
الحادي عشر من فبراير 2011م مثل نقطة تحول التاريخ الحديث للشعب اليمني حيث خرج شباب اليمن في ثورة سلمية للتغيير ولأن الثورة لازالت في سنواتها الأولى فليس من المنصف تعتيمها ولكن لا بأس من إحياء ذكراها وتسجيل ذكريات صْناعها وبعض التفاصيل التي حدثت هنا وهناك , عدن كغيرها من مدن اليمن شهدت أحداثاٍ مختلفة ومتداخلة فتداخل فيه العام مع الخاص وكاد يختلط الأمر عند الكثير إلا انه سرعان ما حدثت عملية فرز واضحة تجلى ذلك من خلال تعدد الساحات وأهداف كل ساحة وقد مثلت ساحة مدينة كريتر الساحة الرئيسة لشباب ثورة التغيير التي تعرضت لجملة من المضايقات وصلت حد إحراقها والاعتداء على شبابها وهي بذلك كغيرها من ساحات الحرية والتغيير , اليوم وبعد مرور ثلاث سنوات على تلك الثورة كيف ينظر شباب الثورة لثورتهم ¿ وبماذا يفكرون ¿ وكيف ينظرون للأهداف التي ناضلوا من اجلها وغيرها من الذكريات نسجلها في الأسطر التالية على لسان عدد من شباب الثورة فماذا قالوا ¿
علي قاسم أحد شباب الثورة ورئيس اللجنة التنظيمية لساحة الحرية بمدينة كريتر تحدث إلينا قائلا :-
كنا متأثرين بالمد الربيعي الذي بدأ في تونس تم امتد إلى مصر ويوم سقوط حسني مبارك في 11 فبراير واذكر إلى الآن يومها بصراحة شعرنا فيه أن الشباب العربي بالفعل قادر على التغيير بعد عهود من اللامبالاة لهذا الشباب وعدم إعطائه الوزن في الحياة السياسية , امتدت هذه الثورات وفتيل هذه الثورات لليمن , طبعا حين نأتي على واقع اليمن نجد أن اليمن كان مهياٍ لاشتعال الثورة , الوضع السياسي والوضع الاقتصادي والوضع المجتمعي واليمن بالفعل كان يدار ليس في إطار الدولة وإنما من خلال عائلة , كانت العملية السياسية والديمقراطية مجرد ديكورات زائفة ولم تكن هناك عملية سياسية حقيقية تقود إلى التداول السلمي للسلطة .
انطلقت الثورة وكانت عدن مهيأة لهذا الوضع ففي 3 فبراير كانت هناك هبة شعبية لمسنا من خلالها أنه يمكن للمجتمع أن يتجاوب وبعد 11فبراير بدأ الشباب يخرج تلقائيا إلى الشوارع وبدا العدد في تزايد فتم إنشاء ثلاث ساحات في محافظة عدن أبرزها في مدينة كريتر وهي ساحة الثورة المركزية وانطلقت فعاليات هذه الساحة وكانت تخرج منها المسيرات اليومية وكانت مصدراٍ ومنطلقاٍ للفعل الثوري.
بعض المنغصات
ويضيف علي قاسم : بالنسبة للثورة ومآلاتها هناك نوع من الارتياح ونوع من الغبطة, الارتياح هو من الجوانب السياسية عموما وهو أن هدف الثورة الرئيسي تحقق وأن هناك اليوم حوارا سياسيا أفضى إلى مخرجات تتطابق تماما مع أهداف الثورة وهو نشوء دولة مدينة حديثة دولة النظام والعدل والقانون وحل القضية الجنوبية حلا عادلا وهي كانت من أهداف الثورة وحل قضية صعدة وإعادة هيكلة الجيش والأمن وإعادتهم إلى حضن الوطن بعيدا عن حكم العائلة وجعلهما مؤسستين تخدمان الوطن ولا يسعني أيضا إلا أن أذكر بعض المنغصات مثل ما يحدث من انفلات امني وما يظهر اليوم من بعض المشاريع الصغيرة التي تحاول أن تنقض على اليمن من شماله وجنوبه وهناك الكثير من التحديات وهناك الكثير من المآسي مثل وجود المعتقلين من الثوار في السجون وكثير من الجرحى لم يتم إنصافهم وعلاجهم ولم يتم القصاص من القتلة الذين سفكوا دماء الشباب بدم بارد وهم اليوم مازالوا يعبثون بالحياة السياسية , وهناك الكثير من الصور العالقة في ذهني ومنها في يوم 3 فبراير ولم اكن أتوقع بذلك العدد فكان يوم خميس وقبلها بيوم أغلقت السلطات جميع المداخل المؤدية إلى مدينة كريتر ولم يشارك إلا أبناء كريتر فكان الخروج فوق ما تصورنا.
16فبراير سقوط أول شهيد للثورة
سقوط أول شهيد في الثورة في يوم 16 فبراير 2011م وهو الشهيد محمد علي شاعن ومن المواقف التي لا أنساها أيضا هو يوم 22مايو 2011م لأول مرة أرى تلك الحشود تخرج للاحتفال بذكرى تحقيق الوحدة وهذا ما يدل على أن أبناء عدن وأبناء الجنوب عموما وحدويون ولكن للأسف بطء السلطات في حلحلة الأمور وبدء المعالجات هو ما يجعل الكثير من القوى التي لديها مشاريع غير وحدة اليمن وأنا اقصد وحدة اليمن ليس الحالية أتكلم عن الوحدة العادلة التي فيها المساواة والعدل والحكم الواسع الصلاحيات والتوزيع العادل للسلطة وللثروة , فعلا لأول مرة الناس تخرج لتحتفل بذكرى 22مايو فكان هذا اليوم وغيره من الأعياد الوطنية يعد يوماٍ للراحة والنوم في البيوت ولكن بفضل الثورة أصبحوا يخرجون ويحتفلون بهذا المناسبات واستمر الناس يخرجون للاحتفال بسبتمبر وأكتوبر ونوفمبر ومن المواقف والأحداث التي لازلت أتذكرها للأسف هي تلك الاعتداءات التي تعرضت لها الساحة فكان أول اعتداء بعد افتتاحها بأسبوع من قبل قوات الأمن المركزي التي حاولت اقتحامها حيث تم عند افتتاح الساحة في 28 فبراير 2011م .
إحراق ساحة الحرية
وبعدها تعرضت الساحة لاعتداءات متلاحقة من قبل بعض العناصر من خلال الرمي بالحجارة والاعتداء علينا حتى وصل الأمر حد إحراق الساحة .
أنتجنا حوارا وطنيا رغم الثورة المضادة
ويقول منذر السقاف أحد الشباب في ساحة كريتر : – بعد فبراير تغيرت المصطلحات وبدأنا نسعى للمنجزات فرفعنا شعار استرداد الميناء والغاز والثروات .. ونادينا بهيكلة الجيش وجعله جيش الشعب لا جيش العصابات .. وغدا سنجبر الحكومة على تشكيل فريق مهمته رد أموال الشعب المنهوبة من السرقات , ولا زالت سجلات المطالب والأهداف نملك زمامها وسنكتب فيها فصول ملحمة فبراير سنكتبها بالرغم من الثورة المضادة والمعوقات أنتجنا حوارا وطنياٍ يعالج قضايا الماضي ويرسم شكل المستقبل والعالم كله عليه شهود وأطرافه كلهم لا غالب ولا مغلوب رسم لنا شكل الدولة الاتحادي ليقطع الطريق لكل من تسول له نفسه أن يستأثر بالسلطة والثروة بعد اليوم وأرسيت مبادئ العدالة الانتقالية والحكم الرشيد واستطاعت ثورة فبراير من خلال هذا الحوار أن تنتزع اعترافاٍ أممياٍ للقضية الجنوبية بل ووضعت ثورة فبراير جنوب اليمن شريكا بالنصف في الثروة والسلطة والتمثيل الإداري والقيادي ومكنتهم من التقسيم الجديد.. بينما لا يزال الآخرون يلقون بأبنائنا إلى التهلكة ويقدمونهم قرابين لمشاريع يغردون بها خارج السرب .
وأضاف: ما تحقق حتى اللحظة ليس بالشيء اليسير أو الهين ثمة مكاسب عدة تحققت وأخرى رهن التحقيق ومكاسب ستأتي تباعاٍ شاء من شاء وأبى من أبى.
الثورة أسست للمستقبل
ويقول الشاب مبروك عبدالله :- الثورة مازالت في المدماك وتحتاج إلى المزيد من اليقظة والمتابعة والمزيد من الضغط على الجهات المسؤولة , الثورة تسير في الطريق الصحيح ولكنها تسير ببطء فهي بحاجة إلى المزيد من الوعي السياسي والثقافي والمجتمعي فعلى الجميع تقع مسؤولية تحقيق أهداف ثورة فبراير التي أسست للمستقبل ومازالت في بدايتها .