يعد مسجد المحضار واحدا من أهم المساجد التاريخية اليمنية في محافظة حضرموت بمدينة تريم.. وتم تشييده عام 1823م وتفنن المهندسون والمصممون الحضارم في بنائه وهندسته، ويعزى بناؤه إلى عمر المحضار بن عبدالرحمن السقاف، وأبرز ما فيه منارته الشامخة، وتمتاز عمارته بفن هندسي جميل وطراز معماري فريد، ويتألف تخطيطه من فناء مكشوف تحيط به أربعة أروقة أعمقها رواق القبلة والذي يزينه ثلاثة محاريب جصية بديعة مزينة بالزخارف الهندسية والنباتية والكتابية، وفي منتصف الضلع المقابل لرواق القبلة تتموضع منارته الشامخة التي يبلغ ارتفاعها حوالي 53 متراً، وهي مربعة الشكل وبداخلها درج للصعود إلى أعلاها.
مئذنة الجامع:
بُنيت مئذنة جامع المحضار قبل أكثر من 100 سنة وتحديدا إلى العام 1333هـ/ 1914 م، وهي مبنية من الطين، وسقفت طوابقها السبعة بجذوع النخل، صمّمها السيد أبو بكر بن شهاب المتوفى في عام 1341 هـ، صاحب النظرية المعمارية التي تقول :
كل بيـت بثـلاث يـزدهي
في عيون المكتري والمشتري
الهـوا والنـور في داخـله
ومن الخارج حسـن المنـظر
وأتقن وضع اللبنات في صرحها وتأنق في زخارفها المعلم عوض سلمان بن عفيف التميمي وهكذا اجتمع خيال الشاعر وإبداع الفنان وجلال التقى ليصنعوا من الطين تحفة فنية تناطح السحاب .
وبنيت مئذنته من الطين على قاعدة مربّعة، وأخذت الشكل الهرمي، ما أكسبها ميزة فريدة لا تشبه بقية المآذن، وهي أطول مئذنة طينيّة في العالم. حيث يبلغ ارتفاعها 175 قدماً، وقد بنيت من اللبن وجذوع النخيل.
وتعتبر أحد الشواهد المعمارية ومقصداً للزائرين والباحثين عن معالم مدينة تريم التاريخية.
مكتبة الأحقاف
تحتل مكتبة الأحقاف الدور الأرضي من مبنى الجامع، وهي مكتبة دعت الحاجة إلى إقامتها نظراً لكثرة المخطوطات في مدينة تريم والمدن المجاورة، وذلك لكون تريم تتمتع بمركز علمي مرموق منذ القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي في وادي حضرموت.
وقد تأسست مكتبةُ الأحقافِ في عام 1972م، وتَم تَجْمِيع محتوياتِها مِن المَكتباتِ الأَهْليَّةِ ومَكتبةِ السلطانِ القعيطِي بالمكلا ومصادر أُخرى.
وتَعُود أقْدَم مَخطوطةٍ في هذه المكتبةِ إلى القَرنِ الخامِسِ الهِجري؛ أَيْ قَبْل نَحو ألف سنةٍ مِن اليوم، أمَّا الجزءُ الأَكبر مِن المخطوطات فيَعُود إلى القَرنِ العَاشرِ والحَادي عَشر الهِجري.
يَحْتوي قسمُ المخطوطات بمكتبةِ الأحقافِ عَلَى أَكثَرِ مِن ثلاثةِ آلافِ مجلدٍ مَخطوط، وفيها ما يَزيد عَلَى سِتَّةٍ آلافٍ وماِئَتَي عنوانٍ مُرَتَّبَة حَسَب الموضوعات.
ومِن بين آلافِ المخطوطات تِلك تُوجَد نُسخَةٌ مِن مخطوطةِ البيان في تفْسِير القُرآنِ لأَبِي جَعفر الطوسِي مِن القَرنِ السَّادِس الهِجري. وكذلك نُسخَة مِن الجُزءِ الثاني مِن كِتاب القانون في الطّب لابن سيناء مِن القَرن السَّابِع الهِجري.
كمَا يُوجَد في قِسْمِ المطبوعات بالمَكتبةٍ أَكْثَرُ مِن أَلْفٍ وستمائة مطبوعٍ؛ منها مَرَاجِعٌ وكتبٌ ومجلات مُتَعَلِّقةٌ بِالمَخْطوطات.
وتُعتبر مكتبةُ الأحقافِ وَمَا تَحْتَويهِ مِن مؤلفات ومخطوطات أَحَد الأدِلَّةِ عَلَى ذلك، وهي اليوم وِجْهَةٌ عِلميَّةٌ للبَاحِثين والدَّارسِين، كَمَا أنها مَعْلَمٌ سياحيٌّ وثقافيٌّ يجذب الزّوارَ مِن كلِّ مكانٍ.