بايدن دشن حقبة جديدة تترنح بين عالمين

هل تغير مقررات «بروكسيل» خارطة عالم ما بعد الحرب؟

 

 

بعد ثلاث قمم شارك فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن في بروكسيل، خرج ليتحدث للعالم عن استمرار أمريكا بقيادة النظام العالمي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية، معتمدا هذه المرة على الموقف الموحد للغرب وخطة «البوصلة الاستراتيجية» الأوروبية التي لبت استراتيجية واشنطن في تعزيز قوة حلف الناتو بالضفة الشرقية لأوروبا، وأحيت من جديد مشروع التضامن الأوروأطلسي في مواجهة طموحات روسيا بتغيير موازين القوى والاتجاه نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب.

الثورة / تحليل / أبو بكر عبدالله

لخص إعلان بايدن نتائج القمة الاستثنائية الأخيرة للناتو في بروكسيل- وقراراتها التي لم تخرج عن منهجية «التضامن الجماعي لمنع قيام حرب عالمية ثالثة»- بتعزيز أمن الجناح الشرقي للناتو بمجموعات قتالية متعددة الجنسيات من بحر البلطيق إلى البحر الأسود، ومضاعفة الإنفاق الدفاعي الأوروبي بواقع 200 مليار دولار سنويا لتطوير أسلحة وخوارزميات الأنظمة الإلكترونية، وأدوات الصد الإلكتروني من الطائرات المسيرة والتجسس الفضائي والحرب السيبرانية.
تحت مسمى اصطفاف «العالم الحر» استثمرت واشنطن الجهوزية العسكرية للاتحاد الأوروبي التي صاغوها ضمن وثيقة «البوصلة لاستراتيجية» لإنعاش التحالف الأوروأطلسي في مواجهة الطموحات الروسية الصينية بإنها هيمنة القطب الواحد.
أما أدواتها التي لا تزال موضع شد وجذب بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين فهي تبدأ بمشاريع واشنطن الأساسية في إنهاء الهيمنة الروسية على أمن الطاقة الأوروبي، واستنزاف القوة الروسية في الجغرافيا الأوكرانية، وكبح أي تقارب محتمل بين موسكو وبكين، مع إمداد أوكرانيا بمنظومات تسليحية سوفييتية سرية، وأخرى غربية، وتكثيف التموضع العسكري الأمريكي بشرق أوروبا، ولا تنتهي عند استثمار الأزمة الأوكرانية لمضاعفة مبيعات السلاح والطاقة الأمريكية للحلفاء.
خطوة اعتبرتها موسكو ميلا صريحا من دول الاتحاد الأوروبي نحو السياسة الأمريكية في نهج المواجهة تجاه روسيا بعدما استطاعت واشنطن استثمار مخاوف دول القارة الأوروبية من تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية بتحويل الكثير من الدول الأوروبية التي كانت تتعامل معها في العقود الماضية باعتبارها ساحات خلفية لها إلى ساحات أمامية لحربها الجيوستراتيجية مع روسيا والصين.
ذلك ما فسر لغة المنتصر التي تحدث بها الرئيس بايدن خلال لقائه نازحين أوكران في وارسو، فهو أول رئيس أمريكي يصل إلى مقربة من الحدود الروسية وخلفه آلاف الجنود الأمريكيين يساندهم عشرات الآلاف من القوات الأوروبية والعتاد العسكري المتطور لدول حلف الناتو، محمولا بإنجازه إعادة الحياة للحلف الذي كان يعيش مرحلة شيخوخة في عهد سلفه دونالد ترامب، ليضع الناتو من جديد وسط الحدث الدولي كلاعب رئيسي في صياغة ملامح نظام عالمي جديد يتشكل في رحم الحرب الروسية الأوكرانية.
كشف بايدن في تصريحاته وخطاباته، استراتيجية واشنطن الجديدة في الجانب الشرقي لأوروبا، مذكرا بأن المرة الأخيرة التي مرت فيها البشرية في نقطة التشعب هذه، كانت في عام 1946 وبعد الحرب العالمية الثانية «أنشأت الولايات المتحدة نظامًا عالميًا ليبراليا» و «سيكون هناك نظام عالمي جديد، ويجب أن نقوده، ويجب أن نوحد بقية العالم الحر»، محذرا الروس «لا تفكروا حتى في التقدم بوصة واحدة داخل أراضي الأطلسي».
تصريحات بدت قوية ومخططه لبايدن الذي يواجه انخفاضا حادا في شعبيته وسط معمعة انتخابات نصفية صعبة، وسلطت الضوء على السطور الغائبة في الحرب الروسية الأمريكية التي تحشد فيها واشنطن العالم لإنقاذ نظام عالمي قديم يتهدده نظام جديد متعدد الأقطاب يتشكل اليوم، بتشعبات جيوسياسية معقدة، أفقدت بايدن لغة الديبلوماسية بوصفه نظيره الروسي بوتين بأنه « مجرم حرب» و” جزار” مسترسلا بحالة حماسية أخرجته عن النص ليقول بصوت مسموع «لا يمكن بقاء هذا الرجل في الحكم».

أولويات جديدة
أيا كانت عدالة الذائع التي دعت روسيا لاجتياح جارتها الأوكرانية، فإن المؤكد أن موسكو منحت الناتو فرصة نادرة للتوحد وتعزيز صفوفه، بشكل لم يسبق له مثيل منذ نهاية الحرب الباردة، بل ووضعته على مسار مشروع استراتيجي جديد، ينطلق من ضرورات الدفاع عن الأمن الأوروأطلسي الذي يعتقد الغربيون اليوم أن عماده الأول هو أمن أوكرانيا.
وفقا لذلك وضعت قمة بروكسيل الاستثنائية الأخيرة أولويات جديدة للأمن الأوروبي، بإجماع القادة المشاركين على «التصدي للعدوان الروسي على أوكرانيا» بوصفه أخطر تهديد للأمن الأوروأطلسي منذ عقود، وأكدوا على سريان مبدأ الدفاع الجماعي، الذي يلزم الأعضاء حماية بعضهم بعضاً عند الحاجة، ناهيك باستعدادهم تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الحلف التي أكد الرئيس بايدن أنها «واجب مقدس».
كان قادة دول الناتو شبه متفقين على أن اجتياج روسيا لأوكرانيا غير البيئة الأمنية الأوروبية وأنتج نذر حرب باردة جديدة، ما اظهر إلى السطح مطالبات بإعادة تقييم الوضع العسكري لدول لاتحاد الأوروبي والناتو مجتمعة بمصفوفة أمنية وعسكرية جديدة تجاوزت المحظورات القديمة بالسماح لدول الاتحاد زيادة الإنفاق العسكري كخيار ملح وعاجل حتى في حال جرى التوصل إلى وقف النار بين روسيا وأوكرانيا، والذريعة هي مواجهة التهديدات المحتملة.
استثمرت أمريكا هذا المناخ، وذهبت بكل ثقلها السياسي والاقتصادي والعسكري نحو الجوار الأوكراني رغم أنها لم تنفك تعلن أنها لن تشارك في الحرب ولن ترسل قوات أمريكية أو أسلحة هجومية إلى أوكرانيا، قبل أن تعود وتعلن على لسان مسؤولين أمريكيين أن «القوات الأمريكية تقدم تعليمات للأوكرانيين في قاعدة عسكرية في بولندا ليعلن بايدن بصوت مرتفع أن واشنطن «على تواصل مع الاوكرانيين وستستمر بفرض العقوبات على روسيا وتوفير الأسلحة للأوكرانيين ومراقبة ما يجري عن كثب».
لا مبررات لذلك سوى أن واشنطن تدرك مسبقا أن التغيرات التي ستنتجها الأزمة الأوكرانية لن تكون في مصلحة الحسابات الأمريكية، خصوصا مع احتمالات تمكن روسيا من كسر حاجز العزلة الدولية بجذب عدد من دول شرق أوروبا وآسيا وافريقيا والشرق الأوسط إلى معسكرها.
والمؤكد أن الحسابات الأوروبية للتعامل مع روسيا لم تحضر في الترتيبات الجديدة للناتو بالقوة التي كان يتوقعها كثيرون، في حين كانت الولايات المتحدة حاضرة بقوة في معادلة إعادة صياغة الأولويات الأمنية للحلف بما يوافق مصالحها، حتى صار حلف الناتو بالنسبة للولايات المتحدة رأس الحربة في صراعاتها الجيوستراتيجية الحالية والمستقبلية.
هذا الأمر بدا واضحا في تبنيه علنا المواقف والسياسات الأمريكية المناهضة للمحاولات الروسية وضع أسس جديدة تنهي هيمنة القطب الواحد، بتعزيز القدرات التسليحية لبولندا وليتوانيا وغيرها وكذلك السياسات المناهضة للصين والتي عبر عنها في مناسبات عدة الأمين العام لحلف الناتو وأعادها مساعده خلال منتدى الدوحة بتأكيده أن الحلف يراقب عن كثب العلاقة بين روسيا والصين وأنه مهتم بمعرفة موقع بكين من الغزو الروسي لأوكرانيا.
هذه التداعيات وغيرها كانت تعني بالنسبة للأوروبيين شيئاً واحداً فقط وهو أن الولايات المتحدة لن تكف عن اختلاق الأزمات في الضفة الشرقية لأوروبا وستواصل افتعال مشاكل مع موسكو حتى لو تم التوصل إلى اتفاق سلام مع كييف، ما يجعل دول القارة الأوروبية عرضة لهزات أمنية كبيرة في المستقبل.
ورغم هيمنة الصيغة الأمريكية على مقررات قمة بروكسيل إلا أن المشهد لم يخل من مواقف أوروبية مرنة حاولت تقليل فرص المخاطر التي تهدد دول القارة الأوروبية.
وفي مقابل التزام دول الحلف بسياسة الباب المفتوح إلا أن هذا الالتزام لم يكن بالقوة التي ظهرت في قمة بوخارست عام 2008 وجاء بصيغة مرنة استجابة لموقف الجناح الأوروبي المعتدل في الحلف، بضرورة توجيه رسالة إيجابية لروسيا تؤكد تفهم الأوروبيين لبواعث القلق الأمني الروسي من تمدد حلف الناتو شرقا.
ذلك أن دولاً أوروبية كألمانيا وفرنسا وغيرها، ترى في روسيا لاعباً رئيسياً في النظام الدولي، وهي تعرف تماما أن نهج العقوبات الشديدة عليها لن يثنيها عن إزالة ما تراه مهددا لأمنها القومي، في حين أن تأثيراتها لن تهدد الاقتصاد الأوروبي بخسائر كبيرة فقط بل ستزيد من فرص توسع جغرافيا الأزمة والحرب لتخرج عن الخارطة الأوكرانية إلى دول أخرى في القارة الأوروبية.
هذا الموقف يختلف كليا عن النهج التصادمي الذي تعتمده واشنطن في تعاملها مع روسيا بمحاولاتها إعادة استنساخ التجربة الأمريكية مع كوريا الشمالية التي لم تقدم شيئا للسلام والأمن العالمي قدر ما صنعت قنابل موقوتة تهدد الأمن الدولي، ما جعل وجهة النظر الأوروبية ترى أن إعادة تطبيق هذا النهج على دولة مثل روسيا خطيرا على المدى القريب والبعيد.

تغيرات جيوسياسية
تتفق العديد من الدول الأوروبية على حتمية بقاء الهيمنة العالمية للولايات المتحدة في الوقت الراهن، لكنها بالمقابل ترى أن الصراع في أوكرانيا سينتج حتما تحالفات عالمية جديدة أو بأقل تقدير تكتلات إقليمية جديدة تقلل إلى حد كبير فرص هيمنة القطب الواحد وتقلل من حضور ملامحه وفي المقدمة نظام الدولرة المتحكم في التجارة الدولية.
وقد بدأت فعلا نذر التحالفات الجديدة بإعلان الجمهوريات المعترف بها من جانب واحد الانضمام إلى روسيا وكذلك إعلان برلمان أوسيتا الجنوبية- التي اعترفت موسكو باستقلالها عن جورجيا- عزمه تنظيم استفتاء بشأن الانضمام إلى روسيا في أقرب وقت، وتأكيد الرئيس الأوسيتي أناتولي بيبيلوف أن الهدف التاريخي والاستراتيجي للشعب الأوسيتي هو في «الوحدة مع روسيا»، ناهيك بالمواقف التي أعلنتها الشيشان وصربيا وغيرها من دول البلقان ودول آسيا الوسطى، والمشاريع الاستراتيجية مع فنلندا وباكستان وغيرها.
وبالمقابل شرعت واشنطن بتعزيز تحالفاتها الجديد بإعلان وزارة الدفاع الأمريكية: نشر قوات أمريكية وعتاد عسكري متطور في المانيا وبولندا وليتوانيا وبعض دول البلطيق ناهيك باستجابتها لمطالب عدد من دول أوروبا الشرقية من الجمهوريات السوفيتية السابقة الانضمام إلى حلف الناتو.
ولهذا التداعي في الواقع أسباب منطقية فالحرب في أوكرانيا أنتجت حافزًا كبيرا لتشكيل عالم متعدد الأقطاب، في ظل رهان واسع على أن المحاولات الأمريكية الحالية في الدفاع عن النظام العالمي القديم لن تتجاوز الدفاع عن بقايا عالم أحادي القطب في طريقه إلى التآكل.
هذا الأمر عبر عنه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، بحديثه عن «اللحظة المصيرية والتاريخية للعالم التي تعكس حقيقة “المعركة” حول الشكل الذي سيبدو عليه النظام العالمي، وتأكيده خلال زيارته الأخيرة للصين أن موسكو وبكين تتجهان لنظام عالمي متعدد الأقطاب وعادل”.
وبالنسبة لأوروبا والدول الكبرى في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، فإن المسرح الأوكراني لن يكون السبب الوحيد في حتمية ولادة نظام عالمي جديد، فهناك عوامل أخرى كثيرة تبرز إلى الواجهة في طبيعية الاصطفافات الدولية في العقود الأخيرة والتي غالبا ما كانت تذهب باتجاه عالم متعدد الأقطاب.
وخلال دوامة العقوبات الأمريكية الأوروبية وفعاليات الأمم المتحدة بشأن الأزمة الأوكرانية، شاهد العالم أن نحو 140 دولة لم تستجب لضغوط واشنطن المشاركة بسلاح العقوبات، كما شهد العالم انقساما حيال القرارات الأممية بإدانة روسيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، زاد منها تنامي الدعوات الدولية بإصلاحات كبيرة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وتفعيل القوانين الدولية لتكون الحكم في العلاقات الدولية المستقبلية.
وثمة موقف أوروبي واسع يبدو مستوعبا للتغيرات الجيوسياسية العالمية عبر عنه تصريحا المستشار الألماني أولاف شولتس وبعض المسؤولين الأوروبيين وآخرهم وزير الخارجية الفرنسي لوبان الذي أعلن مؤخرا استعداد دول أوروبا مناقشة الضمانات الأمنية الروسية التي أدى تجاهلها في وقت سابق إلى اجتياح القوات الروسية لأوكرانيا ربما لغرض تطويق أزمة أخرى بدأت تتفاعل في حشود الناتو القريبة من المجال الحيوي الروسي، والتي ينتظر أن تفجر أزمات أخرى ربما توسع الحرب الأوكرانية إلى بلدان أخرى.
تصريحات لوبان أعادت إلى الاذهان الموقف الأوروبي السلبي حيال المطالب الروسية قبل الغزو الروسي لأوكرانيا والتي كان يمكن أن يؤدي التعاطي الإيجابي معها من جانب أوروبا إلى تغيير ما في معادلة الأمن الأوروبي الذي يتم صياغته حاليا بمعطيات يصعب القول إنها ستحفظ الأمن الأوروبي على المديين القصير والطويل.
ولذلك معطيات عدة أولها أن أوروبا تشعر بالقلق من تصاعد قوة الناتو في ضفتها الشرقية والذي يعني ببساطة نهاية مشروع القوة الموحد للاتحاد الأوروبي، وذلك تماما ما دعا باريس إلى التأكيد أن القوى الدولية «مطالبة بضمان تطبيق وحماية قواعد السيادة بالنسبة لكل دول العالم» ناهيك بتأكيدها أن رفع العقوبات الدولية على روسيا سيكون جزءاً من التفاوض إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق النار.
والمعطى الآخر هو قلق أوروبا من حرب طويلة، قد لا تحتمل بعض اقتصاداتها الصمود أمامها خصوصا في ظل التأثيرات السلبية التي ستطاول كل دول أوروبا جراء العقوبات في ملفات الطاقة والأمن الصناعي والغذائي، خصوصا في ظل التوقعات الأمريكية التي ترجح أن تستغرق الحرب وقتا أطول بعد دعوة الرئيس بايدن دول العالم إلى «الاستعداد لمعركة طويلة».

خيارات متاحة
يصعب القول إن روسيا- التي استثمرت كلفة باهظة في الحرب مع أوكرانيا لمواجهة مخاطر تسلل الناتو إلى جوارها الاوكراني- ستسمح في المدى المنظور لحلف الناتو التواجد في محيطها الحيوي أو حتى صياغة معادلات أمنية أوروبية لا تراعي المصالح الروسية، بل أن المرجح أنها ستوجه كل طاقتها وإمكانياتها الاقتصادية والعسكرية لتكون لاعبا قويا في صياغة الخارطة الجيوسياسية لعالم ما بعد الحرب.
وفقا لذلك فإن أفضل ما يمكن ان تفعله دول القارة الأوروبية وحلفاؤها في الأيام القادمة هو تبني استراتيجية مختلفة لإعادة العلاقات مع وروسيا إلى الوضع الطبيعي من خلال تخفيف بعض العقوبات، وتوجيه رسالة لموسكو بتفهم مخاوفها وعدم الرغبة في الانخراط في سباق النفوذ أو حرب باردة جديدة.
وقياسا بمخاطر السياسة الأمريكية المعلنة، فإن من شأن التعهد الأوروبي باستعادة مكانة روسيا السياسية والاقتصادية الدولية ورفع العقوبات بمجرد وقف الحرب، أن يشجع موسكو على القبول بتسوية سياسية قريبة مع أوكرانيا أو السعي إلى هدنة في وقت قريب.
إن محاولة عزل دولة نووية وذات قوة اقتصادية كبيرة ومؤثرة في الاقتصاد العالمي لن يفشل فقط بسبب عدم انضمام دول كبرى مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية ومعها 137 دولة من دول العالم للعقوبات الأمريكية بل ستكون نتائجه أسوأ بكثير من النتائج التي خلصت اليها تجربة كوريا الشمالية، التي استطاعت مؤخرا اختبار أكبر صواريخها الباليستية العابرة للقارات والتي يمكن إطلاقها إلى المدن الأمريكية.
من الواضح أن الخراب الذي خلفته العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا دفن الكثير من فرص بقاء نظام القطب الواحد، خصوصا بعد ابتعاد أكثر دول العالم عن الانخراط في السياسة الأمريكية وميلها للانخراط في عالم متعدد الأقطاب، بعدما أفضت حرب أوكرانيا إلى معادلات سياسية وأمنية مختلفة جعلت من أوكرانيا دولة محايدة ومنزوعة السلاح يُرجح أُن تحصر في الجانب الغربي من إقليم دونباس.
وقد لا تكون علاقات روسيا مع محيطها الإقليمي في أفضل حالاتها اليوم، لكن المرجح أن أكثر الدول التي خرجت من معطف الدولة السوفيتية سيتعين عليها اليوم التعامل مع واقع جديد بالتزام مبدأ الحياد والحفاظ على الحد الأدنى المطلوب في تعاملها مع ملف المصالح الروسية.

قد يعجبك ايضا