الثورة / ناصر جرادة
تحل علينا الذكرى الرابعة لاستشهاد الرئيس صالح علي الصماد، كمحطة رئيسية لاستلهام الدروس والمعاني من تضحياته في تعزيز الصمود لمواجهة العدوان على اليمن، وتحتل سنوية الرئيس الشهيد الصماد في عامها الرابع، أهمية كبيرة في وجدان أبناء الشعب اليمني لاستحضار مواقفه البارزة في البذل والتضحية وتحصين الجبهة الداخلية التي كانت أبرز اهتماماته والتي ظلت وما تزال عصّية على كل المؤامرات والمخططات التي يحيكها العدوان ومرتزقته.
وتتبلور ملامح إحياء ذكرى استشهاد الرئيس الشهيد الصماد في ما قدّمه من نموذج راقٍ وشاهد حقيقي على قيادته سفينة الوطن إلى بر الأمان في ظل ظروف استثنائية حرجة وتحديات كبيرة مجسداً بهمومه وآماله ورؤيته الحكيمة ونظرته الثاقبة مشروع بناء الدولة.
واعتبر مفكرون ومحللون سياسيون مشروعه الوطني النهضوي انعكاسا لروحه النضالية ،إذ لم تغره شهوة المال أو السلطة، وهذا ما تبين من خلال تنقله في مختلف مواقع المسؤولية.
شخصية شعبية وفريدة
اعتبر القائم بأعمال وزير حقوق الإنسان علي الديلمي في حديث لـ “الثورة” أن الرئيس الشهيد صالح الصماد شخصية إنسانية شعبية وذلك من خلال تلمسه لاحتياجات وهموم المواطنين ومن خلال قربه منهم وعدم وجود وبينهم أي حواجز، وأن معظم فترة رئاسته كانت لقاءات بالناس والذهاب إلى الجبهات وإلى كافة المحافظات اليمنية المحررة وكذلك الذهاب إلى الجزر اليمنية وأنه كان قريبا من الناس بشكل كبير وأنه رّكز بشكل أساسي على مسألة كيف يخدم المواطن وكيف يمكن أن يجعل من حكومة الإنقاذ بصنعاء والمسؤولين فيها له دور أساسي في التفكير في الناس وكيف تُحل مشاكلهم وخاصة في ظل العدوان والحصار على بلادنا، حيث أنه أثّر بشكل كبير على كثير من الخدمات وكذلك الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لهذا الشعب وقد ضاعف هذا العدوان كثيرا من أوجاعهم من خلال استهداف المدنيين والبنى التحتية لهذا البلد، فكان الرئيس الشهيد الصماد خير قائد ومسؤول.
وأضاف الديلمي: أن شخصية الرئيس صالح الصماد رحمة الله عليه شخصية فريدة من نوعها، وأنه رجل الشعب، وذلك من خلال معيشته وتنقله بين أوساط الشعب وأنه عاش معظم حياته وخاصة في فترة رئاسته من أجل الشعب والتفكير فيما يحسن أوضاع الشعب وكان جل تفكيره واهتمامه في هذه الأمة، وهذا نادراً ما يحصل من الرؤساء والزعماء والذين يتمحور كل شيء حولهم، وأنهم يريدوا أن يقال بأنهم العظماء وهم المفكرون، وهم في الأساس من ينهبون شعوبهم ويدمرونهم ويقتلونهم، وموضوع مصلحة الشعوب هي آخر شيء في أولوية الحكام وخاصة الحكام العرب، وأنهم يسعون إلى إرضاء السياسات الخارجية والأجنبية ويسعون جاهدين لاسترضاء الولايات المتحدة الأمريكية، لأنهم يعتقدون أنها هي من تولّيهم وتعزلهم، وهذا ما ليس موجودا في شخصية الرئيس الصماد.
دراسة حياته
دعا الديلمي إلى عمل دراسة متكاملة عن حياة الشهيد الرئيس الصماد وكذلك مفرداتها التي كانت ملامسة لقلوب الناس، وأضاف إن الرئيس الصماد ليس ذاك المتكلف في خطاباته أو في مواقفه أو في ملابسه، فهو المتواضع مع كافة أطياف الشعب، واستدل الديلمي على نزاهة الرئيس الصماد بالجملة الشهيرة التي ألقاها الصماد في آخر خطاباته وهي ” وصالح الصماد لو استشهد غد، آخر الشهر ما مع جهالة أين يرقدوا ألا يرجعوا مسقط رأسهم ” وفي حديثه عن الفرق بين الرئيس الصماد والرؤساء السابقين له أكد بأنه قريب من شخصية الرئيس إبراهيم الحمدي رحمة الله عليه، وأنه كان يسعى لإصلاح الأوضاع ومنها ما يخص الدولة المدنية الحديثة ومصالح الناس والتنمية سواء الاقتصادية أو الزراعية وكان شديد الحرص على المال العام، وأنه كان متطلعا إلى بناء دولة تنموية، وذلك عندما اصدر الرؤية الوطنية لبناء الدولة المدنية الحديثة ومنها مشروعه “يد تبني.. ويد تحمي”، وهذه معادلة أساسية.
شجرة طيّبة
من جانبه أشار وزير الكهرباء ومنسق الجبهة الوطنية الجنوبية لمقاومة الاحتلال الدكتور أحمد العليي في تصريح لـ “الثورة”: إلى عظمة الشهادة في سبيل ألله وقال “ونحن نتحدث عن الشهداء لا يمكننا إلا أن نشعر بهيبة الموقف وجلال اللحظة والمقام، فتغيب عنا الكلمات، ويستعصي علينا الحديث، وينتابنا شعور حقيقي بأن العظماء فعلاً أكبرُ من أن تختزلهم عبارة أو يستوعبهم تعريف، ونحن نعيش ذكرى رحيل ذلك العظيم، والأخ العزيز الرئيس الشهيد صالح الصماد فإننا هنا سنعيش ولا بد واقعاً من الذهول والحيرة”، وأضاف العليي :لا ندري من أين نبدأ وإلى أين نصل أو ننتهي، ويبدو لنا الصماد بحراً من أي الجهات أتيناه، ويصبح هو نفسه الكلمة التي تختزل أسمى المعاني، وأشرف المواقف، وأغلى الرجال، وأعز التضحيات ، فأنعم به من كلمة طيبة (كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين).
وأفاد لـ “الثورة”: لقد عاش الصماد لله ثم للوطن والشعب، فكان عند الله ذلك العبد الصالح، مثلما أصبح في ضمير الشعب والوطن ذلك الابن البار والمجاهد المخلص، والرمز الذي لا يغيب ولن يغيب ،ولذلك لا أرى في ذكراه ما يميزها أو يجعلها مختلفة عن بقية الأيام، فشهيدنا الكبير قهر بالفعل كل مظاهر الغياب حتى صار فينا ومعنا وبيننا نموذجاً ملهماً، ودليلاً مرشداً إلى كل معالي الأمور ومكارم الأخلاق ، وما إن غاب شخص الشهيد الصماد – سلام الله عليه – حتى حضر دمه شاهداً على ظلامية العدو وعلى تماديه في البغي والعدوان وانتهاكه لكل أخلاق وأعراف الحروب ، وشاهداً أيضاً على عدالة القضية التي ضحى من أجلها، وعلى عظمة المدرسة التي تخرج منها ، والقيادة التي رعته عبر مراحل عمره النضالي والجهادي الواسعة والمتعددة.
صماد بألف صماد
وأشار إلى ظن العدو أنه بإقدامه على هذه الجريمة سيطوي روح الصماد فينا بما ترمز إليه من قضية ومن صمود وإرادة، وأنه بذلك سيكون قد أربك الصفوف وفتح على هذا شعبنا العظيم باب الانكسار والانهزام، ولكن الله خيَّب ظنه، وها هو الصماد منذ يوم رحيله المؤلم يحضر في ضمير شعبنا روحاً طوافة، وصموداً يتعاظم وإرادة لا تنكسر وعزماً لا يلين، وينتشر بيننا عطراً يضوِّع المجالس، وحافزاً يشعل جذوة الثورة، ويلهب الحماس في الشباب، وحادياً يجوب المجتمعات ويملأ الجبهات، ومازلنا نسمعه اليوم تسبيحاً ودعاء في أذكار العارفين، وعلى شفاه المجاهدين، مثلما نراه أيضاً وميضاً وبأساً في عيون المقاتلين، وفي رصاص المقتحمين في دلالة واضحة على أن الشهداء لا يموتون، وأن العدو كلما أمعن في قتل صماد من أبناء شعبنا الصامد فإن عليه أن يعد نفسه لظهور ألف صماد وصماد.
قائد على نهج قرآني
من جهته قال المحلل السياسي عارف مثنى العامري في تصريح لـ “الثورة” :
كان الرئيس الشهيد صالح الصماد طموحا، واسع الأفق جاء من الوسط الشعبي اليمني ولم يكن عسكرياً، تربى على النهج القرآني وذو خلفية قيادية شابة، ويمتلك طاقة إيمانية قوية وكبيرة، استطاع من خلالها أن يدير أمور اليمن ،رغم التحديات التي واجهها.
وأضاف العامري، بساطته وقربه من الناس، جعلته صاحب مكانة مرموقة في قلوب كل اليمنيين، لارتباطه بقضاياهم وتلمس أحوالهم. ودعا العامري، إلى أن نستشعر مسؤوليتنا ونحن نعيش الذكرى السنوية الأليمة لاستشهاد الرئيس الصماد في المضي قدماً نحو تحقيق المشروع الصمادي (يد تحمي ويد تبني).
وقال العامري: لقد نال أعلى مرتبة دنيوية باستشهاده، وحمّل الشعب اليمني مسؤولية كبيرة في الحفاظ على مقدرات البلاد وحماية الأرض والعرض.