الثورة لم تكن على أشخاص فحسب بل كانت على منظومة سلبية أضرت بالواقع والمستقبل

من رحم المعاناة والانكسار تنبعث إرادة الشعوب في تحدي الواقع المؤلم

د. السياغي : انتخاب الرئيس هادي ظل في وجدان كل اليمنيين محطة أمن واستقرار وخروجاٍ من النفق المظلم

القدمي : تدافع المواطنين لانتخاب هادي كان بداية التأسيس ليمن جديد يسوده الحب والاستقرار والسلام

نشوان : خروج الشعب للانتخاب وجه رسالة للمجتمع الدولي بأنه شعب يتوق إلى التغيير الايجابي وينبذ الصراع والعنف

استطلاع / ساري نصر

شهدت اليمن في يوم 21 فبراير من عام 2012م نقطة تحول تاريخية في الحياة السياسية وذلك بانتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي كرئيس توافقي للمرحلة الانتقالية عبر انتخابات رئاسية استثنائية بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لانتشال اليمن من المحن والحروب التي عصفت بها خلال تلك الفترة ليتوج بذلك اليوم ميلاد اليمن الجديد الذي جسده أبناء هذا الوطن من خلال تدافعهم إلى كافة الدوائر والمراكز الانتخابية لإخراج وطنهم الحبيب من عنق الزجاجة ووضعه على طريق التحول الديمقراطي السليم لبناء دولة القانون والمساواة والبناء والتنمية الشاملة, عاكسين بذلك حكمة ورقي هذا الشعب, مبهرين العالم اجمع بتلك الصورة الحضارية التي جسدها رغم اختلاف انتماءاتهم وميولاتهم الفكرية والسياسية والحزبية, ليكسب بذلك الرئيس عبدربه منصور هادي التأييد الشعبي والدولي للسير باليمن إلى بر الأمان وانتشاله من حالة التدهور الأمني والاقتصادي التي شهدها خلال تلك القترة.

في البداية أشار الدكتور / سامي محمد السياغي رئيس مركز الدراسات السياسية بجامعة صنعاء إلى أنه بالنظر لطبيعة الظروف الصعبة والاستثنائية التي جاءت على هامشها تلك الانتخابات فقد أبدى الشعب اليمني بكافة شرائحه وفئاته اندفاعا منقطع النظير تجاه انتخاب الرئيس هادي باعتبار وصول ذلك الرجل إلى سدة الرئاسة ظل مفتاح الأمل للانتقال من حالة المواجهة السياسية والعسكرية المتوترة بين الإطراف المتناحرة على الساحة إلى حالة الأمن والاستقرار, فضلا عن اعتبار وصول الرجل أيضا سيشكل بداية القطيعة مع ماضي المناكفات السياسية, وبالتالي فإن انتخابات الرئاسة 2012م وهادي أيضا ظلا في وجدان كل اليمنيين محطة أمن واستقرار وبداية للخروج من النفق المظلم إلى رحاب الوفاق والاتفاق بين الإطراف السياسية كافة.
نافذة أمل
وأضاف السياغي: إنه من رحم المعاناة والانكسار تنبعث إرادة الشعوب في تحدي الواقع المؤلم وفتح نوافذ الأمل في المستقبل, وذلك ما حقق المفارقة والتحدي لظروف الواقع الصعب والمخيف في حينه, الشعب خرج رغم كل الظروف والمعاناة ليسلم هادي أمانة حفظ امن هذا البلد واستقراره وجمع كافة تناقضاته الصعبة على طاولة واحدة, وقد كانت تلك ولا تزال هي المهمة بالغة الصعوبة التي يحاول الرجل القيام بها منذ ذلك التاريخ, فقد كانت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والانتخابات الرئاسية التي تلتها بلا ريب الباب الشرعي والدستوري الأمثل لقطع الطريق أمام أي طموحات فردية أو حزبية غير مشروعة للسيطرة على السلطة والاستئثار بها في ظل حالة سيولة مراكز النفوذ والقوى السياسية والقبلية والعسكرية غير المنضبطة, ولا شك أن وصول هادي عبر صندوق اقتراع حوى بين جنباته إرادة جموع الشعب الغفيرة والمتحمسة والمخلصة للوطن من كافة شرائح وتوجهات المجتمع وتياراته السياسية, ولا شك أن وصول ذلك الرجل قد مثل بفضل الله الضمانة الأكيدة لتجنيب الوطن مخاطر الانزلاق إلى مهاوي الردى والاقتتال والتناحر بين ذوي المصالح الضيقة السياسية والقبلية والعسكرية .

حكمة ووعي
ومن جهه أخرى يقول التربوي توفيق سعد القدمي من وزارة التربية والتعليم: إن تفاعل الشعب في الانتخابات الرئاسية في 21فبراير من العام 2012م كان عاليا وملفتا ومحل إعجاب وتقدير العالم ولقد كان بنفس مستوى الطموح لدى كافة أبناء الشعب بمختلف شرائحه ومكوناته, فحين خرج الملايين من أبناء وطننا الحبيب لانتخاب المرشح التوافقي المشير/ عبدربه منصور هادي رئيسا للجمهورية في ظل تلك الظروف الاستثنائية التي كانت غاية في التعقيد º والتي تجسدت آنذاك في مظاهر التمترس والتموضع والاتكاء إلى صنوف الأسلحة للاقتتال إنما أرادوا التأسيس ليمن جديد يسوده الحب والاستقرار والسلام وهذا دليل على حكمة وعمق وعي أبناء اليمن واستطاعتهم تحويل مسارات الانفعال وشدة الاختلافات والتباغض والغضب إلى واقع ومعطيات من التواد وتقبل الآخر وترجيح قيم الخير والتسامح والنماء وموجها بذلك إلى العالم اجمع أن اليمن هو بلد الحكمة والإيمان º وان رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام لم ينطق عن الهوى حين وصفنا بالأرق قلوبا والألين أفئدة, بل وأن اليمنيين هم أبناء أعظم حضارة شهدها الكون منذ قديم العصور, وأنهم حين تشتد بهم الظروف يرجعون إلى موروثهم الخالد من التعقل والرشد, لقد كانت انتخابات 21فبراير محطة تحول تاريخية º فمن خلالها خطا الوطن أولى خطوات الانتقال السلمي السلس للسلطة ديمقراطي, وبها أسدل الستار على مرحلة شهدت من التوتر والتصعيد ما شكل تهديدا عال الخطورة والحدة على امن الوطن واستقراره ووحدته فبواسطتها تم انتزاع فتيل الفتنة والعبور بالجمهورية اليمنية إلى بر الأمان .

مجتمع السلام
ويرى يحيي نشوان كاتب صحفي أن خروج اليمنيين يوم 21 فبراير 2012م دل على وعي الناس بخطورة المرحلة وعلى حرصهم الشديد على الأمن والاستقرار والتغيير السلمي خصوصا وقد استشعروا أن ثورة الشباب السلمية قد سرقت وان الذين التفوا على ثورة الشباب ليس حبا في اليمن وإنما لمآرب أخرى معبرين عن تمسكهم بالشرعية الدستورية وعن الأساليب المثلى بالتغيير وما خروجهم بزخم هائل للاستفتاء للرئيس هادي إلا دلالة واضحة على أن كثير من المخاوف أيضا لن تتبدد قواها إلا بالحلول السلمية الناجحة ومن أهم المخاوف .. خشية اليمنيين من انزلاق اليمن في مستنقع العنف الذي لا يحمد عقباه والدلالات كثيرة التي حملها الخروج المشرف لليمنيين ومنها أيضا تأكيدهم على أن الثورة لم تكن على أشخاص فحسب وإنما كانت على منظومة سلبية أضرت بالواقع والمستقبل ولذا كانت هنالك دلالة على تمسك اليمنيين بالثوابت الوطنية وعلى أنهم مدركون لحجم المؤامرة وان ما يطمح إليه الناس لم يتحقق بعد وان الضرورة قد أباحت المحظورات لإخراج اليمن من عنق الزجاجة وهناك دلاله أخرى مثلها خروج اليمنيين وهو إدراكهم بأن الحياة الكريمة والحرية والعدالة لا يمكن أن يوفرها العنف والاقتتال مطلقا وإنما العمل والمثابرة والأمن والاستقرار واستجابة صناع القرار لمطالب المجتمع وتحقيقها ودلالة أخرى تتمثل بأن اليمنيين مجتمع ديمقراطي يملك قوة إرادة وان الله سينصره على كل التحديات .

تجاوز المحن
ويؤكد نشوان أن خروج اليمنيين للانتخابات وجه رسالة قوية على المستوى الإقليمي والدولي أكدت أن اليمن خرج من عنق الزجاجة فالرسالة مثلت شعباٍ ينشد السلام رسالة سلام من شعب صابر يتوق إلى التغيير الايجابي وينبذ الصراع والعنف ويمارس الديمقراطية الحقة كما ورثها من تاريخه المجيد لا كما يراد لها من دعاة الديمقراطية المشوهة التي تحمل الشعارات البراقة وواقعها العملي صفر, لقد كانت رسالة اليمنيين قوية رسالة سلام معمدة بضبط النفس وبدماء الأبرياء من شباب اليمن ومن خيرة رجالاته لاسيما المتنورين منهم, ضبط النفس كان ولا يزال على مستوى عال تجاه الانفعالات التي قد تحدث كردود فعل مضادة لمجمل الضغوط المتزايدة والتي تمارس على الوطن بمجمله في شتى المجالات وهى رسالة واضحة للعالم بأنه لا مبرر للعنف ولا قبول لأعذار واهية هدفها تأخير اليمن عن العالم وعن العصر وإدخال اليمن في متاهات هو بغنى عنها وان اليمن اليوم بوعي أبنائه قادر على تجاوز المحن والصعاب وليس أمام الآخر سوى تحقيق السلام وتحقيق التنمية المنشودة .

رسم للمستقبل
وأشار نشوان إلى أن تدافع الناس لمراكز الاقتراع كان صورة حقيقية لشعب يمارس حقه الديمقراطي ويحدد مصيره ويرسم معالم مستقبله بنفسه وانه يحقق أهدافه الايجابية مهما كانت التحديات وان التنمية يتعين أن تتحقق في المستقبل مهما كانت الظروف وبأن لليمنيين خصوصياتهم وليس من السهل فهمهم وان من يظن انه يفهم المجتمع اليمنى بلا شك غافل وربما لا يفقه شيئاٍ لقد كانت الصورة مفاجئة للعالم من مجتمع تعود على معايشة كل الظروف ويمارس حقه الدستوري برغم كل المعتركات السياسية والظروف الخطرة التي تمر بها البلاد وانه تعود على ممارسة حقه الانتخابي وليس الأمر جديدا عليه وان ما سيكون جديدا عليه هو ما سيستجد على حياته ايجابيا وينعكس على حياة الناس جميعا لا أن تظل الأشياء حبرا على ورق لقد عكس اليمنيون صورة ايجابية للعالم بأسره أن الإرهاب والدمار والخراب ليس من اليمن ولم تكن اليمن منذ الأزل منبعاٍ للشر بل هي بلد الأمن والخير والسلام .

قد يعجبك ايضا