الهدوء القاتل

كنت في زيارة لكل من كينيا وتنزانيا في شرق أفريقيا بمعية زملائي الأستاذين علي الأشول وفيصل الضلعي لأول مرة أزور هذين البلدين وهما الأجمل من وجهة نظري من حيث الاستقرار والاهتمام بالبيئة وجدية الشعب والحكومات في الدفع ببلدانهم للأمام وتنزانيا بالذات فيها انتشار للإسلام كبير وكينيا بها 20% من السكان مسلمون وهذه ظواهر هامة في علاقتنا كمسلمين وعرب بهذه البلدان.
منذ أن وطأت قدماي تلك الأرض الطيبة “الخصبة” التي اكتست بحلة خضراء بكل ترف وأنا أسجل ملاحظاتي التي تعودت أن أسجلها أينما كنت وهنا دعوني أحدثكم عن أحداها وهي ظاهرة أزعجتني إلى حد ما وهي الهدوء القاتل لمدينة بترولي تصوروا أن شخصا قادم من شوارع مزعجة تختلط فيها كل الأصوات وحارة لا تعرف الهدوء يأتي هذا الشخص لمدينة لا يستخدم فيها ” هون السيارة” إلا نادرا.. مدينة كل واحد في حاله ولا بائع يصيح بفمه وبالميكرفون على خمسة حبات برتقال! ما هذا السكون.. والهدوء القاتل ليسوا على ما يرام هؤلاء الناس في بترولي والا في دار السلام تنزانيا كيف ودعوا الإزعاج والفوضى التي تعتبر من سمات العالم الثالث المتخلف¿ متى انصرفوا لأعمالهم بلا ضجيج¿ تبا للانجليز الذين تركوا بعض برودهم في هذه المناطق في القارة السمراء الحارة حتى الاستواء!.
التعامل بهدوء قد يريح القادمين من أوروبا للسياحة وما أكثرهم.. ذكرت وزارة السياحة عندنا ومطب الدكتور القدير قاسم سلام عين وزير سياحة في بلد بلا سياحة! يعني الوزير الوحيد الذي ظلم في حكومة الوفاق ولا يلام أبدا فعمله مرتبط بالأمن والاستقرار وبما يفعله العصاة في هذا الوطن.
عودة إلى الهدوء.. الذي يشعرك بالخوف كما لو كنت وحيدا تظل بهذا الشعور إلى وقت محدد وما أن تبدأ في التكيف معه الا وتذكر أنك لا بد أن تغادر إلى بلاد الضجيج ثانية وطنك الذي لا يعبأ بغياب او بعودة أحد.
هناك من الملاحظات الايجابية وما أكثرها والسلبية لكن أدهشتني الخضرة والأزهار والثراء الذي يولد من باطن الأرض بإسراف هذا الجمال يعيد التوازن النفسي لكل الزائرين ان بترولي ودار السلام حتى شمس إفريقيا تروضت هنا وصارت دافئة وحانية.. جو لطيف يغازل الاخضرار.. الطبيعة هنا في أبهى صورها رواء وروعة.. تجد الناس هادئين وصامتين فالجمال يمنحك قدرة على التحمل التكيف الحب والعشق وترتسم البسمة على شفاهك كما لو كنت طفلا.. أجمل الأيام تلك التي قضيتها في بترولي ومماسا دار السلام وجزيرة زنجبار ولنا حديث عن الناس هناك.

قد يعجبك ايضا