بايدن بين حليب البقرة و”ضفعاتها”
يكتبها اليوم / حمدي دوبلة
أطلّ البيت الأبيض يوم الخميس الماضي بتصريح أقل ما يمكن وصفه بالماكر والمخادع، ومحاولة جديدة لذر الرماد على العيون، عندما أكد على لسان المتحدثة الرسمية كارين جان بيير، أن ما تعهّد به الرئيس جو بايدن – إبّان حملته الانتخابية بجعل السعودية ” منبوذة وبتدفيعها ثمنا باهظا” – لا يزال ساري المفعول، جزاء جريمتها النكراء بحق الصحفي الأمريكي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول، وتصفيته بصورة وحشية، بقيت حديث العالم لأشهر.
-الأنباء التي تداولتها وسائل إعلام أمريكية، مؤخرا – ومنها صحف كبرى ووكالات أنباء دولية، نقلا عن مصادر دبلوماسية موثوقة، حول زيارة مرتقبة للرئيس بايدن إلى المنطقة أواخر يونيو الجاري، في جولة تشمل كلا من إسرائيل والسعودية – أثارت جدلا واسعا في أوساط النخب السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة، وأعادت إلى الأذهان ما كان يتفوّه به بايدن عن السعودية وعن سجلها الأسود في ملف حقوق الإنسان، وجرائمها العابرة للحدود وصولا إلى ما قطعه من وعود بوقف الحرب السعودية على اليمن ووضع حد للمأساة الإنسانية غير المسبوقة في هذا البلد بفعل تلك الحرب المتورطة فيها بلاده بشكل مباشر، وبدعم عسكري كبير ومؤثر.
-لم يتغير شيء في سياسة إدارة بايدن الديمقراطية بخصوص انتهاكات وجرائم السعودية في اليمن وغيرها، وسارت على نهج وخطى سلفه ترامب الجمهوري ومن قبله أوباما الديمقراطي، لتصبح ثلاث إدارات أمريكية ضالعة في سفك الدم اليمني، ومتورطة بشكل لا يقبل الشك في توفير كل أشكال الدعم العسكري والسياسي للنظام القاتل في بلاد نجد والحجاز. لكن مع اقتراب أوان انتخابات التجديد النصفي للرئيس وخشيته من تراجع شعبيته أضحى بايدن حائرا ما بين حليب البقرة، وحرصه على تأمين أموال كافية لدعم حملته الانتخابية، والتي يواجه فيها مخاطر السقوط بفعل عوامل عدة، منها بطبيعة الحال ” ضفعات” البقرة وتماهيه ودعمه المتواصل واللا محدود لزلاتها وانتهاكاتها، التي لا تتوقف رغم كل ما تخرّص ويتخرّص به حتى اللحظة، ومن أجل ابتزاز البقرة الحلوب، رأينا في الأيام الماضية تحركات من نواب ديمقراطيين بمساندة بعض الجمهوريين، لتقديم مشروع قرار، يُطرح للتصويت أمام الكونجرس، بهدف إنهاء ما أسماه مشروع القرار الدعم العسكري الأمريكي للتحالف في اليمن، وكذلك إحياء مطالبات أسر ضحايا أحداث الـ 11 من سبتمبر بمحاسبة السعودية.
– بعد أخذ وردّ عن جولة بايدن المرتقبة، والحديث عن تأجيلها إلى شهر يوليو عوضا عن الشهر الحالي، ظهر الرئيس الديمقراطي وهو يجيب على أسئلة عدد من الصحفيين أمس الأول عن زيارته المحتملة إلى السعودية، بالقول “لن أغيّر رأيي بشأن حقوق الإنسان في السعودية.. لكن كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، فوظيفتي هي تحقيق السلام إن استطعت.. وهذا ما سأحاول القيام به”.
وأضاف “هناك احتمال أن ألتقي بكل من المسؤولين الإسرائيليين وبعض (المسؤولين) في الدول العربية، السعودية ستكون ضمن (الجولة) إذا قمت بها، ولكن ليس لدي خطط مباشرة حتى الآن” حسب زعمه.. غير أن المؤشرات تنبئ عن تنفيذ الزيارة الرئاسية إلى الرياض وحصول بايدن على الأموال المأمولة، مقابل تحقيق دفعة كبيرة على صعيد مسيرة التطبيع القائمة سرّا بين نظام ابن سلمان والكيان الصهيوني، ولتذهب المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان إلى الجحيم.