صلاح محمد الشامي
لو نزل هذا العنوان في أي صحيفة أو مجلة أيام حكم (عفاش) لما صدَّقه أحد، ولكان وسيلة للتندر في المجالس والباصات والمقاهي والمناسبات، ولأصبح (كذبة أبريل) التي لا تُنسى، ولَكُتبَ حوله المقالات والتعليقات، وأصبح حديث الجميع .. هذا، واليمنُ كانت تعيش مرحلة استقرار وهدوء سياسي، فلا حروب ولا حصار، وكل ثروات البلاد تحت سيطرة الدولة .. وذلك لأن الدولة لا تهتم بأمور كهذه، الدولة آنذاك همها الأكبر والوحيد خلق الخطط والذرائع لاستمرار حكم (عفاش) ولا شيء غير (عفاش).
لم تكن اليمن تصنع حتى إبرة الخياطة، وكل ما يُطلق عليه اسم (صناعة) في اليمن لا يتجاوز ما تقوم به الشركات الخاصة برؤوس الأموال المحلية – الصابرة رغم أنفها على ممارسات رأس الدولة وأذنابها من أمور القرصنة بدعوى الحماية- من صناعات غذائية ودوائية وصناعة المنظفات والأواني البلاستيكية، وغيرها من الصناعات، التي تستورد موادها الخام من الخارج، وكذلك أدوات التعبئة، إلا فيما ندر، مع العلم أن غالبية هذه الشركات ليست سوى وكالات أو فروع لشركات عالمية، تتبع الدول الاستعمارية، التي تفرض على اليمن وغيره من دول العالم العربي عدم تشجيع الصناعة والزراعة والإبداع، ومحاربة المبدعين، والزج بهم في السجون، ليخرجوا منها بلا عقول، أي (مجانين) بفعل التعذيب المتعمد لإذهاب العقل.
كل مبدع لابد أن يُلجم أو يُعد، لا مجال لإطلاق العقول اليمنية المبدعة، كما لا مجال لأن تتبنى الدولة مثل هذه الأمور، وكانت وزارة الصناعة مرتبطة بالتجارة؛ لانعدام فعاليتها في مجال الصناعة، فهي فقط تمارس الجانب الإشرافي على الشركات الصناعية والتجارية، حتى مصنع الغزل والنسيج الذي بني إبان حكم الإمام، عُطِّلَ عَمداً، ليبقى اليمن مستورداً لكل شيء لا منتجاً لأي شيء، حتى غدونا بذلك مثلاً ومثالاً للتخلف، يتندر بذلك حتى إخواننا العرب الذين نكن لهم كل الحب.. وهذا كله بسبب (القادة الزعماء الأبطال) الذين حكموا اليمن من فجر ثورة سبتمبر الأولى إلى ثورة سبتمبر الثانية.
وكل صوت يظهر شاذاً عن طريقة أذيال الحكم الاستعمارية لابد أن يُقذفَ خارجاً، كما فُعِلَ بالشهيد الحمدي من قِبَلِ من آل إليهم الحكم عقب قتله.
اليوم يعيش اليمن حالة حصار وعدوان منذ انتصار ثورة سبتمبر الثانية قبل سبع سنوات وأشهر، ورغم ذلك نُفاجأ بالخبر المصور على شاشاتنا وفي مقدمتها (المسيرة الفضائية) بأن اليمن يصنع أول حراثة زراعية بأيدٍ يمنية.
أين نحن من عهدٍ لا عهدَ فيه لظالم، ولا وعدَ فيه لخائن، ولا عزم فيه لخائر!! كنا ألعوبةَ الأنظمة نأكل ونشرب كما ترعى الأغنام، لا شأن لنا كشعب بأمور التنمية، لأن ذلك “ من أمور السياسة العُظمى “ التي لا مجال للدخول فيها، أو التحدث عنها، وأذكر هنا التقائي إبان حكم (عفاش) بـ (بروفيسور) مجنون، يفترش رصيف ميدان التحرير بالعاصمة صنعاء، قال لي بالحرف: عذبوني بالكهرباء لأني تحدثت عن منجم الذهب الذي أشرف عليه، لاعتبار ذلك من أسرار الدولة العليا.
اليوم نحن تحت حصار جائر وعدوان ظالم، بنيتنا التحتية كلها دمُرت بصواريخ طائرات التحالف عدة مرات، حتى لا تقوم لها ولا لنا قائمة، ورغم ذلك اليمن يصنع.
اليمن يصنع الطائرات المُسَيَّرة، اليمن يصنع الصواريخ الباليستية، اليمن يستخدم الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية محلية الصنع بنجاح، ويضرب في العمقين السعودي والإماراتي، ولا تستطيع دافاعاتهما الجوية ردع صواريخنا ولا طائراتنا المسيرة، وهذا برأيي ورأي كل إنسان (طبيعي) تفوّق غير مسبوق على المستوى الدولي والعالمي.. فقد حطّم اليمن أسطورة القبة الحديدية، وأسطورة أمريكا وبريطانيا والغرب الذي لا يُقهر.
اليوم اليمن يصنع المعدات الزراعية، ولا أقول هنا المعول والمحراث التقليدي، بل يصنع حراثة، ولو اعتمد المشروع على التجميع في بعض أجزائه، لكنه إنجاز عظيم بكل معنى الكلمة.
ولنسأل أنفسنا، كيف كان الحال إذا لم يكن اليمن تحت نيران القصف ليل نهار، والحصار الذي سيتجاوز بعد شهر واحد فقط السبع سنوات، من حال التصنيع والزراعة والتعليم وتنمية الفنون والآداب !!
إذاً أين مربط الفرس … أليس في وضع قيادة الدولة، أليس في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وهنا أشكر الله أولاً على أن مَنَّ على اليمن بالقيادة القوية الأمينة، وعلى رأسها سيدي ومولاي عبد الملك بن بدرالدين الحوثي “ حفظه الله ونصره “ ، وكذلك أشكر محافظ الحديدة على جهوده المبذولة لإنجاح هذا المشروع، وعلى جهوده الجهادية العظيمة التي لا تخفى على أي يمني حر وشريف، وفي جميع المجالات، كما أشكر كل من ساهم في إنجاز هذا المشروع وخاصة (جمعية إكتفاء الزراعية) في مديرية المراوعة.
غداً سنرى طيران التحالف يستهدف مديرية المراوعة، ويستهدف الحقول الزراعية ومنازل المزارعين. لماذا ؟ لأن من كان يشترط على زعماء الماضي محاربة الزراعة والصناعة في بلدهم، هم من يشنون هذا العدوان على اليمن وشعبه طيلة سبع سنوات إلى الآن، ويفرضون هذا الحصار الجائر، وهم كل من بريطانيا وأمريكا ومن ورائهم ( والآن في مقدمتهم علناً) دولة الكيان الصهيوني، بأيد عربية سعودية وإماراتية، ومن خلفهم أحذية الأحذية من أنظمة عربية وعملاء محليين.