للأوجاع والألم حكايات طويلة مع البحث عن ما يسكنها ويقلل من أنينها في ليالي الألم والمعاناة ليكون الحل إسراع المريض إلى تعاطي تلك المسكنات التي تباع في الصيدليات والمحلات والبقالات بطريقة سهلة وبسيطة من دون استشارة الطبيب مما يسبب الكثير من المشاكل والأضرار لمتناولي هذه الأدوية المسكنة ولكن بحسب الأطباء فإن تأثيرها أكبر على النساء في حالة الإدمان على هذه المسكنات والتي منها “الأسبرين” و”إيبوبروفين” و”أسيتامينوفين”) التي لها تأثير كبيرعلى المدى البعيد.
نبيلة عبدالله طالبة جامعية أدمنت المسكنات والمهدئات في فترة من الفترات حيث كانت تعاني من مشكلة عدم انتظام الدورة الشهرية مما يسبب لها الألم مما اضطرها لتناول المسكنات والمهدئات العادية من الصيدلية واستمرت عليها فزادت حالتها سوءاٍ ورافق تلك المضاعفات ارتفاع في ضغط الدم وبعد الفحوص أثبت وجود تكيسات في الرحم فكان لتلك المسكنات والمهدئات أثر في زيادة المضاعفات وتفاقم المشكلة.
سماح السري ربة بيت تقول: أنا حديثة الزواج ولكن تأخرت في الإنجاب بعد أن أجهضت في الولادة الأولى حيث تبين بعد الفحص وجود أكياس دهنية في الرحم وأضافت: أنا معروفة في العائلة أني لا استغني عن المسكنات التي تعودت عليها بسبب آلام الأسنان فأدمنت عليها وخاصة الأسبرين” و”إيبوبروفين والتي تضررت منها كثيراٍ وزادت المضاعفات دون أن أشعر فكانت النتيجة أني أجهضت وربما أتأخر عن الإنجاب لفترة نتيجة ذلك الإدمان على هذه المسكنات التي كنت أحسبها عادية ولم أتخيل أن لها أثراٍ خطيراٍ قد يحول بيني وبين الحلم بالأمومة لفترة طويلة.
صيدليات
الصيدلاني عصام مغلس يؤكد أن المسكنات بمختلف أنواعها مثل(السيتامولو-البنادول والبروفين) ممكن صرفها للمريض ولا يتطلب الأمر وصفة طبية لشرائها أو بيعها عدا المنوم الذي لا نصرفه إلا بروشتة طبيب أما المسكنات فهي مطلب الجميع وبشكل يومي وتباع حتى في البقالات والمحلات وهي تساعد الناس على التخفيف من مرض معين أو إرهاق الضغوط اليومية إلا أن هناك أناساٍ يستخدمونها بطريقة خاطئة حيث يتم خلط هذه المسكنات للحصول على مادة معينة تعطي مفعول المخدرات ولما لها من تأثيرات معينة وقال: لا يوجد أي فرق في استخدام المسكنات بين الكبار والصغار والنساء والرجال إلا أن الأكثر استخداماٍ هي المرأة نتيجة الظروف التي تحيط بها والأعمال والجهد وأضاف قائلاٍ: لا يوجد أي قانون يمنع بيع المسكنات والمهدئات لذا هي في متناول الجميع.
محمد الخامري صيدلاني آخر يقول: هناك مفهوم لدى الناس حيث يعتقدون أن المسكنات تقضي على كل الآلام وهذا يجعلهم يبالغون في استعمالها وخاصة أنها تصرف دون وصفة طبية مع أنه من الخطأ أن يتم تناول المسكنات جزافاٍ حيث أن الإفراط في تناولها يؤدي إلى مضاعفات أخرى منها القرحة في المعدة والحساسية ويؤكد أن النساء أكثر استخداماٍ لهذه المسكنات وذلك لظروف معينة تمر بها المرأة فهي تتناولها لتسكين الآلام الشديدة ومنها المورفين والميثادون والأسبرين والبيثدين ويتم تناولها لتقليل الشعور بالألم لزيادة القدرة على أداء الأعمال المنزلية.
ونبه إلى أن للمسكنات أضراراٍ عديدة منها أن استمرار تناولها يؤدى إلى الإدمان كما أنها تسبب فقدان التركيز والاتزان والنعاس والغثيان والقيء علاوة على فقدان الوعي والدخول في غيبوبة.. ومن أخطر أضرار استخدامها إنها رغم شدة الإصابة تخفي الشعور بالألم لأن الألم في حد ذاته عبارة عن إشعار الجسم بأن هناك مشكلة ما في الجسم لا يشعر بها المريض.
أهل الاختصاص
أستاذ أمراض النساء والتوليد جامعة ذمار الدكتور عبدالرحمن الحرازي يؤكد أن استخدام المسكنات أو المهدئات لدى النساء غير الحوامل مشكلة بحد ذاتها فالكثير من النساء والرجال يتعاطون المسكنات أو المهدئات عند وجود ما يستدعي استخدامها كالصداع والألم المصاحب لنزلات البرد وآلام الدورة الشهرية وآلام الأسنان والظهر لكنه قال: ما يمكن اعتباره مشكلة صحية أنها أدوية يتم شراؤها من الصيدلية مباشرة بدون الرجوع للطبيب في ظل انعدام الثقافة الصحية لدى الأفراد المستخدمين لهذه الأدوية والنساء يشكلن نسبة أكبر في تغذية هذه الممارسة لتصبح عادةٍ يومية ومؤشر خطورة.
وأضاف: الجانب الآخر وهو الأكثر خطورة على صحة النساء والرجال هو انعدام الرقابة على بيع العقاقير المهدئة وخاصة تلك التي تحتوي على مواد مخدرة وتباع بدون قرار أو نصيحة الطبيب وعندما يصاحب هذا الانفلات في الضمير انفلات آخر هو عدم وجود الصيدلي المؤهل يؤدي ذلك إلى مؤشر خطير وهو تنامي الظاهرة.
وتابع قائلاٍ: ولتوضيح الصورة الحقيقية للمسكنات والمهدئات فإنها تندرج تحت عدة فئات أو تصنيفات يمكن تلخيصها كالآتي: الفئة الأولى وهي المسكنات البسيطة مثل الباراشيامول والأسبرين وهذه الأدوية لا ضرر منها لو أخذت بالجرعات العادية مع انعدام أي موانع لاستخدامها وليست ضارة سواء في الحمل أو الرضاعة أو غيره وخطورة استخدام هذه العقاقير قد تنتج فيما لو أخذت بجرعات زائدة أو أعطيت لصغار السن بجرعات أكبر من حدودها الطبيعية حسب وزن الطفل مع التأكيد على أن الأسبرين يجب أن لا يعطى للمرأة كذلك للرجل المصاب بالربو. أما الفئة الثانية وهي مسكنات الآلام غير المخدرة وهنالك أنواع كثيرة تندرج تحت هذه الفئة مثل الفولتارين والأيبوبر وحمض الميفانمك وغيرها وهي غير ضارة بالجرعات الطبيعية المقررة ولها تأثيراتها الجانبية مثل التهاب غشاء المعدة والغثيان أو القيء والتهابات الكلى وغيرها وإذا أعطيت لفترة طويلة فإنها قد تؤدي إلى الشعور النفسي بالحاجة إليها لتهدئة ذلك الألم.
وحذر الدكتور الحرازي من إعطاء هذه الأدوية للحامل في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل لأنها قد تسبب للجنين بعض المخاطر في القلب. والفئة الثالثة هي المهدئات المخدرة ومن أمثلتها المورفين والبيثدين والترامادول وغيرها وهذه الفئة هي الأكثر خطورة على الإطلاق لأنها تسبب الإدمان وأعراضه كثيرة لتأثيرها السمي على الجهاز العصبي وبقية أجهزة الجسم.
وأشار إلى الفئة الرابعة وهي مشتقات البينزوديازبين مثل الفاليوم” وغيرها وهذه الفئة لا علاقة لها بمسكنات الآلام ولا تستخدم لهذا الغرض وإنما تستخدم عملياٍ للاضطرابات النفسية مثل القلق والتوتر وعدم النوم أو الأرق ويكثر استخدام هذه العقاقير بطريقة غير قانونية أو صحية لدى الشباب أو الشابات الذين يعانون من الإحباطات الحياتية في كثير من الدول وتؤدي حتماٍ إلى الإدمان وإلى أمراض غير محمودة لكنها في بلادنا أقل استخداماٍ لدي النساء والرجال ربما لوجود بدائل أخرى كالقات مثلاٍ وقال: ومن خلال هذا التوضيح البسيط علينا أن ندرك أن كل عقار تنتجه عشرات الشركات المحلية والأجنبية وكلها متوافرة بالصيدليات لدينا لكن للأسف يبدو الأمر سيئاٍ والسبب غياب الرقابة الصارمة على بيع هذه الأدوية.
ودعا إلى نشر الوعي بأهمية الاستعمال الرشيد لهذه العقاقير المسكنة والاعتماد على رأي الأطباء بشكل كامل وعدم صرف هذه الأدوية إلا من خلال أنظمة محددة لأن ذلك هو الحل الأمثل لمجابهة هذا التحدي المتزايد كما جدد تحذيره للمرأة من استخدام أيُ من هذه المسكنات لخطورتها الكبيرة على صحتها وصحة جنينها خارج رأي الطبيب.
مرضى السرطان.. والمسكنات
استشاري الكشف المبكر لسرطان الثدي أمين عام جمعية أصدقاء مرضى سرطان الثدي الدكتور محمد هزاع الجوالحي يوضح أن أمراض السرطان من أكثر الأمراض إيلاماٍ مما يضطر المرضى لاستخدام المسكنات والمهدئات بكل أنواعها من أجل تخفيف الألم والمعاناة على المرضى سواء بين النساء أو الرجال ومن هذه العقاقير العقاقيرالمخدرة أو مشتقات الأفيون وتعد أقوى مسكنات الألم وأكثرها فاعلية ومسكنات الألم والمركبات غير الأفيونية والمسكنات المساعدة التي تستخدم لأغراض غير معالجة الألم إلا أنها مفيدة في بعض الحالات مثل مضادات الاكتئاب.
وقال: وبصفة عامة يتم البدء باستخدام المسكنات العادية والمركبات غير الأفيونية كخطوة أولى لمعالجة الألم الخفيف والمعتدل مع مراقبة تأثيراتها الجانبية خصوصاٍ على الكلى والمعدة رغم أن الألم عند مرضى السرطان يتطلب في أغلب الأحوال استخدام عقاقير أكثر فاعلية منذ البداية خاصة عندما يكون حاداٍ أما مسكنات الألم غير الأفيونية مثل الأيبوبروفين فهي فعالة في التخفيف من آلام العظام والعضلات والآلام السطحية ويجب عدم تجاوز الجرع المحددة حتى لا يصاب المريض بالقرحة أو حدوث نزيف أو تسمم العقاقير المخدرة ومشتقات الأفيون التي تعد الأكثر فاعلية في علاج الألم المقترن بالسرطان وصنف الجولحي تلك العقاقير إلى عقاقير قوية وضعيفة فالضعيفة تستخدم لعلاج الألم المعتدل ويتم تناولها مع بعض المسكنات غير الأفيونية مثل الكوديين والهيدروكورتيزون بينما تستخدم العقاقير القوية لمعالجة الآلام الحادة ولها تأثيرات جانبية ومن أشهر هذه العلاجات المورفين المسكنات المساعدة التي تستخدم في معالجات أخرى غير الألم إلا أنها مفيدة في معالجة بعض الآلام في حالات معينة وتشمل هذه الأدوية مضادات الاكتئاب مضادات الاختلاج لمعالجات النوبات الصرعية مفيدة للجهاز العصبي والمركبات الستيرويدية تستخدم لآلام العظام وعقاقير التخدير الموضعي مفيدة لتخفيف بعض الآلام الموضعية وقال إن التأثيرات الجانبية لعقاقير معالجة الآلام تختلف من مريض لآخر ولكنها لا تظهر بشكل حاد ويمكن التحكم بمضاعفاتها بسهولة وتتوقف خلال 3 أيام وهذه الآثار تشمل النعاس والخمول والغثيان ومن أهم الآثار الجانبية للعقاقير المخدرة حدوث الإمساك وهذا يتطلب من المريض استهلاك السوائل بكميات كبيرة والألياف وممارسة التمارين الرياضية.
جهات معنية
مدير عام الصيدلة والتموين الطبي الدكتور أمين قاسم رزق أكد أن المشكلة ليست في المسكنات والمهدئات التي تصادق عليها وزارة الصحة وتعتمد من الهيئة العامة للأدوية لكن المشكلة في عملية التزوير التي تحدث للأدوية بحيث يتم تزوير هذه المسكنات وتزييفها وهذا يؤدي إلى مخاطر صحية كبيرة على الجميع.
فحص العينات
من جهته لفت نائب مدير المختبر الوطني بوزارة الصحة الدكتور فضل علي جعدل إلى أنه يتم فحص العينات من المسكنات والمهدئات طبقاٍ للمواصفات المعتمدة وطبقاٍ للولايات المتحدة الأمريكية, حيث إن لكل صنف ملف بالمواصفات وطرق التحليل حيث يتم تحليل الصنف بمجرد أن يصل إلينا وبعد التحليل يتم إصداره للجهات المعنية والتي تعطي التراخيص وهذا قبل أن يتم تسجيله ونزوله السوق وأكد أنه في حال وجود شكوى أو خلل يتم سحبها مباشرة وهذه الخطوات التي يتم من خلالها اعتماد بيع المسكنات والمهدئات وهذا يساعد على ضمان سلامة هذه المنتجات.
تصوير/ مراد مبروك