أدوار متداخلة.. بين المرأة والرجل

قال تعالى: (وِمنú آيِاته أِنú خِلِقِ لِكْم منú أِنفْسكْمú أِزúوِاجٍا لتِسúكْنْوا إلِيúهِا وِجِعِلِ بِيúنِكْم مِوِدِةٍ وِرِحúمِةٍ إنِ في ذِلكِ لآيِاتُ لقِوúمُ يِتِفِكِرْون) “. هذه الآية تحمل القاعدة الأساسية للحياة الزوجية الصحيحة ولكن ما نسمع به اليوم مختلف وخصوصاٍ مع أنتشار ظاهرة عدم الانسجام والتوافق بين الأزواج مما أدى إلى الكثير من المشاكل التي تنتهي بالطلاق في اغلب الحالات .. ولو تساءلنا عن السبب في تفشي هذه الظاهرة لوجدنا على رأس الأسباب البعد عن القاعدة الأساسية و تداخل الأدوار بين الزوجين.

جميعنا يعلم ان القوام قد خص الله به الرجل دون المرأة حيث قال (وللرجال عليهن درجة) فالدرجة فسرها الكثير بأنها مايسمى بالقوام , وهي ليست درجة أفضلية بل مسؤولية . وحظي الرجل بالقوام لكونه مؤهل بصفات جسمانية ونفسية غير تلك الصفات التي تمتلكها المرأة , فالمرأة تكون في الدرجة الأولى عاطفية والعاطفة تسيطر على الكثير من الآراء والقرارات وهذه ليست انتقاصاٍ في حق المرأ بل هي رحمة ربانية ليس للمرأ بل للمجتمع ككل ولهذا يصعب ان تأخذ هذا الدور في وجود الزوج لأنه خاص بالرجل فلا يصح ان يكون القوام لكلا الزوجين في آن واحد. ويحدث اليوم تعالي بعض الرجال على زوجاتهم ظناٍ منهم انهم الأفضل بل وينعث زوجته بالناقصة أي ناقصة عقل ودين فهو أقتصر على هذه العبارة واكتفى بها دون الأخذ بالحديث كاملا الذي يوضح الصورة الحقيقية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) “فنصوص القرآن والسنة لا تفرق بين قدرات المرأة العقلية وقدرات الرجل ويتجلى ذلك في الخطاب الإيماني العام لكل من الرجل والمرأة .

ناقصات عقل
هذا بالإضافة إلى كثير من النصوص التي تتحدث عن ذكاء النساء وقدراتهن وآرائهن السديدة في مواضع متعددة من الكتاب والسنة . فإذا كان لم يثبت علميا أي اختلاف في قدرات النساء العقلية عن قدرات الرجال ونصوص القرآن والسنة لا تعارض هذا فمعنى هذا أن نقصان العقل المشار إليه ليس في القدرات العقلية ,و هذا الحديث لا يمكن فهمه بمعزل عن آية الدِيúن التي تتضمن نصاب الشهادة وذلك في قوله تعإلى : واستِشúهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رِجْلِيúن فرِجْلَ وامرأتان ممِن تِرضِوúن من الشْهداء أنú تِضلِ إحداهما فِتْذِكرِ إحداهما الأخر. (فالحديث يعلل نقصان العقل عند النساء بكون شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد والآية تعلل ذلك بالضلال والتذكير . ولم تصرح الآية بأن النساء ناقصات عقل.)” . وكذلك مقارنة الزوجة زوجها بشخص آخر كأن تقول له لست كفلان مرتباٍ أو مجتهداٍ أو أي شيء من هذا القبيل ,مما يؤدي إلى شعور الرجل بنقص عند زوجته فيحدث صدام لإثبات قوته وانه أفضل من غيره وقد ينتهي بهما الأمر إلى الشتم او الضرب. واليوم أصبحت المرأة تشارك الرجل في العمل , مما جعل فئة غير قليلة من الرجال ينظرون إلى زوجاتهم بنظرة المساواة في كل شيء فهي في نظرة ملزمة بدفع نفس المبلغ الذي يدفعه لاجل البيت كمأكل ومشرب وغيرها .
والحقيقة ليس له الحق في إلزامها لكونه هو المسؤول الأول والأخير على هذه الأمور بل ان عليه ان يصرف عليها ولو كان معها ما يغنيها عن اخذ نفقتها منه . فعندما ترفض ان تدفع له من أموالها الخاصة تحدث الصدامات بينهما وقد يفرض الطرف الأقوى رأيه على من هو أقل منه بالقوة . وكذلك دور المرأة داخل بيتها أكبر منه خارج البيت لكونها تنشئ جيلاٍ وهي مسؤولة أمام الله عن ما أنشأته فالملاحظ على الكثير من النساء تهميش دور الأب وتغييبه في تربية أبنائه بل وتتستر على الكثير من الأخطاء التي تتطلب تدخل الأب بشكل ملح وقد تكتفي ببعض العقوبات التي لاتسمن ولاتغني من جوع , وعندما يتفاقم الأمر ويعرف الأب بالمشكلة تحدث صدامات.

مسؤولة عن كل شيء
وبعض الرجال في أيامنا هذه يرمي بمسؤوليته الكاملة في تربية أولاده وإدارة الكثير من الأمور التي لاتسير إلا بالعمل المشترك بين الزوجين على زوجته ولا يأتي الا بدور المحاسب إذا غلطت في امر ما , واذا سألته عن سبب تخليه عن دوره يتعذر بالعمل ونسي أن المرأة كذلك لديها عمل داخل البيت طوال اليوم, بينما هو يعمل ساعات ويسترخي ساعات امام التلفاز او في مجالس القات أو النوم أو أي شيء .. هذه مجرد رؤوس أقلام من التداخل في الأدوار وما خفي أعظم . فالحياة الأسرية تحتاج إلى التكاتف والتعاون بين الزوجين فإذا نقصِ هذا كِمل هذا لكي تسير الحياة . فالحياة الأسرية لن تسير بالقوة ولا بالتآمرات ولا بالكبت والقسوة ولا بالاحتقار بل ستسير بقانون كل واحد يكمل الثاني . فليس عيباٍ أن تساعد الزوجة زوجها بل انه قمة الأخلاق وخصوصا في الوضع المعيشي الحالي . وليس عيباٍ أن يأخذ الرجل بكلام زوجته ومشاورتها في كثير من أموره فقد شاور نبينا محمد صلى الله عليه وسلم زوجته أم سلمة في أمر تحلل المسلمين من إحرامهم في صلح الحديبية والله يقول “وأمرهم شورى بينهم”. وليس عيباٍ ان يؤهلا نفسيهما عند مختص او يطلبا من من هو اكبر منهما إرشادهما . بل العيب الحقيقي هو التخبط والتداخل في الأدوار مما أدى إلى الصدامات التي لاتحمد عقباها وقد يجرح طرفاٍ آخر وينعكس مفهوم المودة والرحمة إلى التباغض والضغوطات والحروب النفسية التي لاتدمر الزوجين بل تتعداه إلى الأبناء . يقول محمد رشيد رضا: ” وقد أفسد على الناس تلك المودة والرحمة وحجبهم عن الموعظة بالحكمة وأضعف في نفوس الأزواج ذلك السكون والارتياح غرور الرجال بالقوة وطغيانهم بالغنى وكفران النساء لنعمة الرجال وحفظ سيئاتهم وتماديهم في الذم لها والتبرم بها وما مضت به عادات الجاهلية في بعض المتقدمين وعادات التفرنج في المعاصرات والمعاصرين وقلد به الناس بعضهم بعضاٍ ” ولهذا يجب ان يدرك كلا الطرفين أدوارهم الفردية والمشتركة لكي لاتضيع القاعدة الأساسية للحياة الزوجية.

قد يعجبك ايضا