مذبحة جماعية تحمل رسائل استبدادية لترهيب السعوديين وانتقامية للتنكيل باليمنيين
أكبر حفلة إعدام جماعية: آل سعود يعدمون 81 شخصاً بينهم يمنيون في يوم واحد
المذبحة الجماعية الثالثة يسجلها عهد سلمان وابنه المسنود بالديمقراطية الأمريكية والأوروبية
حركة المعارضة في الجزيرة العربية: ابن سلمان ليس أكثر من مجرد قاتل يتلذذ بالقتل والمذبحة تثبت للعالم صورة النظام القاتل والوحشي
الثورة /عبدالرحمن عبدالله
أعدمت مملكة آل سعود يوم أمس 81 شخصاً في أكبر عملية إعدام سياسية ارتكبها النظام الملكي الاستبدادي بحق مواطنين من السعودية بينهم 41 شابا من أبناء منطقة القطيف، وسبعة يمنيين وسوري واحد وزعمت مملكة آل سعود بأنهم مدانون بالإرهاب وباعتناق الفكر الضال في سياق تبريرها للمذبحة الجماعية التي ارتكبتها أمس.
وتعد الجريمة التي ارتكبتها مملكة آل سعود يوم أمس هي أكبر عملية إعدام تنفذها المملكة المستبدة التي لا تخضع لا يوجد فيها قوانين ولا إجراءات قضائية ولا محاكم بالمعنى القضائي المتعارف عليه، كما تعد الجريمة أكبر مذبحة تقدم عليها الأنظمة في العالم.
ونشرت وزارة الداخلية في مملكة المذابح السعودية بيانا سردت فيه تهما منسوبة لمن أقدمت على إعدامهم يوم أمس، تضمن البيان صكوك الحكم عليهم بالقتل، مرفقا بأمر ملكي من المجرم سلمان بن عبدالعزيز بإنفاذ أحكام الإعدام الجماعية أمس السبت 12/ 3/ 2022″.
ولاقت المذبحة المروعة التي ارتكبتها مملكة آل سعود إدانات وتنديدات حقوقية وسياسية واسعة، وفي بيانها قالت المعارضة في الجزيرة العربية بأن محمد بن سلمان ليس أكثر من مجرد قاتل يتلذذ بقتل الأبرياء، واعتبرت المجزرة دليل عملي على أن كل مزاعمه حول الإصلاح هي بمنزلة الدعاية الفارغة.
وأكدت المعارضة في الجزيرة العربية بأن النظام السعوديّ ثبّت صورة النظام القاتل والوحشي للعالم، وقالت إن المجزرة نفذت بحق شباب كانوا يمارسون حقّهم المشروع في التعبير عن الرأي.
وأشارت المعارضة إلى أن النظام السعودي أقدم على ارتكاب مجزرة بحقّ عشرات المعتقلين، بينهم 41 معتقلًا من شباب الحراك السلميّ في الأحساء والقطيف أعدموا في مذبحة الأمس ، وقالت وكالة واس السعودية إن سلطات المملكة أعدمت 81 رجلاً منهم 7 يمنيين وسوري بأحكام إدانة بالإرهاب واعتناق الفكر الضال، حد زعم البيان الذي نشرته واس.
مراقبون رأوا بأن الأمير المجرم محمد بن سلمان وجه بالمذبحة التي ارتكبها أمس رسالة ترهيب للسعوديين بأكبر حملة إعدام في تاريخ المملكة رغم الانتقادات الحقوقية الواسعة، ويزيد هذا الرقم كثيرا عن 67 عملية إعدام سُجلت داخل مملكة الاستبداد والبطش والقتل والإعدامات عام 2021 بكامله و27 عملية عام 2020.
ومن بين المذبوحين يوم أمس سبعة يمنيين بينهم ثلاثة أسرى من المعارك في اليمن – حسب مصادر لـ”الثورة”، وأربعة آخرون لفقت لهم سلطات آل سعود تهما كاذبة وغير واقعية، وأدانت أوساط حقوقية بشدة عملية الإعدام في ظل غياب القضاء العادل في المملكة وتاريخ النظام السعودي في تلفيق التهم.
وتشير حملة الإعدام غير المسبوقة إلى استهتار السعودية بالدماء وهي التي تعد من أهم حلفاء أمريكا والغرب في المنطقة، خاصة أن المحاكمات الصورية التي تجريها تفتقر لأبسط المعايير الدولية للمحاكمات العادلة.
ويرى مراقبون بأن ابن سلمان أراد من المذبحة توجيه رسالة ترهيب للسعوديين، ورسائل انتقامية من اليمنيين لا تقتصر على المغتربين الذين يعيشون في الأراضي السعودية، بل وهي موجهة إلى الشعب اليمني الذي يواجه حرباً طغيانية يشنها ابن سلمان بدعم أمريكي مباشر على اليمن منذ مارس 2015,م.
الإعدامات جزء من مذابح أوسع
لدى مملكة آل سعود واحد من أعلَى معدَّلات أحكام الإعدام في العالم، وقد نفّذت سابقاً أحكامَ إعدامٍ جماعيّةً لـ47 شخصاً في يناير عام 2016؛ من بينهم الشيخ الشهيد نمر النمر، وبنفس الإدانات التي كررتها في مذبحة الأمس، حيث أُدِين السجناء الذين نُفّذت فيهم أحكام الإعدام، بالإرهاب وبأنّهم يحملون أيديولوجيا متطرفة.
ويشدد الأمير السعودي المضطرب محمد بن سلمان ولي عهد مملكة آل سعود على المذابح وحملات القمع الوحشية للنشطاء في السعودية منذ ظهوره في المشهد السياسي للمملكة عام 2015.
وفي وقت سابق شن حملات اعتقالات وتصفيات لرجال دين سعوديين وأمراء ورجال، إضافة إلى مدافعين عن حقوق الإنسان، وقام بزجهم في سجون مخفية ومارس التعذيب بحقهم، وكان ابن سلمان يكرر نفس المزاعم بأن لهم ارتباطات بجهات خارجية مشبوهة.
وتعيد المذبحة الجماعية التي ارتكبها نظام آل سعود المستبد بقيادة ابن سلمان يوم أمس التذكير بجريمة تقطيع الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وقد خلصت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، إلى أنّ ابن سلمان هو مَن أمَرَ بقتل خاشقجي وتقطيعه.
وأتت مذبحة الإعدامات الجماعية يوم أمس فيما يشهد العالم سخونة سياسية وإعلامية على خلفية أحداث الحرب الأوكرانية بين روسيا والغرب، واختار بن سلمان التوقيت حتى لا تأخذ المذبحة مدى واسعا من الإدانات والتنديدات والرفض، وهو الذي واجه عزلة دولية بعد تقطيعه لجمال خاشقجي، استطاع تجاوزها بفعل الدعم الأمريكي المستمر.
وتمتلك مملكة آل سعود سجلاً أسود في الإعدامات والانتهاكات البشعة، وتذكر تقارير أن المملكة أعدمت 63 شخصا في يوم واحد عام 1980، بعد عام من معركة جهيمان في الحرم المكي، وفي العام 2016 نفذت إعدام 47 شخصا، بينهم الشيخ الجليل المسن والعالم البارز نمر النمر.
كما تأتي المذبحة الجماعية يوم أمس فيما يواصل نظام آل سعود شن الحرب العدوانية التحالفية على الشعب اليمني منذ ثمانية أعوام، بقيادة أمريكية وبمشاركة إماراتية بريطانية وفرنسية ومن دول عربية أخرى.
وارتكبت مملكة العدوان مذابح وفظاعات وبشاعات في الحرب على اليمن، حيث قتلت ما يزيد عن خمسين ألف مدني في اليمن، ودمرت ما يصل إلى 70 % من البنية التحتية، في حرب مستعرة ووصفت بأنها من أبشع وأفظع حروب البشرية التي مورس فيها الاستهداف والقتل المتعمد للمدنيين وللأطفال وللنساء.
المنظمة الأوروبية السعودية: تنفيذ ثالث وأكبر مجزرة إعدام جماعية في عهد سلمان وابنه
قالت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن السعودية نفذت أمس 12 مارس 2022، أكبر مجزرة إعدام جماعية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، طالت 81 شخصا، من بينهم 7 يمنيين وسوري واحد.
وأضافت “على الرغم من أن الضحايا لم يحاكموا بشكل جماعي ضمن لائحة دعوى مشتركة، ساقت وزارة الداخلية السعودية لهم اتهامات عمومية في بيان نشرته، وذكرت أنهم:”اعتنقوا الفكر الضال والمناهج والمعتقدات المنحرفة ذات الولاءات الخارجية والأطراف المعادية، وبايعوها على الفساد والضلال، فأقدموا بأفعال إرهابية، مثل استباحة الدماء وانتهاك الحرمات واستهداف دور العبادة والمقار الحكومية والأماكن الحيوية”.
وترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن هذه المجزرة تعد انتهاكا صارخا للقوانين الدولية، كما أنها بمثابة نسف تام للمزاعم التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان في مقابلته مع مجلة ذا اتلانتك قبل عدة أيام، والتي قال فيها أن السعودية تخلصت من عقوبة الإعدام ما عدا فئة المتورطين في ارتكاب جرائم القتل.
تشير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أنها قد وثقت بعض قضايا هؤلاء الضحايا، فيما لم تتمكن من رصد القضايا الأخرى في ظل انعدام الشفافية في التعامل الرسمي مع قضايا الإعدام، والتهديد والتخويف للعائلات والمجتمع المدني. توثيق المنظمة لعدد من القضايا أكد أن التهم لم تتضمن أي تهم جسيمة، كما تعلق بعضها بالمشاركة في المظاهرات المطالبة بالعدالة وحقوق الإنسان.
وفيما ادعت وزارة الداخلية في بيانها أن المتهمين تمت مقاضاتهم أمام “محكمة مختصة وتم تمكينهم من الضمانات وجميع الحقوق التي كفلتها لهم الأنظمة في المملكة”، كانت المنظمة قد وثقت انتهاكات صارخة لمعايير المحاكمة العادلة، من بينها الحرمان من الاستعانة بمحام، التعرض للتعذيب، الحرمان من التواصل مع العالم الخارجي.
إضافة إلى ذلك، كانت الأمم المتحدة عبر آلياتها المختلفة قد تواصلت مع الحكومة السعودية حول قضايا عدد من الذين تم إعدامهم بينهم أسعد شبر ومحمد الشاخوري، وأكدت انطواء محاكماتهم على عدد من الانتهاكات من بين ذلك التعذيب وعدم الحصول على الحق في الدفاع عن النفس بشكل كاف.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية أن المجزرة الجماعية الثالثة في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز هي استمرار في الدموية التي اتسم بها هذا العهد، بعيدا عن المحاولات الرسمية لتبييض صورة الحكومة. وتؤكد المنظمة أن تنفيذ الإعدام الجماعي أكد كون هذه العقوبة خاضعة بشكل بحت للقرار السياسي، ولا وجود لإمكانية محاسبة المعذبين والمنتهكين.
وتعتبر المنظمة أن هذه المجزرة تكرس انعدام أي جدية أو ثقة في الوعود الرسمية، كما أنها تثير القلق على حياة وسلامة الأفراد الذين لا زالوا يواجهون عقوبة الإعدام وبينهم قاصرون، وخاصة أن هذه المجزرة التي قتل فيها 81 شخصا، سبقتها مجزرتان في في 2016 طالت 47 شخصا، وفي 2019 طالت 37 شخصا.
سلمان وابنه الوجه الأبشع للملكية المستبدة
اتخذت الإعدامات في عهد سلمان وابنه كماً ونوعاً متصاعدين، فالأرقام تتوزع كالتالي: 157 إعداماً عام 2015، 154 عام 2016، 146 عام 2017، 149 عام 2018، لتصل إلى أقصاها عام 2019 بـ164 معدوماً، ثم العام 2020 بـ66 ثم تلاه عام 2021 بإعدام 37 ، وهذا العام يحتل العدد الأكبر، وكلها نُفذت بمرسومات من سلمان المجرم وتحمل توقيعه، ورغم المذبحة التي ارتكبها أمس لا يزال العديد من المعتقلين في ممرات الإعدام، منهم رجال دين وناشطون وباحثون وأطفال.
ويقول خبراء بأن النظام السعودي يمارس الإعدامات حين يتأزم وضعه، فكلما تأزم النظام المستبد لجأ إلى الإعدامات ظناً منه أن ذلك يعكس القوة ويثير الرهبة، وسياساتُ الحكم السعودي الحالي حُبلى بالأزمات والإخفاقات والانهيارات، ما يشي بأن نهر الدم لن يجف.
وتمثل عمليات الإعدام أكثر أوجه السلطة السعودية توحّشاً، ولا يلوح في الأفق إلا مزيدا من القتل والإعدامات وعلى مرأى ومسمع الإدارة الأمريكية والأوروبيين حلفاء وأصدقاء وداعمي هذا النظام القاتل، وعلى خلاف الادعاءات الأمريكية الأوروبية بدعم حقوق الإنسان والشعارات التي تساق بهذا الخصوص، فإن النظام السعودي يسجل المستوى الأفظع في العالم في الجرائم لكن ذلك لم يؤثر على علاقته بالغرب بتاتا.
وفي الإجراءات تكشف معلومات عن وحشية بالغة تزيد عن ممارسات داعش الإجرامية، إذ يوزع المعدومون على غرف صغيرة متباعدة، ثم يفصل بين إعدام كل واحدٍ منهم 15 دقيقة، ويُخرج من الغرفة ويُطلب منه كتابة وصيته، ووفقاً للأهالي، فمعظم الوصايا تكون حول قضاء ديون والطلب أن يُحج باسمه، هذه الوصايا، كما الجثث، لا تسلم لذويها، في مشهد لا يتكرر إلا في كيان العدو الصهيوني، بعد ذلك يُسمح له الصلاة ركعتين ثم يقطع رأسه، وإن كان محكوماً بـ”حد الحرابة” يقتل رمياً بالرصاص في الرجل ثم الكتف ففي الرأس ليُجهز عليه.
الإعدامات التي يمارسها النظام السعودي فردية كانت أم جماعية، متشابهة في الذرائع والتهم، فقرار الإعدام ليس نتاج آلية عمل جهاز قضائي يمتلك لوائحَ وقوانين تصدر وفقها العقوبة، بل كان ولا يزال أحد سبل توجيه الرسائل السياسية أولاً، وإثبات “هيبة” الاستبداد والسلطة لترهيب من يفكرون في معارضة الملكية السلمانية المطلقة.