الثورة / عبده أحمد
صباح كل يوم تغادر فاطمة حسين منزلها مشياً على الأقدام، متجهة نحو مزارع الذرة قاطعةً مسافة تتجاوز ثلاثة كيلومترات، لتقضي ساعات في حصاد سنابل الذرة، التي ينتشر زراعتها على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بمدينة زبيد بمحافظة الحديدة.
فاطمة البالغة من العمر 35 عاماً، تعمل في هذه المهنة مع العشرات من نساء القرية، وهي مهنة اعتادت النساء في القرى الريفية على مزاولتها، حيث تعتبر مصدراً لكسب لقمة العيش.
تقضي فاطمة وزميلاتها أربع ساعات على الأقل يومياً في العمل بالمزرعة، ويتم توزيعهن على الحقول الجاهزة للحصاد، ويستخدمن أداة حادة لقطع سنابل الذرة تسمى الشريم أو باللهجة التهامية (محش)، حيث يقمن بقطع السنابل ووضعها في زنبيل كبير حتى يمتلئ ، بعد ذلك يذهبن به إلى مكان جمع المحصول.
تهامة تنتج آلاف الأطنان من الحبوب
وتشتهر منطقة تهامة الحديدة بزراعة أنواع الذرة ، فهي تنتج ما يقارب ثلث المحصول الزراعي اليمني ، فبحسب كتاب الإحصاء الزراعي للعام 2020م, الصادر عن وزارة الزراعة والري بصنعاء, فإن محافظة الحديدة أنتجت 82.902 أطنان من الحبوب منها 57.683 طنا من الذرة الرفيعة, مزروعة على مساحة 99.647 هكتارا, متصدرة محافظات الجمهورية بصورة كبيرة, حيث لم تنتج بقية المحافظات سوى 98.039 طنا فقط, كما أنتجت 23.130 طنا من الدخن, بينما لم تنتج بقية المحافظات سوى 20260 طنا فقط, مزروعة على مساحة 37.427 هكتارا, وكان إنتاج المحافظة من الذرة الشامية 2.089 طنا, مزروعة على مساحة 2.123 هكتارا.
أجور زهيدة
خلال سنوات العدوان زادت عمالة الإناث بنسبة كبيرة في المجال الزراعي، وذلك بسبب فقدان الكثير من أرباب الأسر لوظائفهن ومصادر دخلهن، مما أضطر النساء للخروج للعمل في المزارع، الأمر الذي أدى إلى انخفاض أجور العاملات
تقول فاطمة” نتقاضى في اليوم ما يقارب 1000 ريال وهو مبلغ زهيد مقابل ما نقوم به من عمل، وذلك بسبب وجود عدد كبير من العاملات الجدد في هذه المهنة ، أصحاب المزارع لا يمنعون أحداً عن العمل ولذلك يضطرون لخفض أجورنا لكي يحصل الجميع على مبلغ مالي “.
وتضيف” أغلب نساء القرية يعملن في المجال الزراعي سواء في أيام الحصاد أو قبله، والبعض منهن يعملن مع أقاربهن وأزواجهن في أراضيهم المملوكة وبدون أجور.
” توقف زوجي عن العمل في أحد المصانع بسبب العدوان، أجبرني على الخروج للعمل في المزارع” هكذا تحدثت بدور غالب لموقع “الحديدة نيوز” وتضيف” لم يكن أمامي أي خيار آخر غير العمل بالمزارع أنا وزوجي من أجل الحصول على المال لتوفير بعض ما نحتاجه من طعام، والحمد لله يومياً اذهب مع نساء القرية للعمل ونعود قبل صلاة الظهر، وقد تقاضينا مبلغاً زهيداً أعطيه لزوجي.
العمل من أجل لقمة العيش
المهندس الزراعي محمد عزي يشير إلى أن المرأة الريفية تعد شريكاً أساسياً في النهضة الزراعية باليمن عموماً، فهي تشارك ابتداء من عملية الحراثة وتسوية الأرض والزراعة والبذر وصولاً إلى الحصاد، لكن يتم استغلالهن بشكل كبير، فهي لا تتقاضى نفس الأجور التي يتقاضاها العاملون الرجال، وهذا يعد ظلماً بحقهن، لكن نظراً لحاجتهن للمبالغ الزهيدة فهن يقبلن العمل مقابل تلك الأجور.
ويضيف” أن ما نسبته 60 % على الأقل من نساء الريف، يعملن في الزراعة من إجمالي القوى العاملة في هذا المجال، حيث استطاعت المرأة أن تواجه كل الظروف القاسية التي واجهت أسرتها منذ بداية الحرب، وساهمت الكثير منهن في تأمين ولو قيمة وجبه غذائية لأسرتها، خصوصًا في المناطق الريفية، حيث تعمل معظم النساء في الزراعة وتربية الأغنام والمواشي وصناعة المشغولات اليدوية.