العلامة الحوثي: مستعدون للتعامل مع ما يُقدم للهيئة من آراء ورؤى وتصورات لتصويب الاختلالات وتجاوز التحديات
أبو نشطان: الزكاة والأوقاف أعيدت لهما مكانتهما في تخفيف المعاناة عن الفقراء والمحتاجين
الثورة / سبأ
أكد المشاركون في المؤتمر الوطني الأول للأوقاف، الذي نظمته الهيئة العامة للأوقاف بصنعاء، أهمية المضي في بناء مؤسسة وقفية تنهض بالوقف وتحمي أمواله وممتلكاته وتحقق التكافل الاجتماعي وبما يتوافق مع مقاصد الواقفين.
ودعا المشاركون في ختام أعمال المؤتمر أمس بصنعاء الذي انعقد على مدى أربعة أيام، تحت شعار “معاً نحو التحول الاستراتيجي في العمل الوقفي”، المنتفعين والحائزين على أراضي وعقارات الوقف إلى تصحيح أوضاعهم لدى هيئة الأوقاف، على أن تعتمد الهيئة إجراءات ميسرة وتراعي أوضاع البلاد وفي ذات الوقت عدم التفريط بالوقف.
وأشارت توصيات المؤتمر الذي شارك فيه نخبة من العلماء والأكاديميين والباحثين ورجال المال والأعمال والاقتصاديين ومنظمات المجتمع المدني والجهات الرسمية والحكومية والقضائية والتنفيذية، إلى أهمية اضطلاع الهيئة بإعداد السياسات والآليات التي تضمن استيفاء حقوق الأوقاف بطريقة متدرجة تراعي الوضع الحالي والمعيشي جراء العدوان، خاصة لذوي الدخل المحدود والفئات الفقيرة.
وحثت التوصيات، مؤسسات الدولة الرسمية والحكومية، خاصة الجهات ذات العلاقة بالتكامل والتعاون والتكاتف لمساندة جهود الهيئة، بما يمكنها من أداء دورها وفقاً للأهداف التي أنشئت من أجلها.
وأوصى المشاركون في المؤتمر، بتعديل قانون الوقف الشرعي وإصدار لائحته التنفيذية، بما يتوافق مع قرار إنشاء الهيئة العامة للأوقاف ويضع المعالجات المناسبة للاختلالات والسابقة ويحقق النهوض بالعمل الوقفي بما يلبي مقاصد الواقفين.
وطالبوا بعقد المؤتمر الوطني للأوقاف بصورة دورية سنوياً، لتطوير عمل الهيئة العامة للأوقاف، وضمان استمرار النهوض بأعمال الهيئة والحفاظ على أموال الوقف ومبراته ومحاسنه، وتنميته.
كما أوصوا هيئة الأوقاف بإعداد وتبني سياسة تأجير متدرجة تعالج مشاكل الماضي وتراعي الوضع المعيشي الحالي الذي فرضه العدوان على اليمن وبالأخص وضع المعدمين وذوي الدخل المحدود، وسرعة إصدار لائحة المخالفات، وكافة اللوائح التنظيمية المتعلقة بتنظيم وتطوير عمل الهيئة.
وحثت توصيات المؤتمر الوطني للأوقاف، مجلس القضاء الأعلى بإنشاء نيابات ومحاكم متخصصة للنظر في قضايا الأوقاف، وكذا إنشاء شرطة وقفية تابعة للهيئة لحماية أموال وممتلكات الوقف.
وأوصى المشاركون، هيئة الأوقاف، برفد الإدارة القانونية في الهيئة بمزيد من رجال القانون من ذوي النزاهة والخبرة، واستكمال أرشفة الوثائق الوقفية وترميمها وتعريفها إلكترونياً وإسقاطها على الواقع الميداني باستخدام أحد الطرق والوسائل للحصول على خارطة رقمية شاملة.
كما دعت توصيات المؤتمر المواطنين والمنتفعين والجهات من تحت أيديهم وثائق تخص الأوقاف، سرعة تسجيلها وتسليمها للهيئة العامة للأوقاف.
وطالبت المواطنين ومن تحت أيديهم أراضي وعقارات تخص الأوقاف سرعة المبادرة بتسجيلها لدى الهيئة، وحثت الهيئة على تقديم مكافآت وامتيازات وتسهيلات للمبادرين بذلك.
وأكدت التوصيات ضرورة تصحيح الهيئة العامة للأوقاف لوضع النظار ووكلاء ومتولي الأوقاف، والوقف الخاص الذري والوصايا والوقف ذي الولاية الخاصة لضمان الحفاظ على تلك الأوقاف والوصايا وتحقيق مقاصد الواقفين.
وأوصى المؤتمر الوطني الأول للأوقاف، الهيئة بإعداد الهياكل واللوائح التنظيمية وأدلة السياسات والإجراءات وفقاً لأفضل الممارسات وبما يتناسب مع طبيعة وخصوصية الأوقاف ويحقق مقاصد الواقفين، وإصلاح وتطوير منظومة الموارد البشرية في الهيئة وفقاً للأسس والمعايير العلمية الحديثة، والعمل على أتمتة مهام وأعمال وأنشطة الهيئة ومكاتبها وفروعها وتطبيق أسس ومعايير الحوكمة بما يحقق مصلحة الأوقاف وينهض بالمؤسسة الوقفية.
كما أوصى المشاركون في المؤتمر، هيئة الأوقاف بإعداد وتطبيق نظام مالي ومحاسبي خاص بالهيئة بما يتناسب مع خصوصيتها وطبيعة عملها، وإنشاء وحدة تنفيذية خاصة بالهيئة لتنفيذ الأعمال الإنشائية والخدمية، وإصدار نظم ولوائح وتشريعات تهتم بكوادر الهيئة.
وحثوا الجهات الرسمية المعنية بإعفاء أموال الهيئة العامة للأوقاف “إيراداً – مصرفاً” بجميع نفقاتها الوقفية والإدارية واستثماراتها وعائدات أموالها المستثمرة من كافة الضرائب والجمارك والرسوم بمختلف مسمياتها وأنواعها.
وطالبت توصيات المؤتمر، الهيئة العامة للأوقاف باستكمال البنية التحتية والتقنية للهيئة ومكاتبها وفروعها بما يُمكنها من تحقيق أهدافها، والاستفادة من تجارب الدول الناجحة في مجال إدارة العمل الوقفي واستثمار أموال الأوقاف، ووضع السياسات والآليات التي تسمح بإيجاد المناخ المناسب للاستثمار الوقفي، وإزالة الإشكالات والمعوقات إن وجدت.
وأكدت أهمية العمل على تنويع الاستثمارات الوقفية بما يحقق المشاركة المجتمعية وزيادة الموارد الوقفية ودعم التنمية الاقتصادية.. مطالبة هيئة الأوقاف ببناء القدرات الذاتية للهيئة وكادرها بما يمكنها من الاضطلاع بدورها الاستثماري الفاعل.
ودعت التوصيات إلى إنشاء شركة قابضة وبنك وقفي يخصص لإدارة المشاريع الاستثمارية الوقفية، وتحديد المجالات الاستثمارية ذات الأولوية التي يتطلبها الوضع الراهن، ويحقق مصلحة الوقف والمصلحة الوطنية.
وشددت على هيئة الأوقاف إعداد لوائح وأدلة سياسات منظمة للشراكة الاستثمارية لإتاحة الفرصة للجهات الرسمية والخاصة للدخول في شراكة فاعلة مع الهيئة، والعمل على بناء الثقة لدى الشركاء من القطاعين العام والخاص في الشراكة الاستثمارية مع الهيئة.
كما أوصى المشاركون في المؤتمر هيئة الأوقاف والجهات ذات العلاقة بإيجاد تسهيلات وحوافز استثمارية لجذب المستثمرين للدخول في الاستثمارات الوقفية، خاصة الاستثمار الزراعي للإسهام في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والمنتجات الزراعية.
وجددت التوصيات الدعوة للجهات المعنية بتقديم التسهيلات والإعفاءات والمميزات التي تشجع المستثمرين للاستثمار والدخول في استثمارات بالشراكة مع الأوقاف.
وحثت وسائل الإعلام والجهات الثقافية والتعليمية والتربوية على مساندة جهود الهيئة العامة للأوقاف في توعية المجتمع، بمكانة الأوقاف وحرمة أملاكها ودورها الخيري والخدمي والتنموي لمختلف شرائح المجتمع، لإحياء سنة الوقف والحفاظ عليها.
وأكدت على أهمية تعزيز دور وسائل الإعلام في توعية المجتمع بدور الوقف، من خلال إعداد مواد إعلامية للتوعية وتخصيص مساحات إعلامية كافية تتناسب مع حجم أعمال هيئة الأوقاف، والعمل على مواجهة الشائعات وتفنيد الأضاليل التي تواجه أعمال وإجراءات هيئة الأوقاف.
هذا وكان المؤتمر قد ناقش في أربعة أيام، 22 بحثاً وورقة علمية مقدمة من عدد من أساتذة الجامعات والأكاديميين والعلماء، وخمس ورش علمية في الجوانب التثقيفية والتوعية الإعلامية والتشريعية والقانونية والاقتصادية والاستثمارية الوقفية والتطويرية والابتكارية والمالية والإدارية.
وفي الاختتام بحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي أحمد المتوكل ووزير الدولة نبيه أبو نشطان، وأمين سر المجلس السياسي الأعلى الدكتور ياسر الحوري، ثمن رئيس الهيئة العامة للأوقاف العلامة عبدالمجيد الحوثي، جهود القائمين على المؤتمر من أكاديميين ومختصين في المساعدة لبناء المؤسسة الوقفية الحديثة التي يطمح إليها أبناء الشعب اليمني.
وأشار إلى أن إنشاء الهيئة جاء كمقترح في مخرجات الحوار الوطني، ووفقاً للرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة .. وقال “اليوم تحقق هذا الحلم وأصبح واقعاً نأمل من خلاله استلهام الجانب الخيري والإنساني والقيمي الذي يُجسد السنة الناصعة للرحمة في الدين الإسلامي الحنيف، دين التكافل والتعاون والمحبة والإخاء، الدين الذي جاء رحمة للعالمين”.
وأضاف “إن الدين الإسلامي الحنيف، يحتاج منا إلى أن نجسده في واقعنا ولا يكفي أن تكون أفكارنا وثقافتنا خيرة ولا ينعكس ذلك في واقعنا العملي، للأسف فرغ الإسلام من محتواه، ولم يبق من الإسلام إلا اسمه ولا من القرآن إلا رسمه”.
ولفت العلامة الحوثي إلى أن الأمة الإسلامية أصبحت من أكثر الأمم تخلفاً وجهلاً وأمية وبُعداً عن العلم والمعرفة، وقال “بسبب الممارسات الخاطئة للمسلمين، الذين شوهوا معالم الإسلام، استغل أعداء الإسلام لتشويه منهج الدين الإسلامي والمقدسات، فقدّموا صورة مشوهة عن الإسلام بأنه لا ينتج إلا حركات تكفيرية”.
وأضاف ” نحن معنيون من الله تعالى بما حبانا به واختصنا في يمن الإيمان والحكمة، أن نجسد الأنموذج الأرقى في الإسلام النقي الذي جاء به محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، وجاهد من أجله أصحابه الكرام، وبذلوا الغالي والنفيس حتى جعلوا راية الإسلام خفّاقة في مشارق الأرض ومغاربها”.
وأكد رئيس هيئة الأوقاف، أن الأمة لن تنهض، إلا بالعودة الصادقة للدستور العظيم والقرآن الكريم والرسول الأكرم والإسلام المحمدي الذي جاء رحمة للعالمين وانتهاج نهج العلم والمعرفة والبحث العلمي وإنشاء الجامعات والأكاديميات والدراسات العليا المتخصصة.
وتابع “علينا مسؤولية عظيمة أمام الله سبحانه وتعالى والدين والأمة، في أن نمثل الأنموذج الذي يُحتذى به في الدول العربية والإسلامية لإقامة الدولة الإسلامية العادلة والنظام والقانون دولة المؤسسات والكفاءات التي تُجسد القرآن الكريم في الواقع والرحمة والتكافل والحق، ولن يتأتى ذلك إلا بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.
وأوضح أن من أعظم المنكرات التي نراها اليوم بعد العدوان منذ سبع سنوات على الشعب اليمني، ما يحل بأموال الأوقاف من نهب وسلب وتضييع، عاشتها الأوقاف منذ عقود من الزمن، وحينما ننتصر لله ونستعيد أموال الله ونحيي بيوته والعلم والمعرفة والثقافة القرآنية الإيمانية في قلوب العباد ونتنور بثقافة كتاب الله، نستطيع بناء الدولة الإسلامية.
وذكر العلامة الحوثي، أن الشعب اليمني يمتلك من العقول والأفكار والمعارف العلمية والإيمان بالله والوطن المعطاء والموقع الاستراتيجي الذي يحتله وكل مقومات الحياة، خاصة بعد أن ضحى بكل غالٍ ونفيس في مواجهة قوى الاستكبار العالمي، ما يتطلب مراعاة تلك التضحيات.
ونوه بجهود كافة المشاركين في المؤتمر العلمي الأول للأوقاف .. مثمناً دعم قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، وتشريفه للمؤتمر في افتتاحيته، ورعايته للهيئة عناية خاصة في تخفيف معاناة المواطنين، لإحساسه بأهمية دور الأوقاف في خدمتهم.
وعبر رئيس هيئة الأوقاف عن الأمل في أن يظل المشاركون بالمؤتمر عوناً وسنداً للهيئة العامة للأوقاف، في التقويم والتصويب وتقديم النصح وتصحيح الوضع الوقفي وما يُعين الهيئة على الاضطلاع بدورها في تعزيز الأداء الوقفي .. مؤكداً الاستعداد للتعامل مع ما يُقدم لها من آراء ورؤى وتصورات لتصويب الاختلالات وتجاوز التحديات التي تواجه عمل الوقف.
فيما أشار رئيس الهيئة العامة للزكاة الشيخ شمسان أبو نشطان، إلى أن أبناء الوطن لمسوا خير هيئة الأوقاف وحرصها على النهوض بالعمل الوقفي، بعد أن أصبح طُعماً للنهب والسلب.
وذكر أن أبناء الشعب اليمني، أهل الخير والعطاء والبذل والإحسان وضعوا أقدس ما لديهم وأخرجوا من أموالهم ونفائس أموالهم وكرائم ممتلكاتهم، حباً للأيتام والفقراء ولبيوت الله من أجل أن تحيا وتشيد وتعمر وحباً ورغبة وثواباً في الأجر والعطاء.
وقال :”عندما نقف أمام المبرات والصدقات والمحاسن، وما تم الوقف فيه، نجد عشرات المصارف تزيد عن 100 مصرف للأوقاف، حتى على مستوى الحمام وكل الفئات والشرائح”.
ولفت أبو نشطان إلى أن الزكاة والأوقاف كانتا مغيبتين وأعيدت لهما مكانتهما في تخفيف المعاناة عن الضعفاء والأيتام والمساكين والفقراء والمحتاجين.
وأكد أن الإسلام هو الحل الذي يُقدم أعظم النماذج في الرحمة والتكافل وتعزيز الأخوة والمحبة، معرباً عن الأمل في أن يكون المشاركون في المؤتمر سنداً وعوناً لهيئتي الأوقاف والزكاة وغيرهما من مؤسسات الدولة.
تصوير /فؤاد الحرازي