في سكرتهم يعمهون

يكتبها اليوم / حمدي دوبلة


– بدلاً من أن تسارع الإمارات إلى إعلان الانسحاب من اليمن والاعتذار من شعبه على ما اقترفته يدها الآثمة في هذه البلاد، بما يؤمِّن لها الخروج بأقل الخسائر الممكنة وبشيء من ماء الوجه، فتحت خزائنها وجعلتها مُشرعة أمام تُجّار الحروب وأرباب المصالح في الشرق والغرب، متوهمة بأن ذلك سيوفِّر لها أمناً واستقراراً، وسيعيد لها الصورة الزاهية التي كانت عليها قبل أن تطالها أعاصير الغضب اليمني.
– لقد ختم الله على أبصارهم وأفئدتهم وأصمّ آذانهم، وران على قلوبهم فهم لا يسمعون شيئا ولا يعقلون، ولعل لعنة زيارة قاتل أطفال فلسطين إلى أبوظبي الإرهابي هرتسوغ، قد سلبتهم التوفيق في اتخاذ القرار الصائب وفي النظر بوضوح إلى مجريات ومستجدات الأحداث من حولهم، ومن فوق رؤوسهم ومن تحت أقدامهم، فراحوا في سكرتهم يعمهون.
– يعتقد النظام الإماراتي -كما اعتقد نظام بن سلمان من قبل- بأن تضامن قوى الطغيان والاستكبار معهم ومع عدوانهم وكذلك المنافقين والمتزلفين هنا وهناك في هذا العالم المُنحَل من كل القيم والفضائل إلا من رحم الله، هو حبّاً في عيونهم وإعجاباً بإنجازاتهم وأعمالهم وتطاولهم في البنيان، أو ربما يوهمون أنفسهم بذلك، مع يقينهم الجازم بأنهم ليسوا في عيون الآخرين بأكثر من خزينة ملأى بالمال أو برميل نفط لعين وبقرة أو ماعز حلوب في أحسن الأحوال, لكنهم لا يملكون من أمرهم شيئا ولا يسعهم رفض الصفقات أو الممانعة في إنفاق أموالهم على الأعداء الطامعين، وأنهم لا يستطيعون ردّ عروض الحماية التي تصلهم من كل مكان.
– خلال الأيام والساعات القليلة الماضية تداعت بلدان العالم لتقديم خدماتها ولعابها يسيل أمام كعكة بن زايد الطازجة، فبعد كيان الاحتلال الصهيوني ورادارات الليزر خاصته وأنظمة دفاعاته الجوية” المتطورة” وقبته الحديدية الفاشلة، وبعد رأس الإرهاب العالمي أمريكا، أقبل ماكرون لأخذ نصيبه من الكعكة بإعلان قرار الحكومة الفرنسية مضاعفة الدعم العسكري للإمارات.
– وزيرة الحرب الفرنسية ” فلورنس بارلي” أعلنت قبل يومين مساعدة باريس لتأمين ما أسمته المجال الجوي للإمارات من أي خرق، وأكدت أن مقاتلات “رافال” التابعة للبعثة الفرنسية في أبو ظبي “تشارك إلى جانب القوات المسلحة الإماراتية في مهام المراقبة والكشف والاعتراض إذا لزم الأمر”.. وذلك بعد ساعات فقط من إعلان إدارة بايدن التي أصمّت آذان العالم بحديثها عن السلام الموافقة على بيع الإمارات قطع غيار بقيمة 30 مليون دولار من أجل أنظمة الدفاع الصاروخي هوك، إضافة إلى بيع السعودية 31 نظاما لتوزيع المعلومات متعدد المهام مقابل ما يصل إلى 23.7 مليون دولار لتحديث أنظمة دفاعها الصاروخي، ومقاتلات إف-16 وعتادا حربيا للأردن ومن أسمتهم حلفاءها في الشرق الأوسط بما يقدر قيمته بنحو 4.21 مليار دولار.. وما خفي كان أعظم، لكن ما هو مؤكد للجميع أن كل هذا العتاد الحربي الضخم لن يوفِّر أمنا ولا هدوءاً للمعتدين والمحتلّين.

قد يعجبك ايضا