على العلماء ووسائل الإعلام مسؤلية التوعية لتبيان حرمة الدماء وتصحيح أفكار الشباب المغرر بهم
نظمت وزارة الأوقاف والإرشاد بالتعاون مع سفارة جمهورية مصر العربية وبعثة الأزهر الشريف الأسبوع الماضي ندوة دينية بعنوان (معاٍ ضد الإرهاب) ..
وفي الندوة التي أقيمت بمسجد قبة المتوكل بأمانة العاصمة تناول نخبة من علماء اليمن والأزهر الشريف محاور مهمة في إطار مواجهة الفكر المتطرف وتعريف الإرهاب وأسبابه وصوره وآثاره على الفرد والمجتمع وسبل مواجهته .
حيث قدم فضيلة الشيخ الدكتور الباز محمد الدميري عضو البعثة الأزهرية في بداية الندوة محاضرة أشار فيها إلى تعريف الإرهاب موضحاٍ أن كلمة “إرهاب” مشتقة من الفعل “رهب” بمعنى الخوف والرعب وان الكلمة وردت في مواضع كثيرة من القرآن الكريم بمعناها الإيجابي وهو الخوف من الله وبما ينعكس على حياة المسلم باجتناب المعاصي رهبة من الله ..
أما في العصر الحديث فإن مصطلح الإرهاب بمعناه السلبي الذي نعايشه في واقعنا أنه العدوان الذي يمارسه أفراد.. أو جماعة .. أو دول .. بغياٍ على دم الإنسان وماله وعرضه.. ويشمل صنوف التخويف .. والأذى .. والتهديد ويشمل القتل بغير حق .. وما يتصل به من هذا السبيل من قطع الطريق .. كل فعل من أفعال العنف .. أو التهديد.
مؤكداٍ أن الإرهاب آفة خطيرة على الفرد والمجتمع ككل ولا يستثنى منه أحد لأن نتائجه تكون على مستوى البلاد عامة
وقال الدميري :
إن دوافع هؤلاء من الإرهابيين التي يجسدها فكرهم وآراؤهم وتصرفاتهم وفي أسلوب ومنهج معاملاتهم ترجع ترجع إلى أنهم لم يسمعوا كلام الله وأقوال الرسول – عليه أفضل الصلاة والسلام- ولم يستوعبوها بالفهم الصحيح والفكر المستنير في إطار عقيدة الإسلام السمحة البناءة.. التي تجمع ولا تفرق.. وتبني ولا تهدم .. وتعمر ولا تخرب .. وكان عليهم أن يدرسوا الدين دراسة واعية كاملة غير مبتورة قبل أن يتوجهوا وجهة مخالفة.
وأضاف :
في الوقت نفسه ترجع هذه الظاهرة إلى أنهم سمعوا كلام الله وكلام رسوله إلا أنهم لم يستجيبوا.. بسبب فكرهم الضيق .. وتطرفهم البغيض.. وهذا هو الخطأ الأكبر.. إذ ليس يدعو إلى الدين من لا يفهم ويستوعب ويتمسك بأمر القرآن الكريم وحديث الرسول – عليه الصلاة والسلام.
دوافع دنيئة وآثار مدمرة
وحول الآثار السلبية التي تعود على الفرد والمجتمع من وراء هذه الظاهرة المؤلمة تحدث فضيلة الشيخ جبري ابراهيم حسن مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف :
مشيراٍ إلى أن من أبرز هذه الآثار السلبية انتشار القلاقل والاضطرابات .. والقلق والفزع .. والخوف وعدم الأمان.. وافتقاد الإنسان للهدوء والاستقرار والاطمئنان.. فيصبح شارد الفكر مبلبل الخاطر.. وينعكس ذلك على عمله فيقل الإنتاج.. ويهبط مستوى الأداء .. وينتشر الفساد والكساد.. وتنعدم الثقة بين الجميع.. فتفتح أبواب الشر .. وتتقطع أوصال المجتمع.
وقال : إن الإرهاب عنف منظم يهدف إلى خلق حالة من التهديد العام الموجهة إلى دولة أو جماعة أو مصالح للدولة .. ومن ثم فالإرهاب فعل إجرامي تحركه دوافع دنيئة ومريضة من قبل هؤلاء الجماعات.
واستطرد قائلاٍ : إن هذه الظاهرة الإرهابية تتسبب في إزهاق الأرواح وسفك الدماء – دماء الأبرياء- وتهديد الأمن والسكينة للآمنين وتدمير الأوطان والممتلكات وتشويه صورة الدين الإسلامي الحنيف السمح الذي دعا إلى الوسطية والاعتدال واحترام الأديان وحماية الأديان وحماية المعتقدات وحفظ الأنفس والممتلكات ودعا إلى الرحمة في كل شيء.
وفي ختام محاضرته أشاد الشيخ/جبري بإسهامات بعثة الأزهر الشريف وعلمائها الأفاضل في اليمن على صعيد التوعية بمخاطر الإرهاب وتعزيز نهج الوسطية والاعتدال مؤكداٍ أن هذا الدور امتداد للدور العظيم الذي يقوم به الأزهر في خدمة رسالة الإسلام وتبليغها للعالم أجمع منذ مئات السنين.
وسائل اجتثاث الإرهاب
وحول سبل العلاج لهذه الظاهرة تحدث فضيلة الشيخ/أيمن حشيش عضو البعثة الأزهرية قائلاٍ :
يجب علينا كل من موقع عمله وبحسب مسؤوليته أن نوضح للجميع بأن الإرهاب مرض سرطاني ووباء معدُ.. يستدعي معالجته معالجة دقيقة وبطرق صحيحة ومتابعة مستمرة من أهل الحل والعقد والعلماء والعقلاء والمحبين للسلام وللإنسانية وللأوطان.
وأكد الشيخ حشيش على ضرورة أن لا تقتصر جهود مكافحة الإرهاب على الحلول الأمنية بل أن يتركز الجهد في وضع الحلول الفكرية الكفيلة باجتثاث آفة الإرهاب من جذورها لكون هذه الآفة ناشئة أصلا من فكر خاطئ ومشوة ينبغي تصحيحه.
وأشار حشيش إلى جملة من الحلول الفكرية لظاهرة الإرهاب في مقدمتها الاهتمام بالشباب وتبصيرهم بتعاليم الإسلام الصحيحة وتباين موقف الدين الحنيف من قتل النفس وتذكيرهم بحرمة الدماء وهي المسئولية التي تقع على عاتق العلماء ووسائل الإعلام بحيث يتردد على مسامعهم الأدلة التي تؤكد احترام الإسلام للدماء ونهيه عن قتل النفس أياٍ كان صاحبها فما بالك من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداٍ رسول الله.
وأضاف: ولا بد أيضا لمكافحة الإرهاب أن نسعى لإقامة العدل فالعدل أساس الملك والمجتمع الذي تسوده قيم العدل يصبح أكثر التزاما بالسيكنة والبعد عن العنف أو اللجوء للجريمة وبالعدل فقط تنعدم البيئة المساعدة على نمو التطرف الذي يمثل الدافع الرئيسي للإرهاب. ومن الحلول التي أوردها حشيش إلتزام نهج الحوار كوسيلة للوقاية من داء الإرهاب فالتصرفات الخاطئة تكون نتاجا لأفكار خاطئة ولا يمكن وقف هذه التصرفات دون تصحيح الأفكار عبر الحوار. وبالإضافة إلى ذلك أشار حشيش إلى ضرورة فتح باب الأمل أمام الشباب المغرر بهم بالعفو عمن يعود منهم إلى جادة الصواب.. فالإنسان يزداد إيغالا في الخطأ إذا أدركه اليأس. وأخيرا يختتم حشيش مؤكدا أنه إذا لم تجدي الوسائل السابقة فإن على ولي الأمر أن يوقع بحق الإرهابيين العقوبة الرادعة انطلاقا من قوله تعالى “ولكم في القصاص حياة” لكون الهدف من العقوبة هو الحفاظ على الأمن الاجتماعي الذي يمثل غاية وضرورة في ديننا الإسلامي الحنيف.