شكّل انتصار الثّورة الإسلاميّة بقيادة الإمام الخميني أنموذجاً للشّرفاء في العالم حيث أثبتت تلك الثّورة صوابية الخيار الإسلامي الثّوري التحرّري الذي لفت أنظار الأحرار في العالم وجاء لتأكيد صوابيّة خيارهم الإسلامي ويقينيّة انتصاره حتى في أصعب الظّروف. فثورة الإمام الخميني التي شكّلت الصّفعة الأولى للشيطان الأكبر في المنطقة وللكيان الصّهيوني استطاعت قلب المعادلات وتحويل إيران إلى قوّةّ أساسيّةٍ في مواجهة الاستكبار الأمريكي وتبنّي القضية الفلسطينيّة ونصرة المستضعفين في العالم. تلك الثّورة الوليدة التي شُنّت عليها حربٌ عدوانيّة بتمويلٍ خليجيٍّ ودعمٍ أمريكيٍّ خاضها نظام صدام حسين اشتدّت قوّتها وازدادت ثباتاً وترسيخاً فكانت بارقة أمل لكلّ المقاومين الذين لم يخفوا إعجابهم بالثّورة ومنهجها الإسلامي والقرآني الذي كانت تنتهجه بعض الحركات الإسلاميّة سرّاً وعلانيةً ممّا أكّد صوابيّة الخيار والمنهج الذي كانت أولى ثماره في لبنان بانتصار المقاومة الأوّل بعد اندحار قوّات الاحتلال الإسرائيلي تحت ضربات رجال الله ليتكرّر المشهد عام 2000 بالانتصار الثّاني الذي تكلّل بهزيمة نكراء للاحتلال الإسرائيلي.
انتصار شكّل إضافةً نوعيّةً لصوابية الخيار القرآني الذي كان قد سلكه الشّهيد حسين بدر الدين الحوثي من خلال إطلاقه مشروع المسيرة القرآنيّة وتدريسها من خلال ملازم منهجيّة.. لم يغرَّه انتخابه في البرلمان بل إنّه سخّر وجوده في البرلمان لخدمة الناس ولم تغرَّه المناصب أهمية أكثر من توعية الشّباب وتحفيزه فعمل بجدٍ وكدٍّ على تحديد العدوّ وفقاً للمفهوم القرآني وإبراز مهامه وخطورته وكشف أساليبه وأدواته ووسائله وتحليل نقاط قوّته وضعفه إضافة لإدراك السّيد الشّهيد لمخاطر الوهابيّة ودورها الذي لا يقلّ خطورة عن دور الصّهاينة في محاولاتهم لمسخ الهوية الدّينية وتشويه الإسلام وتقديمه بصورةٍ منافيةٍ للحقيقة من خلال جعله ديناً إرهابيّاً لطمسه وتقديم ( الإسلام الأمريكي) الذي تحدّث عنه الإمام الخميني (قد) وهو ما كان قد استنتجه الشّهيد السّيد حسين مبكراً فعمل على مواجهة الفكر الوهابي وانحرافاته بالرّغم من قلّة إمكانيّاته في المواجهة إلّا أنه كان فذّاً صاحب منطق وحوار يحكمه العقل والقرآن.
على مدى سنوات استطاع السّيد حسين إعداد جمع من الشّباب ضمن منهجية المسيرة القرآنيّة ومع مطلع التسعينيات أطلق حركة الشّباب المؤمن ثم لاحقاً حزب الحقّ الذي أصبح يعرف باسم أنصار الله الذين أذلّوا نخبة جيوش التحالف العدوانيّ على اليمن منذ العام 2015م وحتى يومنا هذا، ليشكّلوا قوّةً كبيرةً لليمن وحليفاً أساسيّاً وكبيراً في محور المقاومة الممتدّ من فلسطين إلى لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن، قوّة باتت ترعب الولايات المتحدة الأمريكيّة وأدواتها في المنطقة وتشكّل خطراً كبيراً على الكيان الصّهيوني في ظلّ تنامي قدراتهم القتاليّة وصناعاتهم العسكريّة لا سيّما على مستوى الصّواريخ الباليستيّة والطّائرات المسيّرة، ليشكّل اليمن قوّة إضافيّة للقوى المقاومة التي ستغيّر وجه المنطقة فما زرعه الشّهيد السّيد حسين بدر الدين الحوثي من مفاهيمَ قرآنيّةٍ أثمر رجالاً أشدّاء ومقاومين أوفياء لعهده ونهجه وماضين على طريق الحقّ وذات يوم ستجمعهم طريق القدر برجال الله من إيران ولبنان وفلسطين وسوريا والعراق. حينها سيدرك العدوّ وكلّ من راهن على أمريكا أنّه كان يراهن على سرابٍ.
*كاتب لبناني