المراكز الصيفية.. ثورة في وجه العدوان

نجيب باشا

 

 

المَراكزُ الصّيفيةُ هي صِياغةٌ نُورانيّةٌ لعقولِ وقلوبِ النّشْءِ، حتى يمتلكوا القُدرةَ _بفضلِ اللهِ_ على مَعرفةِ حقائقِ الإيمانِ باللهِ واتِّباعِ مَنهَجِهِ القويمِ، والقدرة على التعامل مع الحياة الدنيا، وما فيها من أمراض اجتماعية ونفسية، ومعرفةِ كمائن النفس والشيطان والهوى، والإعداء ومؤامراتهم وتربصاتهم، حتى تستطيع الأجيال القادمة، المستبصرة بهدى الله، القائم على كتابِ اللهِ _النورِ الذي أُنزل من السماء_ أن تعرفَ الحقَ من الباطل، والغث من السمين، لتصنعَ أمةً واعيةً مُستنيرةً، تعمل في دُنياها لآخرتها، وتَستلهم من هذا النهج القراني، ومن استراتيجياته _الثابتة والمناسبة لكل زمان ٍ ومكان_ ما يُمَكِّنُها من النهوض بمجتمعها الإسلامي المحافظ والمُتنور، فتواكب علوم الحاضر، وتستشف إشراقات المستقبل، في شتى مجالات الحضارات الإنسانية، القائمة ضمن مبدأ الذود عن منهجنا الإلهي، الشامل لكل مناحي الحياة العزيزة والكريمة، فنحافظ بذلك على هويتنا الإيمانية من العبث بثوابتها المبدئية، وخصائصها الإسلامية، وإرثها الحضاري الأصيل..
حتى تدرك هذه الأجيال حقيقة مراد الله منها، وسر اختيار الله لها، لتكون شاهدة على كل الأمم بالخيرية التي ارتضاها الله لها، انطلاقا من مقام العدالة بين الناس، والأخذ بأيدي الإنسانية المعذبة إلى مَصافِ التحرر من فرعونية النفوس المظلمة، وعبث الطواغيت الجدد، الذين أرادوا أن يتألهوا على الأنام، ويتملكوا حرياتهم وثرواتهم، ومصير مستقبلهم ومستقبل أجيالهم، ليسهل البيع ُ فيهمُ والشراء، فتسود الرذيلة والبغاء، ويستفحل المنكر، وتنتشر الفحشاء..،
وصولا ًإلى اتخاذ الشيطان ولياً وإلهاً من دون الله، حرباً لله ولرسوله وآل بيته، ولمن رفع رايتهم واستهدى بهديهم وسار على منهجهم، ممن استخلفهم الله ورسوله، وأستأمنهم على سواء المنهج القويم، كما أُنزل.
إن كل تلك القيم والمثل العليا، والمبادئ الإيمانية، والعلوم المصطفوية، الخالية من التجهيل والتدجين والتدجيل، هي معطيات المراكز الصيفية، وفحوى موادها المقدمة لأبنائنا، الذين نشأوا في مرحلة خطيرة من مراحل التاريخ المعاصر، المكتظ بصنوف المؤامرات، وألوان الإلتفافات الممنهجة، وأساليب اللهو المتعددة؛ لتضليل أجيال الأمة الإسلامية والقضاء عليها، وإجهاض مقاومتها للمشروع الشيطاني، الذي حاكه اليهود، وباركه شواذ الأمم، للنيل من المنهج الإسلامي المتنور، الذي يضمن للإنسانية جمعاء حقها الفطري في العيش بحرية وعزة وكرامة.
ولهذا نجد (موتى الضمائر وأعداء الفضائل وتجار الرذائل) كيف قامت قيامتهم بقيام هذه المراكز التوعوية الإيمانية، فجندوا أقلامهم الهزيلة، وكتاباتهم الصفراء الحقيرة، للنيل من نُبل هذ المقصد الجهادي الرفيع، ومن عظمة هذا النهج العلمي، الذي سيحصن أجيالنا من اللهو والضياع، ويُفَتِّقُ مَداركها الخيرية،
ويَبني حاضِرَها السّوِيّ، لتستشرف مستقبلها الآمن من التواءات الأعداء وكمائنهم المُعَدّة بعناية لضياع أبنائنا وأجيالنا القادمة..
ولذلك فإن اهتمام القيادة الثورية المجاهدة، بإنشاء المراكز الصيفية في هذه الفترة الحرجة من صراع البقاء بين الحق والباطل، مَثلت ثورة وعي وبصيرة في وجه العدوان، ومنهج علم وجهاد في وجه التجهيل والتثبيط.
إن إنشاء المراكز الصيفية في اليمن يعد تأسيساً لقاعدة جهادية عريضة، تعمل على مواجهة الحروب الناعمة المتعددة والمتنوعة، التي أبتكرها أعداء الأمة، للنيل من ثوابتها وقيمها ومبادئها، بغية تمييع أجيالها، وصولاً إلى مرحلة السيطرة على وعيها، ليقودوها _قود النعاج_ إلى مناحي سحيقة، تستهدف روحَ دينها الإسلامي الحنيف، وما يحمله من أخلاق رفيعة ومبادئ سامية.
وهيهات هيهات!! فقد قرب الفرج، واتضح الطريق بدلالة نور الحجة والمحجة، على أيدي من تَكَهّلوا عنا العناء، وأقاموا دين الله كما جاء..
{ أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة}.

قد يعجبك ايضا