مع الصهاينة ضرورة استراتيجية لمواجهة ما يسمونها «مواجهة الأخطار المشتركة التي تجمع (إسرائيل-وهذه الدول)» ، والآخرون يرون ضرورة مواجهة العدو الصهيوني باعتباره الخطر الأساسي والرئيسي الذي يتربص بالمنطقة والأمة الإسلامية ، وألا سبيل للأمن والاستقرار في المنطقة إلا بزوال هذا الكيان اليهودي الذي ينظر للعرب وللمسلمين كأعداء يقتلهم، أو عملاء يطوعهم ويروضهم لمصالحه..لقد ركز بايدن – الذي يُعرف بأنه الأكثر من بين الرؤساء الأمريكيين معرفة بالصهاينة واطلاعا بهم – أن يكرس جولته إلى المنطقة في اتجاهين: الأول ، توطين العدو الصهيوني في المنطقة من خلال تقوية المحور الصهيوني بحشد المزيد من عرب التطبيع لتعزيز أمن وحماية الكيان الصهيوني وتأكيد الدعم المالي المفتوح والمطلق، وهذا ما ركز عليه بايدن في تصريحاته من الأراضي الفلسطينية المحتلة ، التي قدم فيها للكيان الصهيوني ما يطمح إلى تحصيله وهو مزيد من التسليح والدعم المالي.
والثاني هو مواجهة محور المقاومة وتعزيز جبهات الحرب على أركان المحور الذي يقاوم العدو الصهيوني ويواجهه ويتصدى له ولمخططاته ويجاهد لزواله ، بدءا بالمقاومة الفلسطينية في غزة ، ووصولا إلى إيران ولبنان وسوريا واليمن ، وهذا ما ركز عليه بايدن في بيان القمة التي رأسها في جدة وأحضر إليها جملة من أمراء وملوك ورؤساء أنظمة التطبيع العربي.
يروج المطبعون العرب بأن مخاطر ومصالح مشتركة تجمعهم بالعدو الصهيوني يتحالفون ويطبعون ويخونون لأجلها ، أما المخاطر فهي المقاومة الفلسطينية وحزب الله وإيران واليمن وسوريا ، أي كل أحرار الأمة الذين يمضون في خيار المقاومة للعدو الصهيوني باتت تشكل خطرا مشتركا بين الصهاينة والمطبعين ، أما المصالح المشتركة التي يروجون بأنها جمعتهم مع الصهاينة كالتبادل التجاري والتكنولوجي فهي ليست إلا مصالح صهيونية بحتة ، إذ هم يحولون المنطقة إلى سوق تجاري مفتوح للمنتجات والصناعات اليهودية ويعززون المكاسب المالية والاستخبارية للعدو الصهيوني وهذا كل ما في الأمر.
لم تتحول الصهيونية اليهودية إلى صديق للمسلمين والعرب ولا إلى فاعل خير للعرب والمسلمين ، فالله تعالى في القرآن الكريم يشهد بأنهم أعداء لن يكونوا أصدقاء للعرب والمسلمين أبدا ، إذ يقول الحق تبارك وتعالى «وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ»، والحقيقة أن هؤلاء المطبعين الذين باتوا يرون في التهديدات التي تواجه الصهاينة تهديدات ومخاطر عليهم لم يعودوا عربا ولا مسلمين بل صهاينة بالولاء والله يقول «ومن يتولهم منكم فإنه منهم» ، ولهذا صارت التهديدات والمخاطر التي تواجه الصهاينة هي نفسها التي ينظر المطبعون على أنها تهديدات ومخاطر تواجههم ، وصار محور المقاومة خصما وعدوا للمطبعين، كما هو للصهاينة.
وليس بالضرورة أن يكون هؤلاء يهودا ليصبحوا صهاينة، وعلى قاعدة بايدن نفسها يكفيهم أن يكونوا صهاينة عرب ، وما كان لهم أن ينسلخوا من ذواتهم وهويتهم ويصبحوا بيادق ومجندين لأعدائهم إلا لأنهم تركوا مبدأ ولاية الله سبحانه وتعالى ، ورسوله صلوات الله عليه وآله وسلم ، وولاية الإمام علي عليه السلام ، وتولوا أمريكا وترامب وبايدن وبوش وأسلافهم.
ولهذا كله فإن تحصين الساحة من هذا الخرق للدين وللقيم وللمبادئ الإسلامية ، ومن الاستباحة الصهيونية اليهودية ينطلق من يوم الولاية كمحطة سنوية نحييها في أنفسنا وفي ساحاتنا وفي مدارسنا وفي مساجدنا وفي ثقافتنا السياسية والدينية والإيمانية ، لنفرق بين الحق والباطل ، وبين العدو والصديق ، وبين ما يتوجب علينا وما يجب علينا الحذر منه ، وعلى هذا نبني واقعنا بشكل سليم.
ولا يبدو أن توقيت الزيارة الأولى لبايدن منذ انتخابه جاءت صدفة بل كانت مختارة بعناية ، فقد جاءت بعد أيام من انقضاء موسم الحج الذي يفترض أن يكون إيذانا إسلاميا بالبراءة من اليهود والنصارى، وتزامنا مع عيد الغدير أو يوم الولاية للإمام علي عليه السلام التي نعتبرها محطة إسلامية هامة ننطلق منها في تحصين الأمة من الاختراق وفي فرز المواقف.
ما يفترض بنا اليوم في مواجهة مفاعيل جولة بايدن التي وضعت استهداف المقاومة على رأس سلّم أولوياتها ، أن تندفع كل قوى محور المقاومة والجهاد إلى تعميق حالة التشبيك والتحالف وتوحيد ساحات المعركة وعلى قاعدة معادلة القدس الإقليمية، والردّ على الحلف الأمريكي الإسرائيلي التطبيعي، بالإضافة إلى ما سمعنا من بيانات وكلمات ومواقف ، لابد أن نشهد تعزيز التحالف العربي الإسلامي الجهادي في المنطقة طالما كان المستهدَف من هذه القمم الصهيونية هو الأمة الإسلامية وأحرارها ومقدساتها..

قد يعجبك ايضا