بلا أجندات أو ارتباطات أو مصالح شخصية انطلق بالمشروع القرآني

السيد حسين.. الشهيد الذي أحيا أمة

 

 

فيما سقط الكثير من أصحاب التنظيرات مثّل الشهيد القائد النموذج الكامل في الثبات والصمود استناداً إلى صوابية الخيار

في مرحلة كانت فيها الهجمة شاملة وخطيرة ومن شأنها أن تجرد الأمة من هويتها الدينية والإسلامية، من ثروتها وحريتها واستقلالها، وأن تسيطر سيطرة تامة «علينا كبشر، وكجغرافيا، وكثروة ومقدرات، في تلك الهجمة التي تقابلها أيضاً في واقعنا الداخلي كأمةٍ مسلمة وضعية سلبية ومطمعة للأعداء، أمة تعاني في واقعها الداخلي من الكثير من المشاكل والأزمات، وإرث الماضي، إرث الطغاة والجبَّارين الذين أضعفوا هذه الأمة، والذين سلبوا منها إلى حدٍ كبير روحها المعنوية، وعناصر القوة فيها، حتى باتت أمةً يطمع فيها أعداؤها»..

الثورة /

يقول السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي: أمام تلك الهجمة بكل ما تمثله من خطورةٍ كبيرة، وأمام الواقع الداخلي الخطير جداً والمطمع للأعداء، كانت مسألة تحديد المواقف والخيارات أمام تلك الهجمة مسألة بالغة الأهمية، تستدعي اهتماماً وتركيزاً وعنايةً ونظرةً موضوعية، وتستدعي التحلي بالمسؤولية، والتعامل بجدية، وتحتاج إلى التوفيق من الله «سبحانه وتعالى»، وللأسف الشديد هذا ما غاب عن كثيرٍ من أبناء الأمة، الذين كانت منطلقاتهم، وكانت قراءتهم، وكانت نظرتهم إلى تلك الهجمة نظرة خاطئة، ومنطلقاتهم في التعامل، وفي تحديد المواقف، وفي تحديد الخيارات أيضاً منطلقات خاطئة.
البعض رأى في السير مع المؤامرة والرضوخ للفاعلين في المؤامرة هو الطريق الأسلم، اتجهوا نحو تبنّي خيار وموقف الطاعة لأمريكا، والولاء لأمريكا، والعمل على تنفيذ أجندتها، والتحرك تحت مظلتها، والعمل بكل ما يفترض وهذا الولاء لأمريكا وبالتالي لإسرائيل من برامج عمل داخل الساحة الإسلامية بتوجيهٍ أمريكي، ووفق خطط معدة سلفاً من جانبه، تقتضي: العمل على إزاحة أي عوائق أمام مؤامرة السيطرة الأمريكية في هذه الساحة الإسلامية، أي تحرك مناهض لهذا الهدف.
وكان من شواهد تلك المؤامرة وتلك المخططات، الفتن الطائفية، تحت العناوين المختلفة، والعمل بكل ما من شأنه إضعاف هذه الأمة من داخلها، واستهداف كل عناصر القوة التي يمكن أن تستند إليها في مواجهة تلك الهجمة الشاملة.
يقول السيد القائد: والبعض من أبناء هذه الأمة كان موقفهم وخيارهم هو الصمت، والسكوت، والإذعان، والاستسلام، والخنوع، والتوقف عن أيِّ عمل، وعن أيِّ تحرك لمناهضة الهجمة الأمريكية والإسرائيلية، والتصدي لها، وكانوا أيضاً ينشطون ويتحركون في اتجاه التبرير لخيارهم بالنيل من كل موقفٍ يختلف معهم، ويتجه نحو التصدي لهذا الخطر الكبير على أمتنا الإسلامية.
كلا الفريقين، الأدوات المطيعة أو الصامتين المقررين كانوا على موقف «لا ينطلق من واقع مسؤولية، ولا من دراسة صحيحة، ولا من منطلقات صحيحة، في تلك المرحلة الحرجة والحسَّاسة والخطيرة جداً أتى السيد حسين بدر الدين الحوثي «رضوان الله عليه»، وحدد خياره، وبنى موقفه ليكون موقفاً وخياراً قرآنياً، على أساس العودة إلى القرآن الكريم، وهذا الموقف وهذا الخيار يمتاز بعناصر وأسس يستند إليها، لا تتوفر لأي خيارات ولا أي مواقف أخرى.
بنى الموقف وحدد الخيار
يقول قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في ذكرى الشهيد القائد 1441: عندما تحرَّك السيد حسين بدر الدين الحوثي «رضوان الله عليه» بمشروعه القرآني، وبنى موقفه، وحدد خياره على أساسٍ من القرآن الكريم، وعلى أساس الاهتداء بالقرآن الكريم، كانت ردة الفعل كبيرة تجاهه، مع أنَّ موقفه سليم بكل ما تعنيه الكلمة، صحيحٌ بكل ما تعنيه الكلمة، يستند إلى القرآن الكريم، ويعتمد على القرآن الكريم، وموقف طبيعي ينسجم مع الفطرة الإنسانية، الفطرة التي فطر الله الناس عليها لأي أمةٍ تتوق إلى الحرية، تتوق إلى الاستقلال، إلى الكرامة، إلى العزة، هذا يحقق لها كل هذه الآمال، وكل هذه التطلعات، الموقف والخيار الذي يحقق كل هذا.
انطلق السيد حسين بدر الدين الحوثي بالمشروع القرآني على أساس هذا الموقف، وهذا الخيار، ولم يكن له أي أجندة أخرى، ولا ارتباطات أخرى، ولا مبنياً على حسابات ومكاسب شخصية، ولا فئوية، ولا حزبية… ولا لأي اعتبار من الاعتبارات التي تؤثِّر على الآخرين.. يقول السيد القائد: ووجه هذا المشروع القرآني من يومه الأول ومن بداية انطلاقته بعداء شديد عندنا في الداخل اليمني، واتجهت السلطة بإشرافٍ أمريكي، وبدورٍ أمريكيٍ واضح، كان يعبِّر عنه مسؤولون أمريكيون، وكان يعبِّر عنه السفير الأمريكي في صنعاء بكل وضوح، بعدائية شديدة لهذا المشروع القرآني، وبسعيٍ دؤوبٍ وبكل الوسائل للتصدي لهذا المشروع القرآني، حملات دعائية وإعلامية كاذبة ومشوهة، استهداف لكل من ينتمون إلى هذا المشروع القرآني بدايةً بالسجون، والإجراءات الكثيرة التعسفية، من هو موظف يُفصل، من له حتى أدنى مسؤولية في هرم الدولة يفصل، أو يعادى، أو يسجن، السجون امتلأت آنذاك سجون الأمن السياسي وكثير من السجون في كثير من المحافظات امتلأت، ثم بالحروب.
لا طموح شخصي ولا أجندة خارجية
وصل العداء للمشروع القرآني لشن الحرب الأولى ضد الشهيد القائد.. يؤكد السيد عبدالملك أن السيد حسين مع ذلك «لم يتراجع أبداً؛ لأنه حمل روحية القرآن، لأن هذا المشروع يمتلك من عناصر القوة في الروحية، في النظرة الصحيحة، في قوة الموقف، في الثبات على الموقف، ما يجعل الإنسان صامداً وثابتاً في مواجهة كل التحديات مهما بلغت، ولأنه يمتلك كل هذه العناصر، بقي قائماً هذا المشروع بالرغم من كل التحديات والصعوبات والمحاربة الشرسة جداً، وفي كل تلك المراحل وإلى اليوم، واليوم المعركة قائمة على أشدها.»
مثّل الشهيد القائد النموذج الكامل في الثبات والصمود استنادا إلى صوابية الخيار، والموقف، والاتجاه، والانطلاق على أساسٍ من المسؤولية، «لم ينبع من هوى، ولم ينطلق من فراغ، وليس الدافع إليه دافعاً خاطئاً، أو دافعاً سلبياً، لا يمثِّل أجندة خارجية لصالح أي طرف هنا أو هناك، ولا إملاءات من أحد، إنها توجيهات الله «سبحانه وتعالى»، إنه هديه، إنها أوامره، إنها تعليماته «سبحانه وتعالى»، ما يقدِّمه القرآن الكريم من رؤية، ما يهدي إليه من عمل، ما يرشد إليه، ما يقدِّمه من تقييم، كل ما يقدِّمه القرآن الكريم هو من الله «سبحانه وتعالى»، فأن يكون التوجه نحو التبني للموقف القرآني، ولما يرشد إليه القرآن الكريم، هذا هو عين المسؤولية؛ وبالتالي لا يمكن التشكيك في موقفٍ كهذا، لا في دوافعه، ولا في صوابيته.»
حكمة وصوابية وثبات
من العناصر المهمة التي امتاز بها موقف الشهيد القائد وخياره هو:
– ضمان حكمته وضمان صوابيته، لا يمكن بأيِّ حالٍ من الأحوال أن يكون الموقف الذي يرشد إليه القرآن الكريم، ويحدده القرآن الكريم، والخيار الذي يعتمد على القرآن الكريم، لا يمكن أن يكون موقفاً خاطئاً، ولا يمكن أن يكون موقفاً عشوائياً وسلبياً، كل ما في القرآن الكريم هو حكيمٌ من الله «سبحانه وتعالى» بما فيه توجيهات، من إرشادات، ما رسمه وحدده من مواقف وخيارات، هو بالتأكيد حكيم.
– ضمان قوته، وضمان الثبات عليه؛ لأنه يصير حينئذٍ كجزء من التزاماتنا الدينية، والتزاماتنا الإيمانية، عندما ننطلق منطلقاً قرآنياً، عندما نتبنى الموقف القرآني، عندما نتجه وفق الخيار الذي رسمه القرآن الكريم، فنحن حينئذٍ نتحرك ونتبنى الموقف الذي هو جزءٌ من التزامنا الإيماني، والتزامنا الديني، والتزامنا الإسلامي الذي نتمسك به، ونصرُّ عليه، وندرك أنه لا مجال للمساومة عليه، ولا للخروج عنه، إلَّا ونخل بالتزامنا الإيماني والتزامنا الديني.
يقول السيد عبدالملك: البعض مثلاً كانت لهم مواقف مناهضة للهيمنة الأمريكية وللهيمنة الإسرائيلية، أو معارضة، ومن عناوين ومنطلقات أخرى، كالعنوان الوطني، أو العنوان القومي… أو أي عناوين أخرى، ولكن قليلٌ منهم من ثبتوا على ذلك، قليلٌ منهم من ثبتوا على ذلك، كنا نسمع البعض يتحدث عن الوطنية، وحديث واسع، ويستند في موقفه إلى الوطنية، ولكنه سرعان ما تراجع عن موقفه، وخرج عن موقفه، وباع الوطن والوطنية.
الموقف القرآني
من العناصر المهمة والأساسية لهذا الموقف كما ذكر السيد عبدالملك في كلمته هو أنه يعتمد على الهداية الإلهية، باعتبار أن القرآن الكريم هو كتاب هداية إلى الموقف الصحيح، وإلى الخيار الصحيح، و»يدخل تحته كل ما يتطلبه الموقف من عناصر كثيرة، ومفردات كثيرة، وأمور كثيرة، نحتاج في كلٍّ منها إلى هداية».
ولذلك فان أولئك الذين يعتبرون أنفسهم عباقرة ولهم اتجاهات أخرى، فيعتمدون على تنظيراتهم وآرائهم، و قراءاتهم الشخصية للأحداث والمواقف ويستغنون عن القرآن الكريم، وعن الهداية الإلهية «رأينا الكثير منهم سقطوا، ورأينا الكثير منهم غابوا عن الساحة، ورأينا الكثير منهم لم يقدِّموا الحل، ولم يقدِّموا الرؤية الصحيحة، ورأينا الكثير منهم في حالةٍ من التخبط والعمى والحيرة، ورأينا الكثير منهم يعيشون حالة الإحباط والإفلاس والعجز والتيه، وهذا ماثلٌ أمامنا في الساحة، نجد الكثير والكثير، من يتتبع، من يراقب، من يتأمل يشاهد الكثير والكثير.»، وقد «قدَّم السيد حسين بدر الدين الحوثي «رضوان الله عليه» أكثر من مائة درس ومحاضرة، تضمَّنت الكثير من هذه التفاصيل التي لها علاقة بهذا الخيار القرآني، وبهذا الموقف القرآني، والتي تتجه نحو كل المجالات: على المستوى السياسي، والاقتصادي، والإعلامي، والاجتماعي، والعسكري، والأمني، والتي لها صلة بكل واقع حياتنا، ولها ارتباط بكل ما نحتاج إليه في هذا الخيار، وفي هذا الموقف، لها علاقة بكل تلك التفاصيل؛ حتى نحمل الفكرة من القرآن، والرؤية من القرآن في كل تلك التفاصيل المرتبطة بهذا العنوان المهم.»
ويؤكد السيد عبدالملك أن الموقف القرآني ليس فقط في عنوانه الكبير، وعنوانه العام باعتباره يتجه نحو التصدي لهذه الهجمة الأمريكية والإسرائيلية، والتصدي لهذا الخطر الشامل علينا في ديننا ودنيانا؛ إنما هو يدخل نحو التفاصيل ليرسم برنامجاً عملياً بنَّاءً وقوياً يتجه بنا لنكون في مستوى المسؤولية، وفي مستوى مواجهة هذه التحديات وهذه الأخطار، ويتحرك بنا في كل المجالات، في تفاصيلها الكثيرة لنتجه الاتجاه الصحيح والسليم، الذي يثمر قوةً وعزةً ومنعةً، ويوصلنا إلى الانتصار في مواجهة هذا التحدي، وفي مواجهة هذا الخطر، وفي التصدي لهذا الشر.

قد يعجبك ايضا