بعد فشل مركزي عدن في وقف انهيار العملة الوطنية وعبث المرتزقة بوظائفه
خبراء اقتصاد يؤكدون: عودة البنك إلى صنعاء هو الحل لمعالجة الوضع الاقتصادي
الثورة / محمد الروحاني
لم يف بنك عدن المركزي بالتزاماته في حماية العملة الوطنية وصرف مرتبات الموظفين منذ صدور قرار نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء إلى عدن بضوء أمريكي في سبتمبر 2016 م ، بل مضى في ضرب الاقتصاد الوطني من خلال السياسات التضخمية والطباعة غير القانونية للعملة الوطنية والتي تسببت في انهيار كبير للعملة الوطنية أمام النقد الأجنبي ليتجاوز سعر الدولار الـ 1000 ريال في المناطق المحتلة .
إضافة إلى طباعة الكميات المهولة من العملة الوطنية بهدف ضرب الاقتصاد الوطني، مارست حكومة المرتزقة وإدارة بنك عدن المركزي أشكالا عديدة من الفساد التي أدت في مجملها إلى حرف البنك عن مساره ليصبح مساهماً فيما يحدث من انهيار اقتصادي ضمن مؤامرة تديرها دول العدوان لتدمير الاقتصاد الوطني .
طباعة العملة غير القانونية
بعد قرار نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء إلى عدن باشر بنك عدن، بطباعة 400 مليار ريال بداية العام 2017م، واستمر في الطباعة ليصل المبلغ إلى خمسة ترليونات و320 مليار ريال ، ما يعادل ثلاثة أضعاف ما طبعه البنك المركزي في صنعاء منذ العام 1964م وحتى 2014م وكلها بدون غطاء نقدي، وفق ما كشفه محافظ البنك المركزي اليمني بصنعاء هاشم إسماعيل في مؤتمر صحفي عُقد في العاصمة صنعاء في يونيو 2021 م .
طباعة حكومة المرتزقة لهذه الكميات المهولة من العملة الوطنية بدون غطاء تسبب بانهيار كبير للعملة الوطنية ليتجاوز سعر الدولار الألف ريال في المحافظات المحتلة.
خبراء اقتصاد أكدوا أن طباعة حكومة المرتزِقة لهذه الكميات المهولة من العملة الوطنية لم يكن بهدف الاحتياج لتغطية نفقات ضرورية وتسديد مرتبات الموظفين التي التزمت بها أَو لمواجهة سداد الدين العام الداخلي أَو الخارجي ولكن بهَدفِ تدمير العُملة وانهيار الاقتصاد الوطني ضمن مؤامرة كبيرة تقوم بها دول العدوان لتدمير الاقتصاد الوطني.
جريمة اقتصادية جسيمة
خبراء اقتصاد أكدوا أن طباعة العملة دون غطاء جريمة اقتصادية جسيمة قوضت الاستقرار المعيشي والاقتصادي للبلد وتسببت بتراجع سعر صرف العملة الوطنية وارتفاع معدلات التضخم في الأسعار وتصاعد معدلات الفقر والبطالة.
وبحسب تقارير اقتصادية، فَـإنَّ طباعة العُملة في أي بلد تكون وفقاً لمعاييرَ مصرفيةٍ ومفاهيمَ اقتصاديةٍ، ولا يتم اللجوء لها إلا إذَا كانت هناك مبالغ نقدية من العُملة الأجنبية كغطاء في خزائن البنك أَو حساباته في الخارج، وكذا إذَا كان هناك طفرة في الإنتاج المحلي وزيادة في الصادرات المحلية أَو في حالة ما تكون الطباعة بدل نقد تالف أَو لتغطية احتياجات القطاع التجاري الذي اتسع نشاطه أَو زاد عدد سكان البلد وبشرط أن يكون المجتمع منتجاً يغطي احتياجه أَو تكون لديه صادرات تزيد عن إجمالي وارداته من السلع والخدمات.
وتؤكد التقارير أن أيةَ طباعة نقدية خارج المفاهيم الاقتصادية تؤدي حتماً إلى انهيار سعر العُملة الوطنية أمام العُملات الأجنبية، كما تؤدي إلى وفرة نقدية خارج احتياج المجتمع ثم تستخدم في المضاربة لشراء النقد الأجنبي واكتنازه؛ لأَنَّ العُملة تتناقص قيمتها؛ بسَببِ كثرة تداولها بين الأفراد.
كما تشير التقارير إلى أن الطباعة تؤدي إلى دخول شريحة واسعة في خط الفقر لارتفاع الأسعار، كما تؤدي إلى تآكل رأس المال الوطني ومدخرات المواطنين الأمر الذي يجعلها في حال الوضع في اليمن تفاقم من الكارثة الإنسانية الناتجة عن العدوان والحصار حتى أصبحت تصنف بأنها أسوأ كارثة إنسانية في العالم وفقاً للأمم المتحدة.
فساد وغسيل أموال
في يناير 2021 أعلنت الأمم المتحدة بأن فريق الخبراء التابع لها اكتشف أن مسؤولي حكومة المرتزقة يقومون بغسيل الأموال وسرقة الأموال العامة، حيث تلاعب البنك المركزي في عدن بما يسمى بـ “المنحة السعودية” البالغة ملياري دولار، وأن مسؤولين كباراً، حققوا أرباحاً خياليةً تجاوزت 430 مليون دولار من خلال التلاعب بصرف العملة من الدولار إلى الريال السعودي واليمني، مضيفة أن الفساد المستشري في حكومة المرتزقة، بات يترك آثاراً سلبية على الموارد الغذائية للشعب اليمني.
وذكر التقرير الأممي أن المسؤولين في حكومة المرتزقة ، قاموا بالتواطؤ مع رجال أعمال وشخصيات سياسية في مواقع هامة، لصالح مجموعة مختارة من التجار ورجال الأعمال .
لم تمر سوى أشهر على التقرير الأممي الذي يتهم حكومة المرتزقة وبنك عدن بالفساد حتى كشفت نقابة موظفي البنك المركزي في عدن، عن فساد كبير تمارسه قيادات البنك من خلال العبث الإداري في الوظيفة العامة ودون أي اعتبار لمكانة البنك، وذلك في ظل الانحراف السائد والمحسوبية وكل أشكال الفساد المتغلغل والمستشري في “حكومة المرتزقة” بشكل مخيف .
كما كشفت نقابة بنك عدن عن استمرار التجاوزات والاختلالات الإدارية في مرافقه منذ نقله من صنعاء في العام 2016م، متهمة تحالف العدوان ومرتزقته بصورة متعمدة على حرف البنك المركزي عن مساره ليصبح مساهماً في ما يحدث من انهيار اقتصادي.
وقالت النقابة إن المسؤولين في البنك يواصلون مخالفة القوانين واللوائح من خلال التوظيف للأقارب وتعيين في وظائف اشترطت القوانين واللوائح ضرورة توافر شروط معينة فيها، دون تحقق نصفها فيهم، ناهيك عن كونهم أشخاصا غير مختصين.
وأضافت النقابة أن هناك تكدسا للوظائف والمسميات لأشخاص مقربين من الدرجة الأولى لصانع القرار في البنك المركزي بعدن، دون أي اعتبار للوائح والقوانين ودون أي اعتبار لمكانة البنك الذي أصبح عاجزاً عن القيام بأبسط وظائفه، فضلاً عما أفرزته تلك القرارات من تذمر وإحباط لدى موظفي البنك وإحباط للكثير من الكوادر.
بيان نقابة البنك المركزي في عدن كان قد سبقه بيانين منفصلين – في يوليو وأكتوبر 2020م، كشفت فيهما النقابة عن محاولات شتى لإعاقة مسار البنك والتأثير سلباً في قيامه بواجبه ما تولد عنه كل هذا الفشل النقدي والمصرفي وحتى الإداري .
واتهمت النقابة ضمنياً حكومة المرتزقة بالتسبب في كل ذلك بشكل متعمد منذ قرار تحويله إلى عدن في العام 2016، عبر “تعيين أشخاص لا علاقة لهم لا من بعيد أو من قريب مع ما يشترطه القانون من وجود خبرة مصرفية ونقدية للاضطلاع بأعمالهم بمهنية وحرفية تساعد على نهوض العملة والاقتصاد من هذا الوضع المتردي، بل وحتى تقييم الوضع الاقتصادي للدولة والرفع بالتوصيات الضرورية للحفاظ على نظامها المالي”.
صنعاء تمنع تداول العملة غير القانونية
استمرار طباعة حكومة المرتزقة للعملة الوطنية دفع بحكومة صنعاء الى اتخاذ إجراءات للحفاظ على ما تبقى من قيمة العملة في المناطق التي تسيطر عليها ، وإصدار قرار بمنع تداول العملة غير القانونية التي طبعها تحالف العدوان ، وهو القرار الذي أثبت فعاليته حيث استقر سعر الدولار عند الـ 600 في المناطق التي تخضع لسيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني على عكس المناطق المحتلة التي تخطى سعر الدولار الواحد الألف ريال وهو ما القى بظلال كارثية على تلك المناطق التي باتت تعيش حالة انهيار اقتصادي وارتفاعا كبيرا في أسعار السلع الأساسية والغذائية والتي وصلت إلى حد فاقت القدرة الشرائية للمواطنين الذين أصبحوا هم الضحايا لعبث حكومة المرتزقة وبنك عدن المركزي .
نجاح صنعاء في وقف تدهور سعر صرف العملة عززت ثقة القطاع المصرفي بالبنك المركزي بصنعاء وأصبحت أغلب المؤسسات تتبع تعليماته رغم إصدار مركزي عدن تعميماً يحذر البنوك من العمل بتعليمات البنك المركزي في صنعاء .
اليوم وبعد فشل مركزي عدن في إدارة البنك والذي تحول الى مساهم في صناعة الانهيار الاقتصادي من خلال السياسيات النقدية والمصرفية الفاشلة وتلاعب مرتزقة العدوان بوظائفه وتسخيرها لصالحهم الشخصي أكد خبراء اقتصاد ان توحيد البنك وعودته إلى صنعاء وعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل سبتمبر 2016 م ، هو الحل لإنهاء الانقسام المالي بين صنعاء وعدن كون توحيد البنك سيؤدي إلى تحييد الاقتصاد والذي يعد الحل الشامل لكافة الأزمات الاقتصادية .
فإعادة وظائف البنك المركزي وفق رأي خبراء الاقتصاد أصبح ضرورة لمعالجة الوضع الاقتصادي خصوصاً وان حكومة المرتزقة قد أثبتت للعالم ولليمنيين انها أصبحت عاجزة تماماً عن معالجة الانهيار الجنوني للعملة الوطنية ، إلى جانب توظيفها للبنك للمصالح الخاصة وليس للصالح العام .