نصر الله.. شموخ في زمن الانبطاح
يكتبها اليوم \ طه العامري
بمعزل عن كل الحملات الدعائية والأكاذيب التي تطال (حزب الله) وأمينه العام السيد حسن نصر الله، فإن كل ما يقال يبقى مجرد أكاذيب ويبقى حزب الله هو الرقم الصعب في المسارين اللبناني والعربي، ويبقى أمينه العام هو إيقونة النضال الوطني والقومي كقائد ينتمي لفئة رواد الحركات النضالية الوطنية والقومية، فهذا القائد العربي الشامخ في زمن الانبطاح الثائر في عهد الارتهان والتبعية، الحر في عصر العبيد، الصادق في عصر الكاذبين والمنافقين والمزورين، نصر الله وفي كل مرحلة حضارية يثبت لكل العالم أنه الرقم الصعب ، وأنه حارس لبنان وكرامته وسيادته، وهو الومضة المشرقة في ليل العرب الداكن والقاتم السواد.
نصر الله ليس مجرد قائد عربي عابر، لكنه – بما يمثل من قيم نضالية – يمنح الجماهير العربية ثقتها بنفسها وبرسالتها وبدورها ويحيي فيها كل قيم الهوية والانتماء والاعتزاز بوجودها.
إنه – ومن خلال كل مواقفه – يعزز في وجدان وذاكرة الأمة العزيمة والإرادة والاعتزاز حد التفاخر بالهوية والانتماء ويعيد إنتاج وتفعيل كل القيم والمفاهيم النضالية للامة والإنسانية، والتي تحاول قوى الشر طمس كل معالمها ليس من الذاكرة الجمعية للأمة والعالم بل ومن الأسفار التاريخية، بحيث لا يبقى شيئا يذكرنا بأي موقف نضالي لأي مناضل أيا كانت هويته وكانت مواقفه.. لكن نصر الله يصر بكل إطلالة له على أن يذكرنا – والعدو والعالم بكل قناعته – أن المسيرات النضالية لحرية وسيادة وكرامة الشعوب لن تتوقف وأن شعلة الحرية لن تنطفئ وأن هذه الأمة لن تنكسر إرادتها ولن يخفت صوتها في مواجهة الطغيان والمستكبرين والمتغطرسين من أعداء الشعوب الذين ينفقون المليارات من أجل تدجين هذه الأمة وإظهارها كأمة ذليلة مقهورة تبيع سيادتها وحريتها وتتنازل عن كل قيمها وكرامتها مقابل (رغيف خبز) مغمس بالذل والعار.
نعم.. يعيد السيد حسن نصر الله إلى الذاكرة الجمعية العربية والعالمية صورة زاهية الألوان لمناضلين من أجل الحرية والكرامة من أمثال الزعيم جمال عبد الناصر، وهوشي منه، وماوتسي تونج، وارنيستوتشي جيفارا، ولوران كابيلا، ونهروا، وغاندي، وكاستروا، وشافيز، وبن بيلا، وسوكارنوا، ولمبومبا، والكثير من المناضلين وعشاق السيادة والكرامة الذين أوقدوا خلال مسيراتهم النضالية مشاعل الحرية وقدموا للأمة والبشرية دروسا في كيفية العيش بكرامة وحرية وسيادة فوق الأرض وتحت الشمس.
نصر الله ليس مجرد قائد لمقاومة عربية إسلامية وحسب، بل وثائر حر يؤمن بقيم الحرية وبحق الإنسان أن يكون حرا ويعيش حراً عزيزاً وسيداً كريماً فوق الأرض وتحت الشمس، بل هو إيقونة نضالية ومدرسة نضالية وسياسية وفكرية استطاع بكارزمية استثنائية أن يقدم نموذجا نضاليا وطنيا وقوميا وإنسانيا وهو النموذج الذي أربك به أعداء الأمة والمرتهنين لهم من المحسوبين عليها، فمثّل – من خلال مواقفه النضالية هذه – الأمل الذي كانت الأمة تبحث عنه ليكون وسيلتها في تجديد مساراتها الحضارية ومواجهة ثقافة الارتهان والتبعية والانبطاح المذل لعدوها المتغطرس ولأذنابه من المرتهنين الأذلاء الذين قبلوا أن يساوموا بكرامتهم وسيادتهم وحريتهم مقابل حياة ذليلة مجبولة بكل مفردات الخنوع والقهر والتهميش والانحطاط.
في خطابه الأخير، تحدث السيد حسن نصر الله عن حرية لبنان والحرية في لبنان، فكان صادقا وصريحا وشفافا في طرحه المتزامن مع حملة لبنانية رسمية غايتها تطويع لبنان وإجباره رسميا وشعبيا (ليغني خليجيا)، وهذا ما رفضه (نصر الله) الذي أكد على حرية لبنان وعلى إبقاء لبنان دوحة الحرية وحاضنة الأحرار كما عهدناه منذ عقود موغلة.. ولم يغفل في حديثه رؤيته عن الدولة وسيادتها ودورها في خدمة مواطنيها واضعاً نفسه ندا للعدو وجزءا من معادلة اجتماعية لبنانية يعيش مع كل قوته وقدراته تحت سقف الدولة اللبنانية ونواميسها الاجتماعية.. إنه القائد والثائر والمناضل والمثقف الموسوعي يقف على رأس مقاومة استثنائية في مثاليتها وأدوارها ورسالتها.. مقاومة وقائدها يواجهون كل سهام الغدر والخيانة والتهم و(الشيطنة) بصدور واسعة وبصبر لا مثيل له ولا حدود له، لأن الهدف الذي يسعون إليه أكبر وأعظم من كل المفردات التي يسوقها خطاب الارتزاق المدفوع الثمن سلفا.
تحية إجلال وتقدير لهذا القائد العربي الشامخ ولدوره ولرسالته، ولكل أحرار الأمة وعشاق كرامتها.. ولا عزاء للمنبطحين ونخاسي الأوطان ومرتزقة الأعداء.