الثورة / إبراهيم الوادعي
بارك السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الذكرى السابعة للصمود، لقناة المسيرة الفضائية احتفالها بالذكرى العاشرة لتأسيسها، ولكوادرها المجاهدة .
وقال السيد عبد الملك عن قناة المسيرة: “كان لها الدور الرائد في الإعلام الوطني، ولعبت دورا هاما جدا في كشف تضليل الأعداء ، وكانت صوتا للشعب ولكل الأحرار ، كانت منبرا للحق ، منبرا للهدى، منبرا للحقيقة”.
وأشار السيد إلى أن قناة المسيرة تعبر عن مظلومية الشعب اليمني وعن حقه، فاستهدف مراسليها بأنشطة عدائية، من الحجب الى استهداف مراسليها ومكاتبها لكنها، استمرت بالقيام بواجباتها وتسعى نحو الافضل في المستقبل .
وثمن السيد عبد الملك يحفظه الله تضحيات الإعلام الحربي كجهاز نقل الحقائق من الجبهات ووثق أهم الأحداث الوطنية وللإعلام الوطني بقنواته وصحفه ومواقعه الاخبارية الرسمية منه وغير الرسمي.. حيا السيد عبد الملك الإعلاميين الأحرار الشرفاء من يؤدون واجبهم بكل صبر في جبهة هي من أعظم الجبهات التي يخوض فيها شعبنا اليمني المواجهة مع قوى العدوان وماكينة تضليلية ضخمة تعمد إلى تزوير وقلب الحقائق.
احتفت قناة المسيرة الأربعاء الماضي، بمرور عشر سنين منذ تأسيسها في 2012م، بحضور دولة رئيس الوزراء عبد العزيز بن حبتور وقيادات إعلامية وحكومية ومدنية، فيما يعد شاهدا على عظم التحول الذي مر به اليمن خلال عشر سنوات منذ ولادة المسيرة كقناة خالفت الجو الإعلامي والسياسي الذي ساد اليمن والمنطقة في الخنوع والرضوخ للإرادة الامريكية وعدم التغريد خارج خطوط هذه الهيمنة ، كسرت المسيرة جميعها وقدمت مقابل ذلك التضحيات في كوادرها ومكاتبها وافتقادها الاستقرار كأي قناة أخرى.
في لحظة تاريخية يمنية وإقليمية فارقة ولدت قناة المسيرة، وانطلق بثها في الثالث والعشريaن من مارس 2012م ، كان الفضاء العربي حينها مملوءا بقنوات تجتمع وتلتقي على إبقاء الهيمنة على الشعوب مع اختلاف لمن تكون الوصاية والهيمنة بين معسكر سعودي ومعسكر قطري تركي ، ويلتقي مالكوها ومديروها في كون فلسطين لم تعد القضية و”إسرائيل” اضحت واقعا مرحب به وان لم يظهر ذلك حينها فهو تجلى اليوم مع بروز موجات التطبيع الى فوق الطاولة .
بدأت قناة المسيرة بمكتب رئيس في بيروت ومكتب في ضحيان صعدة وخيمة بساحة التغيير احتضنت مكتبها في صنعاء لتكون محمية وسط الجماهير الثائرة والمحتضنة ريثما تتوضح الرؤية أكثر ومدى انشغال النظام المنقسم على نفسه بالصراعات البينية، فيما الضفة الاخرى شعبيا كان هناك أمل يكبر بولادة هذه القناة وبالتيار الوطني – أنصار الله – الذي يحتضنها .
في العاصمة صنعاء حيث كان النظام يفرض سطوته كل خروج لطاقم المسيرة شكل حينها نوعا من المغامرة قد لا يعودون، فالنظام أبقى الترخيص محجوبا عن القناة كسيف مصلت يمكنه من اعتقال كوادرها أو اتخاذ إجراءات بحقها ، وانشغاله حينها بالصراع البيني مكن المسيرة من العمل بصنعاء وأن تأمن شر النظام ، وتسابق الزمن في مهمة استنهاض البيئة الشعبية والتي أخذت بكسر حاجز الخوف من النظام رويدا رويدا مع كل يوم يضعف فيه النظام ، ويرى في الوقت عينه في القناة الناشئة متنفسا ومساحة حرة للشعب والقوى الوطنية المناهضة للوصاية السعودية والأمريكية التي كانت تعيث فسادا في اليمن ، وتزرع الخوف في كل مكان عبر أذرعها الرسمية أو القاعدة التي توزع ولاءها لكل طرف في النظام .
منذ اليوم الأول للبث وحتى عمر 10 سنوات حافظت المسيرة على ثبات الموقف، ورفعت شعار الموت لأمريكا واسرائيل في زمن التطبيع الخفي، ظلت منبرا للصدق والحق ولو على نفسها .
قدر لكاتب السطور أن يكون جزءا من طاقم الانطلاقة في مكتب صنعاء في الأسابيع الأولى وشاهد عيان لتفاصيل والاستهداف ، حيث كان المكتب خيمة والقناة كامرتين وكاميرا الشهيد لابتوب وحيد ، إلى جانب الإخوة حينها نور الدين الشريف وحمود شرف وجبريل الدرواني وزكريا الشامي وتوفيق الفضل واسماعيل الشامي ومحمد الدولة و عبدالقادر السريحي ، ومن المتعاونين الشهيد ماجد القاضي مصور شباب الصمود الذي كان يرفد المكتب بمشاهد الفعاليات والوقفات لأننا كنا نمنع من حضورها والاخ يوسف حميد الدين ، وكان يتعاون الاخ عماد الحمزي كمصور في قناة العالم، وذكرت هؤلاء بوصفهم تعاونوا في بيئة خطرة حيث قبضة النظام الأمنية القوية رغم الانقسام ومراكز الوصاية المعادية حاضرة، توحد المنقسمون لخدمة أهدافها الشيطانية المعارضة للأحلام الشعبية التي حملتها إلى الواجهة والعالم قناة المسيرة .
عانت صنعاء بكل شرائحها من التضليل الإعلامي والترهيب بالتزامن مع شن النظام حروب صعدة الست، ولم يكن يقبل باختراق هذا الترهيب أو المساس بحصنه ويتعامل بشدة إزاء أي محاولة خاصة ما قبل 2011م، حيث لم تكن الخلافات البينية للنظام قد انفجرت بعد ولا تزال تحت الرماد ، التضليل الذي مورس بصنعاء كان كبيرا جدا بلغ حد البعثات الدبلوماسية الاجنبية، واتذكر أول تصريح للقناه مع ممثل أجنبي بصنعاء أنه تفاجأ وهو يسأل عن ماهية القناة ولمن تعود، فظهرت عليه علامات الاندهاش واعتبر ان القناة تمثل مؤشرا إيجابيا عن طرف يبدو انه يقف على خلاف ما يروج عنه.
في الأيام الأولى ولمدى شهر ونصف، شكل دكان غرفة الصوت بالنسبة لمكتب المسيرة صنعاء الذي كان في خيمة مقابلة، وغرفة في فندق مرسيليا، كان شباب الصمود استأجروها لبعض الاعمال كان يجري استعمالها ايضا لتسجيل التقرير عندما تكون هناك جلبة في ساحة التغيير والتي كانت مغادرتها في وقت متأخر نوعا من الخطورة.
قبل أن يقوم الزميل الشهيد بلال والزميل زكريا ببناء غرفة صوت عزلت بكراتين البيض الفارغة في مكتب الجراف، وعد ذلك نقلة في حينه وفّر الكثير من التعب والانتظار لهدوء المحيط.
في الليلة الاولى لانتقال العاملين بعدد الاصابع نام الجميع بفرحة بتوفر غرفة في الطابق الثاني بمبنى مستأجر للمكتب السياسي لانصار الله ، وشراء أول جهاز كمبيوتر مكتبي إلى جانب اللابتوب لتسهيل العمل .
شكل انطلاق الحملة المليونية لرفض التدخل الامريكي أولى التحديات في مواجهة الوصاية الامريكية ، واضطر مراسلوها للسفر من محافظة إلى أخرى لتغطية فعاليات الحملة الشعبية التي شكلت جرس الإنذار الاول للأمريكيين وعملائهم حول ماهية المولود الإعلامي والتحول في المواجهة القادمة .
اقتحام السفارة الامريكية في 2012م من قبل متظاهرين احتجاجا على قرارات أمريكية تخص فلسطين، مثل أول تحد للقناة واصطدام مباشر مع الامريكيين ، في تبني رؤية تبقى على فلسطين البوصلة وتمنع الاطراف الاخرى من استثمارها لصالح أجندات سياسية واطراف اخرى من تحجيم آثرها وقيمة فلسطين في الوجدان اليمني ، بعد أن أخذ طرف النظام يستخدمان تلك الحادثة كل لصالحه ، ورواية امريكية تجرم الشعب اليمني وترفع عن نفسها جريمة تلك القرارات ، يومها اذكر اننا رصدنا توزيع سيارات تابعة لجهاز الامن السياسي آنذاك إعلاما للقاعدة ما عد دليلا موثقا على ارتباط أطراف في النظام بالقاعدة، واشتراكه مع الامريكيين في تشويه التحرك الشعبي ، وعشية التظاهرات نفذت القناة أولى اللينكات – اتصال فيديو عبر الاقمار الاصطناعية- في نشراتها.
وفي شارع الثورة التي كان يجري وأدها من قبل حزب الاصلاح الخائن والجنرال الفار علي محسن قائد الفرقة الاولى مدرع آنذاك، فضحت المسيرة عبث الاصلاح وقائد الفرقة الاولى مدرع الخائن علي محسن المتلحفين زورا عباءة الثورة، وكان تقريرا خالدا للزميل حمود شرف.
وحقوقيا كانت تغطية المسيرة للحملة الظالمة من قبل الشرطة العسكرية وهدم منازل عاملي مصنع الغزل والنسيج وطردهم إلى العراء أول تقاريرها الحقوقية والصدامية مع النظام الذي نشأ بعد مقتل الرئيس الحمدي الذي استولى على أرض هؤلاء العمال المساكين والمبني عليها فندق موفمبيك اليوم ، منذ الأيام الاولى للقناة مع النظام في ضفته الأخرى عفاش ومواليه.
وبحسب ما ظهر في وثائق أمنية لاحقا بعد سقوط خلايا القاعدة عقب ثورة 2014م ، فقد وضع تنظيم القاعدة اغتيال كوادر القناة على قائمة أهدافه ، وبحسب وثيقة أمنية فقد توجهت خلية مكونة من عنصرين على متن دراجة نارية لقتل طاقم المسيرة والذين كانوا يجرون مقابلات في سايلة صنعاء القديمة ، وغير وجهتهم ظهور خصم لأحد عناصر الخلية فضل تصفيته أولا .
منذ 2012م وحتى العام 2014م، حملت المسيرة عبئا ثقيلا ، كانت وحيدة في الميدان تفضح عمليات هدم الدولة من الداخل وخلفيات عمليات الاغتيال ، وترصد التوغل الامريكي عسكريا في صنعاء ، وفي الضفة الاخرى تغطي وتواكب وتحفز النشاط الثوري ضد حكومة المحاصصة برئاسة باسندوة ، والصراع بين أطراف النظام ، وأتذكر حينها كاميرا المسيرة وهي ترصد صراع باسندوة على الميكروفون يلاحقه في منصة المركز الثقافي في مهزلة لا يمكن تحملها .
وفي وسط المهام الجسام عملت المسيرة على إبقاء جذوة العشق لفلسطين مشتعلة في نفوس وقلوب الشعب اليمني ما جعل عملها في هذا الجانب حجر عثرة في تلبية النظام لمطالب الامريكي بالتقارب أكثر مع “الإسرائيلي”.
في العام الفين وأربعة عشر ومع إفشال قوى العمالة مخرجات مؤتمر الحوار بالالتفاف عليها ومحاولة سلق دستور يؤسس ويشرعن لتقسيم البلاد وفق مخطط تآمري خبيث ، وفي ظل ارهاصات ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، خطت القناة حينها تحولا كبيرا وأضحت المصدر الأول للخبر وقناة الثورة ونافذة رجالاتها لمخاطبة الجماهير الثائرة ولاحقا المحتشدة في مخيمات الاعتصام، ولم يكن مستغربا أن تحاول الفرقة الأولى مدرع استهداف مكاتبها ويصبح تحرك طواقمها في صنعاء أكثر خطورة عليهم مع انطلاق الخطوة الثالثة من التحرك الشعبي لاقتلاع العملاء .
ومع انتصار الثورة في الـ 21 من سبتمبر، حددت الثورة مكانها وتموضعت لتكون مساعدا لتحقيق أهداف الثورة بجانب المستضعفين رافضة أن تتركهم او تخلي موقعها الذي ولدت فيه بعيدة عن السلطة وغيها الزائف، والذي تغير أن القناة وجدت فرصة للاستقرار كأي قناة لها مقرات ثابتة وما إلى ذلك، ومقدرات ظاهرة للعيان تتباهى بها وتعكس تفوقها وتقدمها ، غير ان ذلك الوضع لم يستمر سوى 6 أشهر إذ فاجأ العدوان اليمن في الـ 26 من مارس 2015م .
في الايام الاولى للعدوان استهدف مكتب المسيرة في ضحيان صعدة ودمر بشكل كامل، واضطرت القناة الى العودة مجددا على امتداد الارض اليمنية لوضع غير مستقر ينعكس ذلك على كوادرها وبناء قدراتها ، والعمل في ظل بيئة خطرة طالها الاستهداف كلما لاحت للعدو منها ثغرة .
سقط للمسيرة 7 شهداء وجرح من كوادرها آخرون لا يزال بعضهم يحمل إعاقات جراء تلك الجراح، وتعرضت محطات، ارسالها بين الحين والاخر للقصف، وبثها للحجب، ومواقعها للقرصنة، وصفحاتها على اليوتيوب للمصادرة، ويورد رئيس مجلس الادارة محمد عبد السلام، أن السعودية دفعت 30 مليون دولار لحجب القناة لشهر كامل على الاقمار الاصطناعية.
وفي مواجهة ذلك ورغما عن كل تلك الظروف، أضحت القناة بوابة العالم للخبر اليمني، والمصدر الموثوق له، وغدت أيقونة في ذاكرة الصمود الوطني، كما شكلت على امتداد عشريتها الاولى ايقونة في تاريخ اليمن التحرري.
وبما أننا نكتب على صفحات الثورة، التي أضحت الى جانب كل وسائل الإعلام الرسمية منصة لتعزيز الصمود اليمني ، وشاهدا على اليمن الحر المستقل الذي يتشكل ليكون غدا بلدا قويا ذا تأثير إقليمي ودولي بعقول أبنائه التي ابدعت تصنيعا عسكريا في زمن الحرب وستبدع غدا في كل المجالات.
«الشكر هنا موصول لرئيس مجلس الادارة رئيس التحرير الاستاذ عبد الرحمن الاهنومي ، ومدير التحرير الاستاذ عباس السيد ، « وحفظا للجميل فإن «بطاقة الثورة» التي يحملها كاتب السطور كانت جواز مرور للمسيرة للحضور في بعض الأحداث حين كان النظام يحجب عنها الترخيص والحواجز الأمنية تمنع كوادرها من المرور، والبيئة الشعبية لا تزال تفك قيود ترهيب النظام قيدا وراء قيد حتى إسقاط آخر حلقة في العام 2014م واندفاع الجماهير ثائرة الى الشوارع.».
هنيئا لكل طواقم العمل في قناة المسيرة هذه المناسبة وعمرا مديدا بإذن الله والتحية عبر هذه السطور لكل زملاء الاعلام الوطني، ولاتحاد الاعلاميين اليمنيين المظلة التي توحد الاعلام اليمني في مواجهة العدوان وتجاوز ظروف الحصار الصعبة على الاعلاميين وأسرهم وشعبنا اليمني..
وغدا لنا فرحة أكبر مع الانتصار القريب بعون الله.
«إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا»
شكل انطلاق العدوان على اليمن في الـ 26 من مارس تحدا جديدا واجهته قناة المسيرة بشكل خاص، وأكبر مما واجهته وسائل الاعلام الوطنية، فتحالف السعودية برعاية امريكية أعلن أن استئصال أنصار الله وكل ما يمت إليهم بصلة، على قائمة أهدافه، وقناة المسيرة على رأس قائمة الاهداف باعتبارها صوتا سيكون مزعجا وفي اليوم الرابع للعدوان دمر بعدة غارات مكتبها في ضحيان بشكل كامل.