السيد القائد: مكافحة الإرهاب عنوان تبريري قدمته أمريكا لاستهداف الأمة وشن حروب عدوانية
21 عاماً على أكذوبة الحرب على الإرهاب.. ذريعة أمريكا لاجتياح العالم
من أفغانستان إلى العراق ثم الصومال وليبيا وأفريقيا إلى اليمن.. الشعوب تئن من حروب أمريكا تحت عنوان الإرهاب
الثورة / حمدي دوبلة
أشار السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي إلى أن الحرب على الإرهاب مثل عنوانا من عناوين الحرب الأمريكية العدوانية على البلدان، وقال في خطابه بمناسبة ذaكرى استشهاد الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي 1443 هجرية ، ” الحركة التي قادتها أمريكا وإسرائيل هي حركة عدائية، وإن تحالف معها البعض تحت العناوين التي قدمت، مثل: عنوان مكافحة الإرهاب” وقال: إن أمريكا قدمت عناوين تبريرية، كذريعة ووسيلة تصل بأمريكا وإسرائيل إلى السيطرة المباشرة.
وأوضح “عنوان مكافحة الإرهاب وكان هو العنوان الأبرز آنذاك، لكنها مجرد عناوين تبريرية، تقدم كذريعة ووسيلة تصل بأمريكا وإسرائيل إلى السيطرة المباشرة، خلفية هذا الموقف العدائي المستهدف لأمتنا، والذي تهيّب منه الكثير واستسلم أمامه الكثير، وارتبك أمامه الكثير، والذي كان الاستسلام له سيمكن أمريكا من السيطرة المباشرة لأمدٍ طويل ثم تكون عملية التحرر منه مكلفةً جداً وبطيئةً وبثمنٍ باهضٍ للغاية، وقد تتأخر لفترةٍ طويلة، ويكون لذلك تبعات خطيرة جداً، أولئك الأعداء الذين يتحركون كأعداء عقدت معهم التحالفات من معظم الأنظمة الرسمية”
فكيف روجت أمريكا هذا العنوان وما الذي عملته تحت العنوان والذريعة نفسها من جرائم وحروب واحتلالات واجتياحات عسكرية للبلدان؟
في يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001، ادعت الولايات المتحدة الأمريكية أنها تعرضت لأكبر هجوم “إرهابي” في تاريخها الحديث، بتحويل اتجاه أربع طائرات مدنية، لضرب أهداف في نيويورك وواشنطن ، وقعت الهجمات على مركز التجارة العالمي في نيويورك ومقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، وأعلن عن ضحايا بحوالي ثلاثة آلاف شخص، وعلى إثر الحادثة التي تكشف التقارير أنها صنيعة المخابرات الأمريكية صنعت واشنطن منها “شبحاً “الإرهاب” ، وقررت مطاردته عبر البحار والمحيطات والحدود الدولية والطبيعية ، اجتاحت البلدان وأشعلت الحروب وقتلت وهجرت ودمرت وفعلت الأفاعيل كلها.
اكتسبت أمريكا فور وقوع أحداث 11 سبتمبر/أيلول فيضاً من التعاطف والتضامن من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك من العالم العربي والإسلامي ، وانساق الجميع وراء العناوين ، كانت أمريكا في حاجة لمثل هذه الحادثة لتحقيق مكاسب جيواستراتيجية تحت شعار الحرب على الإرهاب.
كانت الحرب ألأمريكية على ما أسمته الإرهاب استراتيجية أمريكية ، كلفت العالم كثيراً من الدم والمال ، فعندما نشرت واشنطن جنودها في أنحاء المعمورة بدعوى ملاحقة الإرهابيين، كانت تستثمر خوف الأمريكيين وغضبهم من العملية التي ضربت الإحساس بالأمان لديهم.
وروَّجت لخطاب ثأري ضد الحركات الإسلاميةa وخاصة حركة طالبان، ثم بقية الأعداء الذين تصنعهم دوائر المخابرات المركزية، مستحضرة خطاب نشر الديمقراطية والحرية للشعوب والمجتمعات.
واستغلت واشنطن حالة الرهاب في العالم بعد الحادثة من أجل تمرير مخططاتها خاصة في منطقة الشرق الأوسط وأنحاء العالم ، وفرضت ذلك حتى على أوروبا باعتبارها القطب الأوحد في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
استهلت الولايات المتحدة حربها على ما تسميه الإرهاب بغزو أفغانستان في 2001 بذريعة إيواء حركة طالبان الحاكمة – آنذاك – زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ، ثم كان الغزو الثاني للعراق مطلع 2003، وهذه المرة جاء في إطار ما عرف بالحرب الوقائية بزعم وجود أسلحة دمار شامل. وقد كشفت الوقائع بعد ذلك زيف هذه التبريرات.
الحملة الأمريكية على أفغانستان والعراق تزامنت مع حملات حربية غير مسبوقة في بلدان عدة تحت مزاعم ملاحقة قيادات القاعدة والتنظيمات المتحالفة معها في جميع أنحاء العالم ، ثم تحولت الحرب على الإرهاب من معركة سهلة مدعومة بالإغواء الإعلامي والجماهيري والانتخابي، إلى حرب لا أخلاقية على الشعوب، وعلى أفراد عاديين لا علاقة لهم بالإرهاب ولا بالسياسة.
ملايين القتلى وعشرات الملايين من المهجّرين
يستعرض التقرير التاريخي، الصادر عن مشروع تكاليف الحرب على الإرهاب الصادر عن جامعة براون الأمريكية، حصاد الحروب التي شنَّتها الولايات المتحدة في العراق وسوريا وأفغانستان وغيرها من المناطق التي خاض فيها الجيش الأمريكي صراعات، كثيراً ما أُشير إليها على أنها “حروب أبدية”.
كما أصدرت جامعة “براون” الأمريكية في العام الماضي تقريراً بعنوان “خلق أزمة اللاجئين: النزوح الذي سببته حروب الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر/أيلول”، رصد نتائج الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة حول العالم في إطار الحرب على الإرهاب.
تشير الجامعة نفسها أن حوالي 3 ملايين قتلتهم أمريكا في ما أسمته الحرب على الإرهاب ، وتضيف بسبب حروب عنيفة شنتها أو شاركت فيها القوات الأمريكية منذ عام 2001، نزح بين 37 – 59 مليون شخص في 8 بلدان في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، وهو رقم أكثر من أولئك الذين شرّدتهم أي حرب أو كارثة منذ بداية القرن العشرين، باستثناء الحرب العالمية الثانية”.
بعد 19 عاماً من غزو أمريكا للعراق ما زال المواطن العراقي يبحث عن الاستقرار والأمن ، وما زالت بذور “الديمقراطية ” التي كان مخططو الغزو يأملون في غرسها في بغداد، ومن ثم السماح لها بالانتشار في المنطقة بأسرها، لم تتحقق بشكل مأساوي، ولكن أدت تجربة أمريكا الكئيبة في العراق إلى عواقب مقصودة لنشر البؤس والموت والدمار المستمر هناك، وقد امتد ذلك إلى الدول المجاورة أيضاً.
وبعد مرور 20 عاماً من احتلال أفغانستان ، خرجت أمريكا ورئيسها بايدن ينفي كل ما روجته إدارات أمريكا السابقة عن الحرب ، انتهت المغامرة الأمريكية في أفغانستان لكن بقيت توابعها، وأسئلتها التي لا تجد أجوبة.
كانت الحرب على أفغانستان بدت من حيث الشكل مبررة، بسبب وجود بن لادن هناك في حماية طالبان، ولم يعترض كثيرون ، لكن غزو العراق لم يقنع الجميع، بل تسبب في انقسام العالم وقتها، لعدم وجود أسباب تدعو للحرب التي لا تزال تداعياتها الكارثية على بلاد الرافدين والمنطقة والعالم عرضاً مستمراً.
بعد نحو 20 سنة من ترويج الحرب على الإرهاب، التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، من أفغانستان إلى العراق وسوريا واليمن والصومال والنيجر ومالي إلى غرب إفريقيا، تتكشف العناوين التي روجتها أمريكا للحرب بأنها كانت ذريعة لحرب عدوانية اجتاحت بها العالم.
لطالما استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية مصطلح “الحرب على الإرهاب” كذريعة لتجسيد نزعتها الإمبراطورية للهيمنة على العالم، وجعلته شعارا لمواجهة الدول والقوى والمنظمات المناهضة لأطماعها ومخططاتها في الوقت الذي تعمل فيه وبشكل مفضوح على تأسيس ودعم وتبني الجماعات الإرهابية في كل بقاع الأرض.
الورقة الأمريكية المسماة محاربة الإرهاب، هي السلاح الذي تلوح به ضد خصومها حيث تسارع إلى تصنيف كل من يعارض أو يقاوم أجندتها ضمن قائمة الإرهاب وفق معاييرها وأهوائها الخاصة.
لكن ذريعة الحرب على الإرهاب سقطت ولم تعد تنطلي على أحد وباتت الفضائح تتوالى من داخل بيت الحكم الأمريكي نفسه، حيث اعترف مسؤولون في إدارات أمريكية سابقة بتورط أمريكا المباشر في إنشاء ومساندة وتشجيع وتسليح الجماعات الإرهابية المتطرفة، على غرار ما يسمى القاعدة في افغانستان وداعش والنصرة في الشام واليمن والعراق وغيرها من بلدان المنطقة العربية.. وفي هذا الاطار يقول السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته الأخيرة بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي : “إن التوجهات الأمريكية الإسرائيلية ضد أي تحرك مضاد لهيمنتها وأجندتها تُبنى على العناوين التكفيرية والسياسية”، ويضيف السيد القائد ” ما إن يكون هناك صوت حر، موقف وتحرك صحيح، حتى يتجه العداء إليه إلى أشد مستوى، ثم تأتي العناوين، العناوين هي لهدف استقطابي في الساحة، (العناوين التكفيرية، العناوين السياسية…)، فمن يتوجه توجهاً حراً، صادقاً، جاداً، مخلصاً، ضد التوجه العدائي، والأنشطة العدائية، والسياسات العدائية لأمريكا وإسرائيل والغرب ضد عالمنا الإسلامي، سيقال عنه كل شيء، سيقال عنه: كافر، ومجوسي، ومتمرد، وانقلابي، ومستبد… وكل الشتائم والسباب، وكل العناوين السيئة، وكل الهمز واللمز سيتوجه إليه ليلاً ونهاراً، وكم تحشد من الافتراءات، والدعايات الكاذبة، والبهتان العظيم ضده، وحتى الدعايات المتناقضة بحقه، ستبقى تتردد ليلاً ونهاراً بنشاطٍ إعلاميٍ وتثقيفيٍ واسعٍ جداً، وبحركةٍ تعبويةٍ تحريضيةٍ نشطة تدفع لها المليارات من الأموال”
ويوضح السيد عبدالملك الحوثي أن أمريكا لا تتردد في إثارة الفتن، وارتكاب الجرائم، والحصار ضد أحرار هذه الأمة، ووصفها بالإرهاب وممارسة كل أساليب التضليل والدعاية ضد الأحرار وكل من يناهض سياساتها ويتصدى لمشاريعها التدميرية للأمة .
ماضٍ أسود
استراتيجية أمريكا للسيطرة والهيمنة على مقدرات الشعوب من خلال استخدام شعارات ” الحرب على الإرهاب ويافطات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان” ليست بالجديدة، بل كانت منذ مرحلة مبكرة من ظهور هذا الكيان التوسعي وسيلة لتوسيع نفوذه، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية لم تدخر الولايات المتحدة أي جهد للسعي وراء الهيمنة العالمية والاحتفاظ بها، وسخَّرت الولايات المتحدة تفوقها المطلق في قطاعات العسكرية والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والثقافة، للتدخل كثيرا في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتنمرت على الدول الأخرى ونهبتها وسيطرت عليها تحت هذه الذرائع والشعارات.
وفي حقبة ما بعد الحرب، اتبعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة استراتيجيات الهيمنة، وانطلاقا من مبدأ ترومان المعروف أيضا باسم “سياسة الاحتواء” ووصولا إلى السياسات الخارجية للإدارات الأمريكية الحديثة، بما في ذلك استراتيجية باراك أوباما المعروفة باسم “القوة الذكية” وسياسة “أمريكا أولا” التي أعلنها دونالد ترامب وخطة “إعادة البناء بشكل أفضل” التي وضعها جو بايدن، فإن الهدف دائما هو تأمين الهيمنة الأمريكية.
تأجيج الصراعات
لا يمكن أن يكون هناك توتّر في أي مكان من الكرة الأرضية دون أن يكون لأمريكا الدور الرئيسي في تأجيجه ودفعه إلى مزيد من التصعيد، ويرى العالم حاليا كيف عملت واشنطن وبخبث ومكر على اندلاع الحرب الروسية والأوكرانية قبل أن تحاول التنصل ومحاولة القول بأنها ليس لها شأن في ما يجري.
وعملت الولايات المتحدة على تأجيج التوترات في جميع أنحاء العالم من خلال شن الحروب وإثارة المواجهات والإطاحة بالحكومات الأجنبية باستخدام القوات المسلحة، وإشعال الحروب والاضطرابات في العديد من البلدان والمناطق، مثل العراق وفلسطين وليبيا وغيرها، مستندة في ذلك إلى ما يسمى “الاستثنائية الأمريكية” التي تمنحها حق فعل ما تشاء في سبيل بسط هيمنتها وتوسيع نفوذها.
وأفرطت الإدارات الأمريكية المتعاقبة في استخدام معايير مزدوجة مع عدم مراعاة القوانين والقواعد الدولية، حيث أعاقت بشدة التعاون الدولي من خلال الاستفادة من المنظمات والاتفاقيات الدولية لملاءمة احتياجاتها، مع التخلي عن ما يتعارض مع مصالحها؛ فمن خلال التلاعب بالنظام المالي الدولي، استحوذت الولايات المتحدة على ثروة هائلة بينما كانت تغض الطرف عن الجشع والمضاربة، ما أدى إلى اندلاع الأزمة المالية العالمية، وفرضت الولايات المتحدة بشكل صارخ سلطة قضائية طويلة الذراع، لتشعل نزاعات تجارية مع العديد من الدول الأخرى، ولم تتوقف عند أي شيء لقمع أولئك الذين تعتبرهم خصوما، وحاولت التلاعب بالرأي العام العالمي في الوقت الذي حاولت فيه تصدير قيمها ” المُزيفة ” حول الديمقراطية وحقوق الإنسان لدول أخرى وشن غزوات ثقافية فيها على غرار ما حدث في أوكرانيا والتي باتت تدفع ثمنا باهظا بسبب سياسات وأطماع واستراتيجيات أمريكا.
تقرأون في الملف :
غارات وقرارات.. مجلس الأمن شريك في العدوان على اليمن ” الحلقة 15 “