الحصار على اليمن إمعان أمريكي في الإبادة الجماعية للشعب اليمني
افتتاحية الثورة
بلغت أزمة انعدام الوقود مستويات غير مسبوقة ، حيث امتدت الطوابير أمام المحطات إلى عشرات الكيلو مترات في العاصمة صنعاء والمحافظات ، ووصل سعر الدبة البنزين إلى أكثر من ثلاثين ألف ريال في العاصمة وحتى في عدن والمهرة وغيرها ، حركة نقل السيارات والمركبات وناقلات الغذاء شبه مشلولة، المستشفيات مهددة بالتوقف ، تكاد سبل الحياة أن تنعدم أمام الشعب اليمني الذي يعتصره الحصار المفروض من قبل أمريكا ضمن سلوكها الإجرامي الذي تتبع فيه نهج الإبادة الجماعية والتجويع الشامل كأسلوب حرب لإخضاع اليمنيين وتركيعهم وفرض السياسات الأمريكية عليهم ، كانت هناك سفينة إسعافية تحمل ثلاثين ألف طن حصلت على تراخيص من الأمم المتحدة وتم فحصها من قبل تحالف العدوان، ومع ذلك عمدت سفن الحصار الأمريكية السعودية عرض البحر إلى حجزها وقرصنتها واقتيادها إلى جيزان ، منذ بداية العام المنصرم لم يسمح إلا لثلاثة عشرة سفينة بالدخول إلى اليمن بعد فترات احتجاز وصلت إلى أشهر، فقد قام تحالف العدوان بإجبار عشر سفن أخرى على المغادرة ومنعها نهائيا من بلوغ ميناء الحديدة، منذ بداية العام الحالي لم يسمح تحالف العدوان إلا لسفينة واحدة بالدخول إلى اليمن، إمعان أمريكي في محاصرة اليمنيين واستخدام حرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين بشكل صارخ ينتهك كل القوانين والمواثيق.
منذ العام 2015م تقود أمريكا تحالف العدوان على اليمن وتفرض الحصار الشامل على إمدادات الوقود والغذاء والدواء وتغلق مطار صنعاء، أمام المسافرين، واليوم تفاقمت أزمة الوقود وتكاد أن تخنق اليمنيين في الشمال والجنوب والشرق، وفي كل المحافظات، فقد بلغت الأزمة أعلى مستوياتها، وتعتقد الإدارة الأمريكية أنها تفعل ما يدفع اليمنيين للاستسلام..
لكنها تخطئ التقديرات في ذلك، فما تفعله يدفع اليمنيين لانتزاع حقهم بما لديهم من قوة وإمكانية بالاستعانة بالله وقوته.
ماذا تظن الإدارة الأمريكية بإمعانها في محاصرة ملايين البشر في هذا البلد الذي يتعرض لحرب عدوانية إجرامية وحصار مميت منذ ثمانية أعوام، أن تكون النتيجة؟ الاستسلام غير وارد، ومادامت الإدارة الأمريكية تسعى لفرض معادلة الاستسلام بهذه الطريقة فإن الشعب اليمني لديه ما يفعله ردا على هذا الإجرام ولن يبقي وسيلة في سبيل حصوله على حقوقه الأساسية من الوقود والدواء والغذاء.
لم تكن القيادة اليمنية في صنعاء يوماً ضد السلام وضد أمن إمدادات الطاقة وضد الاستقرار في المنطقة وهي منذ اليوم الأول تخوض حرب دفاع مشروعة عن شعب بالملايين يتعرض لعدوان أجنبي وحصار إجرامي ، وفي السياق هذا فالتصعيد بالحصار سيقابل بالتصعيد في الرد ولن يموت ملايين البشر تحت الحصار الأمريكي الإجرامي، ومادامت طرق إمدادات الوقود والدواء والغذاء مغلقة بسفن الحصار أمام اليمنيين فإن إمدادات الطاقة – فيما تعتبره أمريكا «ضرعها الحلوب» في المنطقة – ستكون مهددة بالفعل وغير آمنة بالرد المشروع من اليمن وقيادته الحرة والوطنية.
يذهب العدو لمحاصرة اليمنيين ثم يتعمد تحويل الوقود إلى سوق سوداء متاجرا بالمعاناة التي يسببها من خلال الحصار ، ثم يوظف كل ذلك ويستثمره إعلاميا بتحميل الضحايا مسؤولية الجريمة التي يرتكبها ، يفعل الجريمة، ثم يتاجر في المعاناة التي يصنعها بجريمته ، ثم يستثمرها ويوظفها للتحريض وتوجيه السخط باتجاه الداخل وباتجاه المقاومين للعدوان، معتقدا أن التضليل والدجل الذي يمارسه سينطلي على شعب صمد وقاوم وتصدى للعدوان وآلته العسكرية ، وحربه الإعلامية والتضليلية، نيران الغضب والسخط مصوبة نحو أمريكا ورأسها، ولن تكون المعادلة كما تريد الإدارة الأمريكية بل كما يريد الشعب اليمني الذي يمسك بحبل الله ويستعين به في هذه المواجهة المصيرية.
لا يجب على أمريكا أن تتوهم أنها بالحصار ستفرض معادلة الاستسلام، الإمعان في التجويع والحصار سيدفع بمئات الآلاف من أبناء هذا الشعب نحو الجبهات، وتجعل كل اليمنيين يرفعون شعار السخط والموت لأمريكا، وتجعل القيادة في اليمن أمام خيار وحيد وهو ضرب مصادر الطاقة “وما يسميه قائد الثورة المباركة «الضرع الحلوب في مملكة العدوان السعودية”.
العدوان بقيادة أمريكا أمام خيار واحد فقط، هو رفع الحصار، أو أن اليمنيين سيمارسون حقهم في الدفاع عن أنفسهم، القوات المسلحة لن تقف مكتوفة الأيدي والشعب يعتصره الجوع جراء الحصار، واستمرار العدوان واستمرار الحصار على الشعب اليمني، يعني استمرار عمليات الرد، الحصار عمل عسكري إجرامي خطير، والشعب اليمني لن يموت ولدى قيادته وقواته المسلحة خيارات موجعة للعدو الذي يستبيح كل شيء.
لا قرارات مجلس الأمن ستفرض معادلات أمريكا وتحالفها على اليمن، ولا الحصار الشامل والتجويع الجماعي سينتج ما تريد أمريكا، ولا القوة النارية الغاشمة من الأسلحة الفتاكة والمحظورة والقصف الإجرامي على رؤوس الأطفال والنساء والمدن والأحياء والأسواق ولا الحرب الإعلامية والنفسية ستحقق لأمريكا وتحالفها الأرعن ما تسعى إلى تحقيقه وفرضه على اليمنيين، ولا كل هذا سيجعل الإدارة الأمريكية وضرعها الحلوب آمنة مطمئنة من أي استهداف ، حق الشعب اليمني في الدفاع عن نفسه وفي الدفاع عن حقه وعيشه وحياته ثابت في الأرض وفي السماء، وإذا كانت أمريكا وتحالفها لا تعترف بهذا الحق اليوم، فغدا ستعترف به بعون الله، ومن لم يتعظ بسنوات ثمان ، سيتعظ بما سيأتي والعاقبة لهذا الشعب المؤمن الصابر المدافع عن نفسه وعن حقه.
لدى الشعب اليمني المشروعية ويملك الحق الواضح بكل البينات، ولن يستسلم للحصار ويموت تحته، وبحمد الله وعونه لديه الإمكانية لما يمكنه من إلحاق الضرر بمنابع النفط ومنشآته في السعودية، وضربها من رأس تنورة إلى ينبع وإلى بقيق وخريص، إلى الشيبة، إلى كل نقطة تمثل مصدرا للطاقة والنفط الذي يذهب إلى أمريكا وأوروبا، وإذا لم يكن ثمة سبيل إلى دفع خطر الموت عن ملايين اليمنيين المحاصرين إلا بضربها وتدميرها وتهديدها وإغلاقها على النظام السعودي فليكن وعلى الباغي تدور الدوائر.
على الإدارة الأمريكية استيعاب هذه الحقائق الماثلة، ومادام الحصار على الشعب اليمني مستمرا فإن الأمان لمنابع النفط يكون منعدما، والحق للمدافعين عن أنفسهم، وليس للمعتدين والباغين، والله مع المدافعين عن حياتهم وكرامتهم وأنفسهم وأرضهم وشعبهم، وليس مع المعتدين المجرمين القتلة الباغين الذين يدمرون ويقتلون ويحاصرون شعبا فيه ملايين البشر، منهم الأطفال الصغار والكبار الضعفاء وفيه المريض والعاجز الضعيف، وذلك دين وقيمة إنسانية نبيلة.
محاصرة الملايين وإماتتهم وإبادتهم جريمة لا أحد يريد الاعتراف بها، حق اليمنيين في الحصول على الوقود والغذاء والدواء والسفر حق أساسي ومكفول في كل شرائع الأرض والسماء لا يمكن لأي قوة في الكون مهما كانت غطرستها سلب هذا الحق، لن يموت شعب بالملايين استسلاما وحصارا ولديه من القوة ما يمكن استخدامها في الحال واللحظة ولديه المشروعية في دك منابع النفط ومنشآته وموانئه.. وعلى المعتدين تدور الدوائر.