حروب أمريكا العبثية تحت مزاعم مواجهة الإرهاب امتدت إلى 40%من دول العالم وخلَّفت ملايين القتلى والجرحى والمشردين
مأساة اليمن وجحيم أوكرانيا لن يكونا الأخيرين: إشعال الحروب وتصعيد الصراعات.. مهنة أمريكية بامتياز والذرائع لا تتغير
الثورة / ابراهيم الاشموري
كل الحروب التي شهدها التاريخ المعاصر كانت وراءها الولايات المتحدة، وقد استخدمت في ذلك عدة ذرائع لكنها دائما ما تضع مكافحة الإرهاب وشعارات الديمقراطية والحفاظ على حقوق الإنسان في المقدمة.
يقول باحث أمريكي في مقال نشرته صحيفة ((نيويورك تايمز)) في أكتوبر 2020 ” إذا كانت هناك أي قوة سعت للهيمنة على العالم وقسر الآخرين وانتهاك القواعد، فهي الولايات المتحدة”.
العدوان المتواصل على اليمن ما كان له أن يتواصل بكل هذه الوحشية لسبع سنوات كاملة لولا الإرادة والدعم والرغبة العارمة من قبل واشنطن التي أصبحت ترى في سفك الدماء والدمار والخراب مصدرا لكسب الأموال وتحقيق المزيد من المصالح وتعزيز هيمنتها ونفوذها في اليمن والمنطقة لذلك تختلق الأعذار والحجج لاستمرار هذا العدوان وما تزال تستخدم الذرائع ذاتها وتردد الأسطوانة المشروخة حول ما تسميه مكافحة الإرهاب وحماية حلفائها ومصالحها المشروعة.
وها هي اليوم تضرم نار الحرب في أوكرانيا، وحتما فإن اليمن واوكرانيا لن تكونا آخر المطاف لمغامرات ودموية أمريكا التي باتت تجد في هذه الحرائق مصدرا لهيمنتها غير آبهة بحياة الملايين من الأبرياء الذين يذهبون ضحايا لهذه الممارسات الإجرامية.
دولة الحروب
أمريكا هي الدولة الأولى في التاريخ الإنساني التي تجد في الحروب فرصا للنماء وتعزيز مكانتها، ويقول باحثون وسياسيون غربيون إن الولايات المتحدة تبقى أكبر مخرب للقواعد الدولية والنظام الدولي، ومصدرا لتزايد عدم اليقين وعدم الاستقرار في العالم.
مشيرين إلى أن الهيمنة وسياسة القوة اللتين تنتهجهما واشنطن كانتا السبب الأول في تقويض النظام العالمي، وتهديد السلام البشري، وتسببتا في عواقب وخيمة على العالم، وبالتالي أصبحت تلك الهيمنة والسياسة التحدي الأكبر أمام تقدم المجتمع البشري والحضارة، وكذلك التنمية السلمية.
لطالما كانت الولايات المتحدة دولة محاربة، بعد إعلان استقلالها في 4 يوليو 1776م، وعلى مدى تاريخها الذي يزيد عن 240 عام، وللحفاظ على هيمنتها انتهكت الولايات المتحدة بشكل صارخ مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأعراف القانون الدولي مرات عديدة.
وبالاعتماد على قوتها العسكرية تدخلت الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وخلقت صراعات من خلال شن الحروب وتنفيذ استراتيجيات الاحتواء والتخطيط لما يسمى بـ”التطورات السلمية” و”الثورات الملونة”، ما يهدد السلام العالمي بشدة.
ومنذ الحرب العالمية الثانية، شنت الولايات المتحدة أو شاركت في حروب في شبه الجزيرة الكورية وفيتنام وكوسوفو وأفغانستان والعراق وأماكن أخرى، وهي الحروب التي تسببت في خسائر فادحة في صفوف المدنيين وخسائر في الممتلكات، ما أدى إلى كوارث إنسانية فادحة.
وفي عام 2003م، وعلى الرغم من المعارضة الواسعة من المجتمع الدولي شنت الولايات المتحدة الحرب على العراق بتهم لا مبرر لها، ما أسفر عن مقتل ما يتراوح بين 180 ألفا و200 ألف مدني عراقي – وفقا لمعهد واتسون للشؤون الدولية والعامة – كما استخدمت ذخائر اليورانيوم المنضب والفوسفور الأبيض في العراق ما عرّض البيئة المحلية وصحة الناس لخطر كبير.
ووفقا لتقرير أصدرته في مارس 2021م مجموعة (كود بينك)، وهي مجموعة أمريكية مناهضة للحرب، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها واصلوا قصف دول أخرى على مدار العشرين عاما الماضية، حيث أسقطوا في المتوسط أكثر من 40 قنبلة في اليوم. وفي أواخر فبراير 2021م، بعد نحو شهر من تولي إدارة بايدن السلطة، شن الجيش الأمريكي ضربات جوية على شرقي سوريا، ما أثار إدانة قوية من العديد من الأطراف.
صناعة الموت
ويعزز الإنفاق العسكري المرتفع والمستمر لأمريكا ذلك القصف العشوائي الذي ينفذه الجيش الأمريكي في الخارج.
وقال معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في تقرير نُشر في أبريل “في عام 2020م، بلغ الإنفاق العسكري الأمريكي ما يقدر بـ778 مليار دولار أمريكي، ما يمثل زيادة بنسبة 4.4% مقارنة بعام 2019”.
وقال التقرير “باعتبارها صاحبة أكبر إنفاق عسكري في العالم استحوذت الولايات المتحدة على 39% من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي في عام 2020م، وكان هذا العام الثالث على التوالي من النمو في الإنفاق العسكري الأمريكي”.
ذريعة “الحرب على الإرهاب”
بعد هجمات الـ11 من سبتمبر عام 2001م، أصبحت مكافحة الإرهاب محور الأمن الوطني والسياسة الخارجية لأمريكا، ومنذ ذلك الحين، وبازدواجية معايير وعقلية الحرب الباردة، شنت الولايات المتحدة “الحرب على الإرهاب” في جميع أنحاء العالم تحت ذريعتي “الأمن الوطني” و”الدفاع عن الحرية”، وقسَّمت البلدان إلى معسكرات مختلفة، بل وأسقطت حكومات دول أخرى تحت ستار مكافحة الإرهاب.
وأصبحت عمليات مكافحة الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة أداة للحفاظ على هيمنتها وتعزيز ما يسمى بالديمقراطية والقيم الأمريكية في الخارج، ما أدى إلى إلحاق الأذى بالملايين من المدنيين، وتفاقم قضية اللاجئين، وإغراق المناطق المتضررة في حالة من الفوضى، وزيادة التهديدات الأمنية.
وبصرف النظر عما يسمى بعمليات “مكافحة الإرهاب”، فقد انتهكت الولايات المتحدة بشكل صارخ حقوق الإنسان والحريات في الدول الأخرى، كما يتضح من الفضائح المروعة للانتهاكات التي ارتكبها الجيش الأمريكي ضد السجناء في أفغانستان والعراق وعلى أيدي أدواتها في الحرب العدوانية على اليمن، حيث أسفرت الحرب على اليمن التي توشك ان تكمل عامها السابع في مقتل وإصابة عشرات الآلاف من الأبرياء بينهم آلاف الأطفال والنساء .
ويقول باحثون إن ما تسميه أمريكا الحرب على الإرهاب امتدت إلى أكثر من 40 % من دول العالم”.. مشيرين إلى أن نحو مليون مدني في تلك البلدان قضوا في تلك الحروب العبثية وأصيب نحو مليون آخرين ناهيك عن الدمار والخراب وتشريد الملايين، بينما بقي الإرهاب ومكافحته الكذبة الكبرى التي يحرص الساسة في واشنطن على ترديدها دون كلل أو ملل.