البناء العشوائي بالعاصمة.. الحلول المحبوسة!


دراسة:
(40% ) زيادة في سكان صنعاء أغلبهم من الأرياف.
الزمزمي: البناء العشوائي يخلف آثاراٍ اقتصادية واجتماعية ومخاطر أمنية مختلفة.
الجهاز المركزي للإحصاء:
الرخص الصادرة في 2012م نحو 5715 رخصة
أطراف العاصمة والمحافظات الكبرى.. مسارح لجرائم البناء خارج نطاق التخطيط
الحكاية تبدأ بعد وجود تخطيط مستقبلي حكومي.. وتنتهي بمعاناة السكان.
يعد الشكل الحضاري والعمراني الهندسي إحدى السمات الرئيسية لعواصم المدن في العالم.. لكن ما تواجهه أمانة العاصمة من خروج عن المخططات العمرانية وتشويه مستمر يعد من الظواهر التي تتزايد يوماٍ تلو الآخر حيث أصبحت عائقاٍ حقيقياٍ لتطور العاصمة.. البناء العشوائي في العاصمة تسبب بمشكلات كثيرة أهمها غياب وصعوبة الحصول على الخدمات العامة “كالمستشفيات والمدارس والمياه والكهرباء والهاتف.. وغيرها” في تلك المناطق.. مما يعد مشكلة حقيقية يتصدرها غياب التنفيذ للمخطط العمراني من الجهات المختصة كما يشترك فيها غياب الوعي المجتمعي..
ضياع الهوية
سعيد المفلحي من سكان منطقة وادي أحمد يشتكي قائلاٍ: “هوية الشارع الرئيسي للمنطقة ضاعت فبعد أن كان خطاٍ رئيسياٍ أصبح عبارة عن شوارع فرعية غير منتظمة حيث لا نستطيع من خلالها التحرك بحرية ناهيك عن غياب الخدمات الرئيسية وبْعدها عن سكان المنطقة” .. كما طالب سعيد الجهات المعنية بتحمل المسؤولية تجاه وهذه العشوائية ومعالجة المشكلة لأنها باتت تؤرق السكان في تلك المنطقة..
جابر الهروش من سكان منطقة السنينة يقول: “البناء العشوائي ظاهرة منتشرة في اليمن ككل وذلك لغياب التخطيط السليم وتجاهل الرقابة من قبل الجهات المعنية مضيفاٍ أن منطقة السنينة إحدى المناطق التي تعاني من هذه الظاهرة.. كما أنه يطالب بسرعة وضع حد لتنامي هذه الظاهرة كون أمانة العاصمة وجه اليمن..
مؤشرات إحصائية
في إحصائية عن عدد المساكن في العاصمة من المباني والتراخيص بحسب الإحصاء السنوي للعام 2012م والصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء: توضح بأن المديريات العشر لأمانة العاصمة قْسمت إلى “89” من الأحياء والأحياء مقسمة إلى “791” حارة.. ومن أهم المؤشرات التي تطرق إليها الإحصاء السنوي في التشييد والبناء والإسكان للعام ذاته بأن عدد الرخص الصادرة ” 5.715″ رخصة في 2012م .. وعدد المساكن في نفس العام: “339ألف” مسكن.. موزعة في الريف والحضر بأمانة العاصمة.
غياب التخطيط
وفي دراسة ميدانية أجراها فريق من الباحثين بالمركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل “منارات” ومؤسسة “مع الناس” للتنمية حول احتياجات ومشاكل المناطق العشوائية “عصر العليا – مديرية الوحدة – أمانة العاصمة” نموذجاٍ.. بينت في المحور السكاني للدراسة أنه يمكن اعتبار التوسعة التي عرفتها المنطقة طبيعية نتيجة لزيادة سكان المنطقة حتى ثمانينات القرن الماضي حيث ضربت موجة التوسع المنطقة حتى أصبحت حاليا تشمل (10محلات) كما شهدت المنطقة توافد أناس من غير أهل المنطقة الأصليين للسكن فيها ويمثلون ما نسبته (40 %) من السكان..
وخرجت القراءة المتأنية للمعلومات التي تم جمعها وتدقيقها (باستخدام أدوات الــ P. R. A) عن السكان في المنطقة بمؤشر التقارب الشديد بينها وبين المؤشرات الديموجرافية للجمهورية فمتوسط عدد الأسر في المسكن هو (أسرة واحدة) ما يتطابق مع مؤشرات تعداد 2004. ويقترب عدد أفراد الأسرة الواحدة في المنطقة من (6.2 شخص) مما هو مدون في تعداد عام 2004 ( 6.9 شخص)..
وما يمكن استنتاجه من خلال المعلومات المجمعة أن المجتمع المدروس يعتبر متوسطا وفقا للكثير من المعايير مثل توزيع الثروة ونسبة المتعلمين ووفقا للملاحظة المباشرة أيضاٍ ما يتعلق بنوعية المباني وتواجد خدمات مثل (الكهرباء والهاتف الثابت) وتواجد السيارات الخاصة بالأهالي.
إلا أنه ومن منظور آخر تعتبر من المناطق الفقيرة خدمياٍ حيث لا تتواجد في المنطقة أي خدمات تعليمية أو صحية أو بنى تحتية حديثة تساعد على سهولة العيش وتعكس قربها من قلب العاصمة.
وأوضحت الدراسة بأن هذا التضاد بين القرب الزمني والتباعد الخدمي تسببت به عدة عوامل منها عدم وجود تخطيط مستقبلي واضح ومنظم من قبل السلطات الحكومية المسئولة.
كما يتحمل المجتمع المحلي جزءاٍ من المسئولية حيث يتم التوسع دون أي التفات لصلاحية الموقع أو وضع أي رؤية مستقبلية أو عواقب اختيار المكان.
ونوهت الدراسة بأنه يمكن ملاحظه ضعف دور الجمعيات والتعاونيات (رغم وجودها) وتغييب الجانب النسوي في أنشطه هذه المؤسسات.. وبالرغم من أهميه الجانب الديني في تركيبة الإنسان إلا أن دور المسجد يعتبر غائباٍ من حيث الإسهام في التوعية بشكل عام .
ومن ناحية اقتصادية لفتت الدراسة إلى المنطقة تعتمد بشكل كبير جدا على زراعة وتسويق القات مما يعكس عدم وجود وعي تنموي لدى الأهالي من ناحية تطوير المنطقة بإيصال مشاريع تنموية إليها .
وتبرز إعاقة العادات والتقاليد السلبية والمتأصلة للاستثمار في الإنسان حيث يعارض الأهالي التنازل عن أي قطعه أرض مقابل الحصول على مدرسة أو مركز صحي.
أنشطه غير مهيكلة
“البناء العشوائي يستعمر أطراف المدن ويلتهم الأراضي الزراعية ويخلف آثاراٍ اقتصادية واجتماعية ومخاطر أمنية مختلفة” هكذا بدأ حديثه المهندس عبده قائد الزمزمي -مدير إدارة التفتيش الفني بمكتب الأشغال العامة والطرق بأمانة العاصمة- ويضيف قائلاٍ: ظاهرة البناء العشوائي مشكلة مؤرقة للحكومات وبالأخص دول العالم الثالث.
كما يعتبر الزمزمي أمانة العاصمة إحدى المدن التي يحيط بها البناء العشوائي من جميع الاتجاهات الطرفية للعاصمة وتكمن خطورة هذه المشكلة في كونها تؤسس ميلاداٍ يومياٍ لأحياء سكنية عشوائية بدون أدنى اعتبارات لضوابط البناء والإجراءات المنظمة لها.. من تخطيط وقنوات صرف صحي وشبكات مياه وكهرباء وطرقات وغيرها.. الأمر الذي خلف أنشطة غير مهيكلة ومعايير مخدوشة انعكست سلباٍ على واقع التخطيط الحضري.
ويرجع مدير إدارة التفتيش ذلك إلى سوء الأوضاع الاقتصادية وإقرار ربط المسئولية بالمحاسبة رغم القوانين التي سنتها الحكومة مؤخراٍ وخاصة قانون التخطيط الحضري لسنه 1995م ولائحته التنفيذية وكذلك قانون البناء رقم (19) لسنه 2002م ولائحته التنفيذية.
وتوجد أماكن التجمعات العشوائية في أمانة العاصمة بمنطقة قاع القيضي المدخل الجنوبي للعاصمة صنعاء (حالياٍ تابعة لمحافظة صنعاء) وجزء من منطقة الخفجي (حجز مستشفى السرطان سابقاٍ – مديرية السبعين) ومنطقة الحزام الأخضر بمديرية السبعين (منطقة الليل- السنينة – مديرية معين) منطقة وادي أحمد ( مديرية بني الحارث) منطقة الخميس وبني حوات – مديرية بني الحارث)..
محدداٍ بأن البناء العشوائي يكمن في: “البناء غير المرخص والبناء على أراضي غير مخصصة للبناء وبناء يقوم في أرض مغتصبة أو غير مملوكة كذلك البناء الواقع خارج نطاق تخطيط المدن” وهذه الأنواع تتواجد في أغلب المحافظات وخاصة المحافظات الكبرى والتي تتركز فيها مقومات الخدمات التي يطلبها المواطن وخاصة ابن الريف في ظل البحث عن حياة كريمة والهروب من شظف العيش إلى مقومات عيش أكثر تتناسب مع متطلبات الحياة اليومية وهذا ما يبدو من توجه السواد الأعظم من الناس إلى أطراف العاصمة صنعاء لتشييد أبنية غير مستوفية لأدنى شروط السكن اللائق .
تصوير / مراد مبروك

قد يعجبك ايضا