عامان من الإنجازات وإطفاء الحرائق
بقلم / رئيس التحرير
تتعاقب الأحداث في حياة الشعوب وفقا لمنطق التحولات الإنسانية وحتمية الحركية الاجتماعية ومع مرور الزمن تتحول إلى مجرد أرقام تستوطن صفحات كتب التاريخ إلا أن بعض هذه الأحداث تتعدى ذلك وتصبح تاريخا في حد ذاتها نظرا لحجم التأثير الذي أحدثته وقوة الإرادة الشعبية التي استندت إليها.
ومن المؤكد أن توافد ملايين اليمنيين على صناديق الاقتراع في 21فبراير2012 كان واحدا من هذه الأحداث الفارقة والاستثنائية في تاريخ اليمن المعاصر ليس لأنهم أجمعوا بطريقة منقطعة النظير على انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي رئيسا جديدا للبلاد ولكن لأنهم كانوا لأول مرة يعبرون عن قوة الإرادة الشعبية السلمية الطامحة إلى التغيير دون وصاية أو إملاء مثبتين شدة توقهم لطي حقبة ماضية والتطلع إلى حقبة جديدة يعولون عليها في تحقيق حياة أكثر عدلا ورغدا ومستقبل أندى عطاء وإنجازا.
واليوم وبعد مرور عامين كاملين من تلك اللحظة التحولية- التي أثبت معها الرئيس هادي بجدارة أنه أهل لثقة شعبه في قيادة مسار التغيير والتأسيس لحاضر ومستقبل وطني مختلف في معطياته وأسسه- تظل تلك الإرادة الشعبية في أوج إصرارها وجموحها على استكمال خطوات هذه النقلة التاريخية الصعبة والمعقدة باتجاه اليمن الجديد.
عامان من المخاض والتحديات والعراقيل وإشعال الحرائق وافتعال الأزمات واليمنيون بشتى مشاربهم يضعون أياديهم على قلوبهم وهم ينظرون إلى الرئيس هادي يخوض بكل شجاعة معترك الإنقاذ المحفوف بالخوف والمخاطر والمؤامرات وصولا إلى أهم إنجاز وطني وهو إقرار وثيقة الحوار الوطني والتوافق فيها إجمالا وتفصيلا على مرتكزات بناء الدولة الجديدة وتحديد خارطة لإرسائها.
عامان سيذكر اليمنيون فيهما للرئيس هادي أنه القائد الشجاع والوطني المخلص الذي أجبر على تولي المسؤولية في ظل ظروف عاتية ليس رغبة منه للسلطة ولكن إيمانا منه بحق شعبه عليه وتضحية في سبيل إنقاذه وهو يرى حراب الفرقة وسهام الضغائن كيف بدأت تتناوش جسده من كل اتجاه.
سيذكرون كيف تصدى لحمل المسؤولية بينما كانت البلاد على شفا جرف هار وسط انشقاق مجتمعي لم يسبق له نظير جيش منقسم أمن مفقود خدمات حياتية منقطعة أطراف أنانية متربصة وقوى ظلامية تنتهك أمن الوطن والمواطن ضغوط محلية ودولية وحال سياسية واقتصادية في أدنى مستوياتها في حين كان الصوت الطاغي هو لقعقعة البنادق وكيف كان الرئيس هادي إزاء كل ذلك الربان الماهر والقائد الحكيم لمسيرة التغيير السلمي على قاعدة لا غالب ولا مغلوب
لم يستسلم ولم يضعف ولم ينهزم بل في أحلك لحظات المواجهة كان هو الرجل الأول رجل القرار الشجاع ورجل الحوار ورجل التوافق وراعي التسوية السياسية وربان المرحلة الانتقالية وصاحب المسؤولية الوطنية في التعاطي مع كل الأطراف على قدم المساواة دون تحيز أو تعصب أو كراهية أو استدعاء للأحقاد.
ومن يسترجع اليوم مجمل مواقف الرئيس هادي وخطاباته سيجد أنه كان يحارب بروح الفدائي على كل الجبهات مصوبا همه منذ البداية لوقف النزيف اليمني ثم التصدي لقوى الإرهاب والشر وإعادة لحمة المؤسسة العسكرية والأمنية وإزالة مسببات انقسامها وانتهاء بجمعه للفرقاء المتشاكسين على طاولة مؤتمر الحوار الوطني باعتباره أهم جزئية في مسار الانتصار لفكرة التغيير الوطني.
عامان كاملان كان الرئيس هادي خلالهما ولايزال رئيسا لكل اليمنيين وبامتدادهما فتح قلبه وعقله لكل قوى الداخل والخارج استمع للجميع دون إقصاء وفوت الفرصة على كثير من القوى التي حاولت استدراجه إلى فخاخها المدمرة بحكمة وصبر تارة يهدئ مخاوف هذا الطرف وحينا يزيل اللبس لدى الطرف الآخر.
شنت عليه الحملات الإعلامية تلو الحملات ومن كل الأطراف وتجرأ المرجفون والانتهازيون على أتهامه باطلا وانتقاده كذبا تربصت بحياته قوى الشر أكثر من مرة ومع هذا لم يكترث ولم يرضخ ولم ينكسر عوده ولم تلن قناته لأن رهانه الأهم في كل هذا الخضم هو الخروج بالبلاد إلى بر آمن بأقل الخسائر وبأكثر قدر من التوافق.
ولاشك أن الرجل كسب رهانه حتى الآن بامتياز كما حظي بالمزيد من حب شعبه وثقته به لاستكمال تنفيذ بقية خطوات خارطة الانتقال صوب الدولة الجديدة في اليمن الموحد الواحد وتطبيق مقررات الحوار الساعية إلى بناء دولة تنهض على أسس الحرية والعدل والمساواة وترسيخ دعائم الأمن في ظل السلطة المؤسسية الفاعلة والحكم الرشيد وهو ما يستوجب أكثر من أي وقت وقوف كل الأطراف السياسية معه بصدق وإخلاص لإنجاز هذا ال