ه
نسبه ومكانته:
هو عليُّ بن أبي طالبٍ عبدُ مناف بنُ عبدِ المطلبِ بنُ هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، أمير المؤمنين، أبو الحسنين، ابن عمِّ وصهرٌ الرسول الله ، وزوج سيدة نساء الجنة فاطمة وكان رضي الله عنه حامل لواء رسول الله يوم بدر وفي معظم المشاهد والمعارك والغزوات بعدها، وفي فضائله رضي الله عنه وأرضاه ما لا يعد ولا يحصى في مجلدات عظيمة..
أمه فاطمة بنت أسد بن هام بن عبد مناف الهاشمية بنت عم أبي طالب، من حفاظ القرآن ومقرئيه، ومن رواة الحديث، روى الكثير عن النبي ، وهو أول من آمن برسول الله ودعوته .
تولى علي بن أبي طالب -رضي الله- عنه الخلافة سنة 36 للهجرة، ودامت خلافته لأربع سنوات، حدثت خلالها تحولات وحوادث ومؤامرات كثيرة على الإسلام، انتهت باستشهاده رضي الله عنه .
قصة استشهاد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
عقب هزيمة الخوارج وتفرقهم وتشتت من بقى منهم في معركة النهروان، أجتمع ثلاثة منهم وهم عبدالرحمن بن ملجم والبرك بن عبدالله التميمي وعمرو بن بكر التميمي ، عند بيت الله الحرام ، وتعاهدوا على قتل الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص في يوم واحد ، وفي ساعة واحدة ، معتقدين بهذا الفعل أنهم سيريحون الناس من الأحداث والفتن التي يعيشها المسلمون .
فقال عدو الله عبدالرحمن بن ملجم (أحد حفظة القرآن الكريم) لكنه ضل عن سواء السبيل- أنا لعلي. وقال البُرَكُ: أنا لمعاوية، وقال التميمي: أنا أكفيكم عَمْرو بن العاص . واتفقوا على أن يكون هذا ليلة 17 من رمضان عند الخروج إلى صلاة الفجر.
فأما عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان فلم يقتلا، لانهما لم يخرجا لصلاة الفجر وأما الإمام علي رضي الله عنه، فقد وقع في المكيدة، وقدر الله أن يكون شهيدا .
ذهب بن ملجم وقد أخذ سيفه بعد أن وضعه في السم شهرا كاملا، وقيل أربعين يوما، فترصد لعلي رضي الله عنه لما خرج من بيته وقت صلاة الفجر، وكان أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه، ينادي في الناس: الصَّلاةَ الصَّلاةَ. يوقظ الناس، فهو الخليفة الراشد رضي الله عنه وأرضاه.
وكان لا يصطحب معه حراسًا
وحين اقترب أمير المؤمنين من المسجد بادره ابن ملجم، وضربه بالسيف المسموم على رأسه، فسالت الدماء على لحيته، وذلك يوم 17 رمضان سنة 39 هجرية ، كما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم مشهد استشهاده رضي الله عنه قبل ذلك.
ولما فعل ذلك عدو الله بن ملجم قال: يا علي الحكم ليس لك ولا حكم إلا لله والغريب والعجيب أنه أخذ يتلو قول الله تعالى: “وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ” وفي تلك اللحظة نادى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: عليكم به، فأمسكوا بعبد الرحمن بن ملجم، وقدم علي رضي الله عنه جعدة بن هبيرة رضي الله عنه ليصلّى بالناس صلاة الفجر، وحمله الناس إلى بيته، وعلم رضي الله عنه أن هذا السيف مسموم، وأنه ميّت لا محالة، وخاصّة أن هذه الضربة وقعت كما وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم، عندها قال أمير المؤمنين لأصحابه ” إن مت فاقتلوه، وإن عشت فأنا أعلم ماذا أفعل به “.
ليتوفى امير المؤمنين بعدها بيوم أو يومين ، شهيدا وتفيض روحه الطاهرة الى بارئها وعمره رضي الله عنه 61 عاما وقيل 62 عاما وقيل 63 عاما .
من وصيته رضي الله عنه لولديه الحسن والحسين وهو على فراش الموت « أوصيكما بتقوى الله ، وألاّ تبغيا الدّنيا وإن بغتكما () ، ولا تأسّفا على شيء منها زوي عنكما ، وقولا بالحقّ ، واعملا للأجر ، وكونا للظّالم خصماً ، وللمظلوم عوناً.
أوصيكما ، وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي ، بتقوى الله ، ونظم أمركم ، وصلاح ذات بينكم ، فإنّي سمعت جدّكما ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ يقول : صلاح ذات البيّن أفضل من عامّة الصّلاة والصّيام.
الله الله في الأيتام ! فلا تغبّوا أفواههم () ، ولا يضيعوا بحضرتكم.
والله الله في جيرانكم ! فإنّهم وصيّة نبيّكم ؛ ما زال يوصي بهم حتّى ظننّا أنّه سيورّثهم.
والله الله في القرآن ! لا يسبقكم بالعمل به غيركم، والله الله في الصّلاة ! فإنّها عمود دينكم، والله الله في بيت ربّكم ، لا تخلّوه ما بقيتم ، فإنّه إن ترك لم تناظروا .
وأوصيكما وجميع ولدي وأهل بيتي ومن بلغهم كتابي هذا من المؤمنين بتقوى الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول “صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام وإن البغضة حالقة الدين ولا قوة إلا بالله انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب والله الله في الأيتام لا تغيروا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله له الجنة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار.
والله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله ! وعليكم بالتّواصل والتّباذل وإيّاكم والتّدابر والتّقاطع لا تتركوا الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فيولّى عليكم شراركم ، ثمّ تدعون فلا يستجاب لكم”.