يمثّل شهر رمضان فرصة مهمة للأمة في مواجهة التحديات مهما كانت هذه التحديات كبيرة، شعبنا اليمني العزيز هو يعيشُ عامَه الثامن وهو يواجه عدواناً ظالماً غشوماً لا مبرر له بأي حال من الأحوال ولا شرعية له على الإطلاق، عدوان لم يتقيد بأية قيود إنْسَـانية ولم يعد يلحظ بعين الاعتبار أية اعتبارات أية أَخْـلَاق أية قيم أية مبادئ أية تعليمات أي شيء، يفعل كُلَّ شيءٍ، تجاوز كُلّ البنود وكل الضوابط الإنْسَـانية والأَخْـلَاقية والقيمية، تجاوز الدين وتجاوز الأنظمة والقوانين المتعارَف عليها بين البشرية، قتل آلاف الأَطْفَال وآلاف النساء، استباح كُلّ شيءٍ، استباح الشعب اليمني، استهدف المُدُنَ واستهدف القرى واستهدف الأَسْـوَاق، استهدف المصالح العامة، استهدف المطارات والموانئ والأَسْـوَاق واستهدف كُلّ مناحي الحياة.
لم يأخذ بعين الاعتبار أن يلحظ أي حدود للحُرُمات ولا للكرامة وللضوابط الشرعية وشعبنا اليمني واجَهَ هذا العدوان بالصمود، الكثيرُ من أَبْنَاء هذا الشعب من كُلّ فئاته ومن تياراته ومن كُلّ توجُّهاته وقفت الموقفَ المشرَّفَ، الموقف المسؤول للتصدي لهذا العدوان، والبعض تورط وانزلق فباعوا أنفسهم، باعوا شعبهم، باعوا قيمهم، باعوا دينهم ودنياهم ووقفوا إلى صف العدوان ضد أَبْنَاء شعبهم، باركوا كُلّ ما يفعله المعتدي باركوا قتل الأَطْفَال والنساء، وباركوا قصف المدن والقرى، باركوا قصف الأَسْـوَاق وطبّلوا وفرحوا وصفّقوا وهلّلوا وفرحوا بكل تلك الجرائم، الفرحة بحق أمهاتهم وأخواتهم وأخوتهم وأَبْنَاء قبائلهم وأَبْنَاء مناطقهم، فزغردوا وفرحوا وهلّلوا واستبشروا بتجرد تام وكامل عن القيم والأَخْـلَاق والإنْسَـانية.
فكانوا بذلك شاهدين على أنفسهم بأنهم خلعوا رداءَ الإنْسَـانية والمشاعر الإنْسَـانية والأحاسيس الإنْسَـانية والقيم والأَخْـلَاق الدينية خلعوها تَمَاماً عن أنفسهم، البعض منهم عبّد نفسه تعبيداً تاماً وحَلَّ به الرق فأصبح رقاً خاضعاً خاشعاً خانعاً مستكيناً لأولئك المعتدين الأَمريكيين ومن يدور في فلكهم من القوى الإقْليْمية، البعضُ بدافع الطمع والسعي واللهث وراء مطامع الدنيا فعل ذلك، البعض بدافع الحصول على منصب، والمنصب هذا أن يكون خادماً أي منصب وخادماً لمَن؟!، خادماً للمعتدين خادما للمجرمين خادما للمستكبرين خادما للكافرين والمنافقين ضد أَبْنَاء شعبه المسلم العزيز الحر.
ولذلك نلحظ أن شعبنا اليمني بقدر ما قاسى وعانى نتيجة المعتدين من الخارج وعلى رأسهم الأَمريكيون ومعهم السعوديون وغيرهم ثم نتيجة ارتزاق وخيانة مَن ينتمي إلى هذا البلد إلى هذا الوطن وآثر لنفسه أن يكون عميلاً وأن يتجه في ركب الآخرين ضد أَبْنَاء بلده تحت عناوين زائفة وعناوين لا أَسَاس لها ولا مصداقية لها في الواقع، شعبنا عانى الكثير ويعاني الكثير ولا يزال يعاني الكثير، فدفع الثمن الباهظ لكنه لو عانى ما عانى ولو ضحّى ما ضحى ولو قدّم ما قدم هو في موقف الحق في الموقف الصحيح في الموقف السليم إنه يدافعُ عن نفسه عن عرضه عن كرامته عن قيمة عن أَخْـلَاقه عن حريته عن استقلاله، وفي الموقف الصحيح وهذا قدره، شعبنا اليمني ليس هو في الموقف الذي يعتبر موقفاً فضولياً أَوْ موقفاً اعتباطياً لم تكن له ضرورة، لا.. الآخرون هم الذي اتخذوا قرارَ العدوان فأتوا ليعتدوا ليحتلوا ليدمروا ليعبثوا ليحاصروا هم الذين موقفهم ظالم وغشوم واعتباطي وكبرياء لا ضرورة له أبداً، كبر وحقد وطغيان وإجْرَام لا ضرورة له.