«بلدة طيبة ورب غفور».. أسباب العدوان على اليمن

يوسف الحاضري

 

 

تمتلك دول كثيرة وعلى رأسها السعودية الثروات الطبيعية غير أنها لا تمتلك الهداية القرآنية لذا تكون نتائج هذه الأمور كارثية على مستوى الفرد والمجتمع وكذلك عندما تمتلك الهداية ويعوزك الثروة فإن تأثيرك يكون محدودا غير أن اجتماع البلدة الطيبة والرب الغفور (الهداية) تكون نتائجهما (رحمة للعالمين) وهذا ما يتوفر في يمن الإيمان.
من حكمة الله تعالى انه يصطفي من كل شيء خلقه ما يمكن للإنسان أن يؤدي دوره الاستخلافي على أكمل وجه ، فاصطفى الله من البشر من اصطفى ، وأصطفى من الأماكن ما اصطفى، واصطفى من الأزمنة ما اصطفى، وهكذا يصطفي من كل شيء وفي كل شيء فهناك اصطفاء للخير وهناك للبركة وهناك للوعي وهكذا وبالمقابل كما أن هناك اصطفاء للبركة هناك توصيف أو تصنيف للشرور والمهالك أيضا يستفيد منها الإنسان في حركته التنموية التي هي أساس استخلافه في الأرض لتكون نموذجا للباطل ليتحاشوه ويتحاشوا أحداثه وشروره، وسأسلط الضوء هنا على اليمن العظيم التي وصفها الله سبحانه وتعالى بـ (بلدة طيبة ورب غفور) وأعمل مقارنة بين من تم توصيفها من الرسول بأنها (أرض الفتن والمحن والزلازل ومنها يخرج قرن الشيطان) كأرضين خلقهما الله سبحانه وتعالى بحكمته وعلمه وقدرته وقدر فيهما ما قدره جل وعلا .
عندما وصف الله اليمن بأنها (بلدة طيبة ورب غفور) هنا تحدث الله عن الأرض وعن البشر الذين يقطنوها، فحديثه عن الأرض جاء حديثا ثابتا وليس متغيرا حيث جاء الوصف (طيبة) لموصوف ثابت (البلدة) أي أنها منذ أن خلقها الله قدر لها بحكمته وعلمه المطلقين هذه البركة الطيبة التي تشمل كل أنواع الطيب من بركة اقتصادية وسياسية وعسكرية وعلمية ومجتمعية وغيرها وأيضا وضع البركة البشرية فيها وربطها بصلاح البشر وسهل لهم ذلك بوجود (مغفرته) التي لا تتأتى مغفرة الله إلا للصالحين (ورب غفور) وغير الصالحين تحل عليهم النقمة (عزيز ذو انتقام) لذا فالأرض تخرج طيباتها وتنتجها عندما يكون القائمون عليها مؤمنين كشرط أساسي لتكتمل الصورة كاملة صورة (بلدة طيبة) من خلال الإيمان الجالب لـ (رب غفور) لذا عندما كان القائمون على اليمن في العقود الماضية بعيدين كل البعد عن الإيمان العملي الحقيقي تلاشت مغفرة الله وبركاته عليهم فأمسكت الأرض اليمنية طيبها عنهم رغم ما تحتويه من ثروات هي الأكثر على وجه الأرض سواء في باطن الأرض (ذهب وماء ومعادن وغاز ونفط وغيرها) أو على سطح الأرض (تربة زراعية وموانئ وثروات بحرية وباب المندب وأحجار جبلية وغيرها) مع بقائها لأنها (بلدة طيبة) وستبقى كذلك حتى نهاية الحياة في الأرض قاطبة لأن التوصيف جاء بالاسم وليس بالفعل أي بالثبات والديمومة ، وتنتظر هذه الأرض متى يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه يمتلكون صفات جالبة لمغفرة الله وبركاته ورحمته والتي تأتي على رأسها التواضع والرأفة والرحمة للمؤمنين (أذلة على المؤمنين) وصفات البأس والشدة والغلظة ضد الكافرين من يهود ومنافقين وغيرهما (أعزة على الكافرين) ويحملون نفسية الجهاد في سبيل الله ولا يخشون أحدا إلا الله (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) وهنا ستتفجر الأرض اليمنية طيبة كما هو شأنها أساسا والسبب في ذلك أن طيبة هذه الأرض يجب أن تصل إلى أيادٍ مؤمنة تعرف تمام المعرفة كيف تتصرف بها ضمن إطار (رحمة للعالمين) والرحمة تشمل الرحمة الدينية رحمة الهداية كأعظم نعمة ينعم الله بها على الإنسان سواء كان في شرق الأرض أو غربها وأيضا رحمة اقتصادية ورحمة سياسية وعسكرية وغيرها عكس ما يتصرف به حاليا دول الاستكبار العالمي ممثلة بأمريكا وبريطانيا والصهاينة وأدواتهم السعودية والإمارات وغيرهما الذين ينشرون البؤس والضلال والتيه والانحراف والفساد وإهلاك الحرث والنسل في الأرض قاطبة شرقا وغربا مستخدمين في ذلك ثروات أرض نجد (قرن الشيطان) وما احتلوه من أراض جغرافية في الحجاز وشرق وشمال وجنوب الجزيرة العربية لأن تلك الأرض لم يرتبط توافر ثرواتها بإيمان أهلها لأن توصيفها بأرض الفتن والزلازل والبلاء من منطلق أن كل هذا لا يتأتى إلا بالثروات التي سيبتليهم الله بها فالتحرك الشيطاني أيضا يحتاج له مالا .
أرض اليمن ومستقبل التحرك النبوي القرآني السليم مرتبط ارتباطا وثيقا بينهما والذين أوتوا الكتاب من اليهود يدركون هذه المعادلة الهامة والخطيرة لذا سعوا جاهدين منذ عقود إلى منع استخراج هذه الثروات رغم أن الأنظمة السابقة صهيونية عميلة وإن كانت بجنسيات ومسميات وأشكال يمنية لأنها تدرك أن الأوضاع ستتغير في أي وقت وسيستفيد الحق منها غير مدركين أنهم فقط ينفذون حكمة الله في أنها لن تخرج ألا بأيدي أهل الحق في اليمن ، لذا وبعد ثورة الـ٢١ من سبتمبر ٢٠١٤م وعندما تم تطهير اليمن من الباطل استشعر الصهاينة الخطر وهذا ما ظهر في إحدى كلمات قائد الحق والمسيرة القرآنية في اليمن السيد عبدالملك الحوثي والتي أشار فيها إلى ثروات اليمن وكيفية استثمارها واستخراجها فتحركوا ليوقفوا ذلك من خلال عدوانهم الذي بدأ فجر ٢٦مارس٢٠١٥م وبشكل غير طبيعي أو اعتيادي لأنهم يدركون تماما نتيجة أن تصل (بلدة طيبة) بيد من سيجلبون (رب غفور) ولم يكتفوا عند العدوان بل استمروا وسيستمرون في حروبهم المختلفة من خلال الحرب الناعمة والسعي لتطعيم المسيرة بعناصرهم الباطلة وغيرها من تحركات ليحدوا من ذلك لأن النتيجة هي للعالم أجمع .
(رحمة للعالمين) منتهى رسالة النبي محمد والتي لم تتحقق حتى اللحظة وأيضا لابد أن تتحقق كسنة من سنن الله والتي ستتحقق على يد أبناء اليمن أبناء (بلدة طيبة) كما عم الباطل والشر والإفساد في الأرض كاملة على يد أبناء (قرن الشيطان) لذا فالمستقبل لليمن وأبنائها من خلال الارتباط المستمر بقيادتها القرآنية والالتزام بالتوجيهات بحذافيرها وتزكية النفوس وتطهيرها والارتقاء بالتقوى وغيرها فقد أذن الله لهذه المسيرة أن تعم خيرها مشارق الأرض ومغاربها فليسع كل إنسان أن يكون أحد أدواتها الخيرية كي لا يكون في الجانب الباطل ولا مكان ثالث بينهما .

قد يعجبك ايضا