مع استمرار طيران العدوان الاستطلاعي والتجسسي المسلح

اليمنيون يحتفلون بعيد الأضحى وسط هدنة هشة

العدوان تجاهل صرف المرتبات ما ضاعف المعاناة

الهدنة عجزت عن تحقيق تقدم في ملف الطرقات والسعودية رفضت تفويج الحجاج عبر مطار صنعاء

الثورة / إبراهيم الوادعي

احتفى اليمنيون للمرة الأولى بعيد الأضحى وسط هدنة هشة وانقطاع مؤقت للغارات الجوية ، وخفوت قرقعة السلاح في الجبهات الداخلية وتلك العابرة للحدود مع العدو السعودي والإماراتي، ولم شمل عائلات فرقتها الحرب.
فرغم محدودية الرحلات الجوية إلى مطار صنعاء وفقا للشق الإنساني من الهدنة الأممية ،فقد احتفت عدد من الأسر اليمنية في عيد الأضحى مجتمعة بعد ثماني سنوات من الشتات، وعجز من كانوا عالقين في الخارج عن العودة إلى وطنهم ، نتيجة إغلاق مطار صنعاء ، وخطورة عودتهم عبر مطار عدن ، فعدد من الذين اختاروا العودة عبر مطار عدن انتهى بهم الأمر قتلى في نقاط المسلحين أو مخفيين في سجون مليشيات التحالف السعودي الأمريكي المتقاتلة في جنوب اليمن ، لقد شكَّل فتح مطار صنعاء علامة بارزة في الهدنة وطاقة أمل للناس المنهكين خلال سنوات الحرب والحصار ، رغم استمرار التحالف في التلاعب بمقتضيات بنود الهدنة الإنسانية وعدد ووجهة الرحلات المتفق عليها.
لم تسهم الهدنة الأممية التي جرى التمديد لها شهرين إضافيين في وقف الخروقات التي تقول صنعاء إن مرتزقة العدوان التحالف السعودي الأمريكي والتحالف نفسه يرتكبونها في ظل الهدنة، إذ يستمر مرتزقته بتنفيذ الهجمات المباغتة والقصف المدفعي واستخدام مختلف أنواع الأسلحة طمعا في تحقيق مكاسب أو تعبيرا عن رفضهم للهدنة التي تسرق جزءا من ثرواتهم التي تضخمت بفعل الحرب والعمالة لغير بلدهم.
وتقول صنعاء أيضا وفقا لتقارير رصد خروقات الهدنة إن طيران العدوان الاستطلاعي والتجسيي المسلّح نفذ خروقات ، والذي توقف كلياً رغم تسجيل خرق أو خرقين في جبهة حرض هو طيران العدوان الحربي المسلح الذي غاب عن الأجواء اليمنية بعد أن ظل لا يفارقها طيلة أكثر من سبع سنوات ونفذ غارات تجاوزت أو اقتربت من المليون غارة.
يحتفل اليمنيون بعيد الأضحى وسط معاناة كبيرة جرّاء ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وانقطاع الرواتب ، رغم حديث عن طرح هذه القضية المؤرقة على طاولة تمديد الهدنة مطلع يونيو الفائت ، لكن لا وجود أبناء سارة حتى الآن.
انقطاع الرواتب ضاعف من معاناة المدنيين والحكومة في صنعاء التي تجهد قبيل كل عيد لصرف نصف راتب بالكاد يوفر بعضا من الضروريات لكنه لا يرفع المعانة بتاتا ، فالتحالف السعودي الأمريكي عمل خلال سنوات الحرب العدوانية على تحطيم الريال اليمني، فبعد أن كان الدولار يساوي 215 ريالا ، انخفضت قيمة الريال اليمني إلى مقابل 1200 ريال للدولار الواحد في المناطق التي يسيطر عليها تحالف العدوان و600 ريال في المناطق المحررة.
إجراءات حكومة صنعاء لإبقاء الدولار عند حدود 600 ريال خفضت قليلا من المعاناة، لكنها لا ترفعها، فتحالف العدوان يسيطر على منابع الثروة ويغلق ميناء الحديدة ومطار صنعاء والمنافذ البرية ورفع التعرفة الجمركية على السلع ، ما جعل الأسعار تتضاعف مرات عدة ، في ظل انقطاع الرواتب عن مليون ونصف المليون موظف حكومي ، وتضرر مختلف الأنشطة الاقتصادية تبعا لذلك وكذا رفع التعرفة الجمركية من قبل مرتزقة العدوان في عدن – الدولار الجمركي = 500 ريال – وفرض الاستيراد حصراً عبر ميناء عدن البعيد عن مناطق الكثافة السكانية ، واتاوات نقاط المسلحين ، جميع ذلك انعكس في زيادة معاناة على اليمنيين.
والى كل ما سبق أتت الأزمة العالمية على صعيدي الغذاء والطاقة لتضيف عبئا جديدا على ملايين اليمنيين المطحونين بتأثيرات تراكمية للحرب والحصار وتضاعف من جديد أسعار السلع الضرورية وتضيف شرائح مجتمعية جديدة إلى مربع العوز الشديد.
نجحت الهدنة الأممية فقط في جعل اليمنيين يصومون للمرة الأولى منذ ثماني سنين شهر رمضان ويعيِّدون الفطر والأضحى في ظل توقف المعارك وجنازات الشهداء ، رغم استمرار تحالف العدوان ومرتزقته في ممارسة الخروقات ، وسقوط ضحايا مدنيين نتيجة انفجار مخلفات الحرب وعجز الأمم المتحدة عن تزويد فرق كشف ونزع الألغام بالأجهزة الضرورية كون تحالف العدوان يمنع إدخالها – وفقا للمركز التنفيذي لنزع الألغام – والذي اكد في بيان له قبل أيام أن الأمم المتحدة تنصلت تماما عن توفير هذه الأجهزة الحيوية المنقذة لحياة الكثيرين وأوقفت برامج دعم فرق كشف ونزع الألغام في اليمن.
احتفل اليمنيون بعيد الأضحى وسط أعباء متزايدة ، فقد أضافت أزمة الغذاء والطاقة إلى حياتهم بؤسا جديدا نتيجة الارتفاع الكبير في أسعارهما، حيث وصل سعر كيس القمح في صنعاء إلى نحو 18 ألف ريال يمني ، وسعر دبة البنزين إلى 14 ألف ريال، والديزل إلى 17 ألف ريال وذلك مبلغ باهظ بالنسبة إلى قدرة المجتمع الرازح تحت ضغط الحصار والحرب الاقتصادية.
صنعاء التي كانت شبه خالية من الناس في أيام عيد الأضحى مزدحمة هذا العام ، فالكثيرون ممن كانوا ينتقلون إلى أقربائهم في الأرياف للاستمتاع بأجوائها ومشاركتهم لحوم الأضاحي بقوا في العاصمة ، فأسعار النقل باهظة ، ولحوم الأضاحي ارتفعت بشكل كبير.
بشكل خاص فرحة العيد مسروقة من أعين الأطفال، حيث تمتنع آلاف الأسر اليمنية نتيجة لظروف الحصار عن شراء ملابس جديدة لأطفالها وتلجأ لغسيل ملابس عيد الفطر ، وإجبارهم على لبسها في العيد مرة أخرى ، الأطفال في اليمن لا يعون تبعات الحصار لكنهم يلمسون ويعايشون ألمها وفق عالمهم الخاص.
وفقا لمسؤولين في صنعاء كان من المفترض أن تناقش الهدنة الممدة قضايا اقتصادية خالصة كتوفير رواتب الموظفين وإعادة توحيد السياسة النقدية والبنك المركزي ، لكن ذلك لم يحدث، فتحالف العدوان واصل المماطلة في هذا الملف ، وهو لم ينفذ بشكل كامل ملف الرحلات الجوية وأفشل عن قصد ملف الطرقات حيث أمضت جولات التفاوض في عمان بين طرف صنعاء والمرتزقة إلى فشل تام وانكشاف خضوع ملف الطرقات للابتزاز السياسي ما دفع صنعاء إلى فتح طرق إنسانية في تعز من طرف واحد قبيل عيد الأضحى في محاولة لتخفيف معاناة الناس هناك.
عجز الهدنة الأممية عن تحقيق تقدم في هذا الملف انعكس أزمة مستمرة في مادة الغاز المنزلي، حيث تضطر شاحنات نقل الغاز إلى سلوك طرق ملتوية وصحراوية لإيصال مادة الغاز من صافر إلى صنعاء ، وأجبر كذلك الحجاج على أن يسلكوا ما يزيد عن 1200 كيلو متر للوصول إلى منفذ الوديعة والسفر إلى الديار المقدسة ، حيث ترفض السعودية تفويج الحجاج عبر مطار صنعاء أو منافذ برية أقرب في سياق محاصرتها لشعيرة الحج وانتهاجها عقاباً جماعياً على اليمنيين الرافضين لاستمرار هيمنتها على بلدهم.
تصريحات مسؤولي صنعاء تشير إلى سلبية التقييم الكلي للهدنة وأن تمديدها لن يكون وفق القواعد السابقة إن أراد الطرف الآخر ذلك ، بعد أن تنصل تحالف العدوان عن التزاماته كليا أو جزئيا في الهدنتين الأولى والثانية ، لم يتم الإفصاح عن القواعد الجديدة لتجديد الهدنة كما أن الحديث عن إنهائها والعودة إلى القتال على لسان المسؤولين في صنعاء وارد ، وكان لافتا عودة أخبار التحشيد والمعسكرات التدريبية إلى شاشات التلفزيونات الوطنية في إطار إيصال رسالة عن الجهوزية لكل السيناريوهات.
صنعاء أكدت في أكثر من محطة انها دخلت الهدنة من باب إنساني لتخفيف المعاناة عن شعبها المحاصر منذ 8 سنوات، وأن الهدنة أضرت بها عسكريا حيث قواتها توقفت على أبواب مارب بعد تحقيق اختراقات عسكرية مهمة في البلق الشرقي ، وانسحاب قوات التحالف من حول مدينة الحديدة وإجزاء من الساحل الغربي.
يجري الحديث أمريكيا عن أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيبحث مع حلفائه في المنطقة تمديد الهدنة ، واشنطن في حاجة إلى الهدنة لكنها لا تريد منح صنعاء السلام ، وقد لا يكون عيد الأضحى هذا هو الأخير تحت النار والحصار.

قد يعجبك ايضا