إصلاح القضاء أولاً !

أحمد يحيى الديلمي

يكتبها اليوم / أحمد يحيى الديلمي


لا أعتقد أن أمر القضاء في بلادنا بات يخفى على أحد وفي المقدمة الفضلاء رئيس المنظومة العدلية ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس هيئة التفتيش القضائي، الكل يعرفون أن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ وأن الحقوق باتت مهدرة، وكما قال أحد المواطنين من أبناء شبوة “كنا بعد العدوان مباشرة نحرص على رفع الطعون ضد الأحكام الصادرة إلى صنعاء ونرفض أن يُنظر فيها في عدن إلا أن الأمر اختلف الآن بعد أن ظهرت أعمال التسويف والمماطلة والبيع والشراء وبدأ يتدرج الفساد من المحكمة العليا بيت العدل وآخر جدار يلجأ إليه المواطن وهو يبحث عن الإنصاف إلى آخر عضو في النيابة ، الخلل تسرب إلى كل المفاصل وأصبحت الأمور لا تطاق”.
شخص آخر قال بحسرة “أنا قضيت في المحكمة أكثر من ستة أشهر وكل يوم يساومني القاضي بأن أحكمه مع خصمي لكني أرفض وأتمنى أن يبت القضاء في أمري كيفما شاء وهذا أمر يدعو إلى الألم خاصة ونحن في زمن المسيرة القرآنية.. والحديث عن جهود الإصلاح لا يتوقف بداية من قائد المسيرة وانتهاء بآخر مسؤول في الدولة وفيما يسمى بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد كلهم للأسف يتحدثون لمجرد الحديث ويظل المثل السائد هو الغالب ( أسمع جعجعة ولا أرى طحيناً ) وإلى متى سيظل هذا الأمر، حتى حركات التنقل بين القضاة لا تؤدي الغرض المنشود لأن الخلل في تشكيل القاضي وتكوينه وطبيعة الدراسة التي تلقاها وهذا ما جعل كل شيء يراوح مكانه وكل ذلك على حساب العدل والإنصاف.. ولا أعتقد أن صاحب الفضيلة رئيس مجلس القضاء عند زياراته للمحاكم قد سأل عن سبب تأخر القضايا ولماذا تظل في أروقة المحاكمة عدة سنين والبعض تعاقب عليها ثلاثة قضاة يعني إذا كان القانون يطبق في عملية التدوير القضائي فإن القضية تظل خمسة عشرة سنة ولم يتم البت فيها والكل يتحدثون عن الإصلاح لمجرد الحديث.. فإلى متى سنظل على هذا الحال ، الناس يشكون والكثير يئنون ممن نهبت أموالهم من قبل المتنفذين وأصحاب السطوة ولم يجدوا ناصراً ، فكيف نأمل أن تستجاب دعواتنا من الخالق سبحانه وتعالى ونحن على هذا الحال ونحن نعلم أن العدل والإنصاف هما مدخل الرحمة وقبول الدعاء، كما جاء في الحديث المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “عدل ساعة أفضل من عبادة ألف سنة”، أو كما جاء أيضا على لسان إمام المتقين ويعسوب الموحدين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في حديثه لابن عباس (والله يا ابن عباس أن هذا النعل أحب إلي من إمارتكم إلا أن أقيم حقا وأدفع باطلا) وأحاديث كثيرة يبدو أن القضاة الأفاضل يتجنبون قراءتها أو يتعمدون إخفاءها حتى من المراجع التي بين يديهم .
أيها القضاة الأفاضل : لقد بلغ السيل الزبا والنفوس الحناجر وأنتم تدعون بأنكم بلا مرتبات وكل الناس على هذا الحال ولكنهم يتجنبون الظلم وهنا قضية أخرى لا بد أن اطرحها على الأخ رئيس المنظومة العدلية وهي قضية الأمناء المسجونين، لقد أمضوا أكثر من عام والمحكمة لم تبت في أمرهم وطالما أننا نتحدث عن هذا الموضوع نشير إلى ما يطرح من نقاشات في الكواليس حول إنشاء مكاتب للتوثيق ، أقول هذا عمل غير سوي ولا يخدم العدل والعدالة، فوظيفة الأمين ليست رسمية وإنما شعبية تتم بإجماع أبناء المنطقة وتتولى وزارة العدل فقط الإشراف في حالة أي إعوجاج لكن فيما يحدث الآن فإن الإعوجاج في أكثر الحالات مصدره مكاتب التوثيق المعنية بالرقابة والتفتيش والتقويم، فبعد ما سمي بحركة الإصلاح باتت مكاتب التوثيق من المحكمة الابتدائية حتى وزارة العدل هي الكاتب الأكثر استفادة وهي التي تجني المبالغ وتغطي على الأمين مهما كان خطأه، وأنا في هذا الجانب أقترح أن يتم إنشاء مصلحة للسجل العقاري أما أن يكون هناك جهتان فهذا يعني إيجاد ثغرات لابتزاز المواطن وتحميله رسوماً فوق الرسوم المقررة للضرائب.. وكل ما أرجوه من الأخ رئيس المنظومة العدلية هو أن يمعن النظر ويناقش هذا الموضوع باهتمام وأن لا يتعجل في اتخاذ القرار، فالقرارات المتسرعة دائماً تأتي بنتائج عكسية تضر بالعدالة وكل ما يتصل بها، أكرر أرجو الإمعان في الأمر واستشارة المختصين قبل الإنصات إلى بعض المستفيدين من مثل هذه الخطوات وهم من يزينونها في عين المسؤول لكي يضمنوا المصالح المأمولة.. وعلى الأخ محمد أن يراجع الوضع الآن بعد الإجراءات التي اتخذها وسيدرك أننا على حق، وصدق الله القائل (مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) صدق الله العظيم .. والله من وراء القصد .

قد يعجبك ايضا