ليس أدل على مأزق حلف العدوان في اليمن من التصميم الأمريكي الدافع لاستصدار قرار مجلس الأمن الدولي الذي قضى بتصنيف أنصار الله منظمة إرهابية، وهو يشين مستصدريه ومسانديه، كما يعكس مأزق حلف العدوان وعجزه أمام هذه القوة الوطنية التحررية وديناميتها التي قلبت المعادلات ووضعت الحدث اليمني في صدارة الاهتمام الدولي والإقليمي.
حركة أنصار الله تنتمي إلى معسكر المقاومة والتحرر في مشروعها ومنهجها الفكري والنضالي وفي خطابها السياسي الإعلامي الناضج والمسؤول الذي تشير تفاعلاته الشعبية والسياسية اليمنية إلى تغلغل في عمق المجتمع، حرك استقطاباً وطنياً واسعاً وعابراً للطيف اليمني، بعيداً كليا عن الجهوية والعصبيات القبلية والعائلية.
بقدر ما يستدعي الغضب والنقمة النفير الأمريكي السعودي، يدعو للأسف الموقف الروسي الذي نفترض دائما قربه إلى الأطراف التحررية المناهضة للهيمنة والعدوان بناء على ميراث سياسي عريق في رفض التسلط الاستعماري والتنمر العدائي ضد حركات التحرر، ونهيب بالحكومات والأحزاب التحررية والوطنية في المنطقة أن تبادر إلى النقاش مع الأصدقاء الروس حول هذه المسألة من موقع الصداقة والشراكة.
الأرجح أن العقوبات لن ترتب نتائج كبيرة، وهي لن تتعدى الأثر المعنوي في انعكاسها على التوازن اليمني، لكن ذلك لا يعفي أحدا في معسكر التحرر الوطني في البلاد العربية من اتخاذ موقف واضح وحازم بدعم ومؤازرة أنصار الله الذين يمثلون طليعة مقاتلة تنتمي إلى الفسطاط التحرري في معركة محتدمة على مساحة المنطقة وفي ساحاتها وميادينها المتشابكة المترابطة مهما باعدتها المسافات.
برهن الحدث اليمني على انهيار التصنيفات والتأويلات القديمة البالية فباتت صنعاء مركز استقطاب سياسي وإعلامي للاهتمام العالمي والعربي بعدما اعتبرت طرفيّة وهامشية لعقود والتكالب الاستعماري ضد حركة أنصار الله يؤكد هذه الحقيقة.
يقينا أن مسار التطورات الميدانية المعاكس لرغبات واشنطن يفسر الحنق والعصاب السياسي الذي تجلى بالعقوبات العاجلة حسب الطلب، وهو يبشر بخشية متضخمة من نصر يمني محتوم يعد بأصداء وتجليات قادمة في البيئة الإقليمية الدولية، فتم استباق النصر المرتقب بخطوات أقرب إلى ترقيع الهيبة المعنوية المتهتكة التي زعزعها أحرار اليمن بإنجازاتهم وانتصاراتهم وتصميمهم.
الخيارات والفرص كبيرة لمقاومة التدابير العدائية وإحباط الهجمة الأمريكية السعودية ضد اليمن، بدءاً من عزيمة القتال والتصدي الصارم للمعتدين، وصولا إلى إيجاد المسارات الممكنة للتغلب على الحصار وعقد الشراكات المفيدة والمجدية التي تحقق التغيير المنشود في البيئة الاستراتيجية وتشق طريق التحولات والتراكمات التي تمهد لانتصار إرادة التحرر.
في اليمن تأكد أن الوحش الاستعماري بات نمراً من ورق كما قال زعيم الثورة الصينية «ماو تسي تونغ»، ونحن في أتم اليقين أن اليمن سيكون صرحا مشعا للتقدم والتحرر كما كانت الصين في محيطها القريب والبعيد بعد انتصارها.