عن المال الخليجي وغطرسة أصحابه

يكتبها اليوم / طه العامري


أعرف أن للمال بريقه ولكن ليس بهذه الطريقة التي أصبح البعض في هذه الأمة يتعاطى بها مع المال الخليجي وهي الطريقة التي قد ترفض التعاطي بها ( مومسات الملاهي الليلية )، فما بالكم والحال مع أنظمة ودول وزعامات ورموز وشعوب ..؟!
نعرف وتعرف كل شعوب الأمة أن أنظمة المحميات الخليجية وحكامها وأنظمتها الأسرية تتعامل مع شعوب وأنظمة ودول الأمة ورموزها بذات العقلية التي كانت تتعامل بها ( قريش وكفارها ) في مكة قبل الإسلام وأثناء بزوغ فجره وانطلاق دعوة الرسول الكريم محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام وبعد رسوخ الإسلام ودعوة الرسول الكريم وفتح مكة انكسرت شوكة قريش وفقدت غطرستها، وبعد أن سقط (أبو جهل الذي كان يكنى بأبي الحكم ) على يد ( بلال الحبشي ) رضي الله عنه ؛ فقدت ( قريش ) هيبتها ومكانتها وصولجانها وساوى الإسلام بين عباده وصار لا فرق بين عربي علي أعجمي إلا بالتقوى ؛ ولكن قريش ظلت تتربص حتى سرقت السلطة والثروة والحكم على يد ( معاوية ) مؤسس مدرسة الاستبداد الأولى في تاريخنا الإسلامي وعلى منهج (معاوية ) تقتدي اليوم أنظمة وحكام المحميات الخليجية الذين قبلوا الارتهان للمستعمر والصهيونية وقبلوا أن يعيشوا ( عبيدا ) ولأنهم يدركون حقيقة كونهم ( عبيدا)، فإنهم يعملون جاهدين على تحويل أنظمة وشعوب الأمة ورموزها ليكونوا ( عبيدا ) لهم، أي مطلوب من لبنان مثلا- واليمن ومصر وبقية الدول والأنظمة والشعوب- أن يكونوا ( عبيدا ) وكلافين في اسطبلات العبيد من حكام الخليج ..!!
ففي لبنان مثلا- وفي الأمس القريب- قامت قيامة حكام المحميات الخليجية وأعلنوا الويل والثبور وعظائم الأمور على وزير إعلام لبنان ( جورج قرداحي)، فقط لأنه قال- قبل أن يكون وزيراً أو يعلم بأنه سيكون وزيرا في الحكومة اللبنانية- أن حرب اليمن (حرب عبثية )، ناصحا نظامي السعودية والإمارات بوقف هذه الحرب العبثية، مع أنها لم تكن يوما حربا عبثية بل حرب استقلال مقدس، نراها نحن في اليمن، في سبيل الحرية والاستقلال والخروج من عباية ووصاية نظام آل سعود وهيمنة المال الخليجي، فالحرية أغلى من المال بفقه الشعب اليمني وأحراره بمعزل عن شلة المرتزقة الذين اعتادوا العيش على المال الخليجي، وهم قلة ولا يمثلون الشعب اليمني، بدليل ما نحن فيه من مواجهة عسكرية دامية فشل فيها المعتدون ومن راهنوا عليهم في كسر إرادة الإنسان اليمني أو تطويعه .
اليوم في لبنان أقدمت حكومة ميقاتي على طرد مواطنين عرب ينتمون للبحرين وهم أعضاء ناشطون في ( جمعية الوفاق البحرينية ) المعارضة للنظام العميل والمرتهن، وهذه الجبهة تمثل ما نسبته 75 % من الشعب البحريني، ولأنهم عقدوا مؤتمرا حقوقيا يناقش أوضاع المعتقلين في سجون محمية البحرين قامت قيامة النظام البحريني ليطلب من وزير الداخلية اللبناني طرد المشاركين في المؤتمر وطرد كل بحريني معارض لنظام البحرين من لبنان، وفورا استجاب وزير الداخلية اللبناني وبدأ مباشرة في مطاردة حملة الجنسية البحرينية في الأراضي اللبنانية وهم مقيمون بصفة رسمية وقانونية، وهذه حادثة غير مسبوقة في لبنان ومن لبنان ؟ ولكنه المال الخليجي.
فأزمة لبنان المالية تبدو أنها ستُحوّل هذا البلد- الذي كان واحة الحرية وحاضنة الفكر ودوحة المناضلين العرب، تحت وقع حاجته للمساعدات الخليجية- إلى محمية خليجية وضيعة تتحكم به المحميات الخليجية وهذا لا يجوز لبلد المقاومة والعنفوان ؛ بلد مقاومته استعادت كرامة أمة وهيبتها، ولأنه كذلك فقد كلف العدو التاريخي للأمة من المستعمرين والصهاينة أن يردوا الصاع صاعين لهذا البلد ويجعلوا منه إسطبلاً للمحميات الخليجية مقابل حفنة من المال الملوث والدعم الزائف.
لقد استغل حكام المحميات الخليجية ثرواتهم في تدمير قيم وأخلاقيات الأمة ولم يكتفوا بذلك بل عملوا ومنذ العام 2011م على تدمير الأمة دولا وأنظمة ومن لم يخضع لهم كاليمن مثلا شنوا عليه عدواناً عالمياً وبمشاركة دولية منفقين على عدوانهم بسخاء ومستعدين لإنفاق كل مدخراتهم فقط لمجرد كسر إرادة الشعب اليمني وتطويعه وإخضاعه لطاعتهم ؛ وفعلوا هذا مع الجمهورية العربية السورية ؛ ومع الجماهيرية العربية الليبية ؛ ومع جمهورية العراق من قبل ومع فلسطين الهوية والقضية وقبل الجميع.
وبما أن لبنان لم يواجههم وواجه قبلا حليفهم الكيان الصهيوني في حرب طاحنة عام 2006م، وقد هزم الكيان الصهيوني في تلك الحرب شر هزيمة، فقد ذهب حكام المحميات الخليجية إلى إخضاع لبنان عبر ورقة المساعدات المالية المقرونة بشروط تخلي لبنان عن كل سيادته وقراره وترك مصيره ليقرر من قبل المانحين الخليجيين، وللأسف يحدث هذا في لبنان وبمساعدة بعض المرتزقة اللبنانيين الذين يعتاشون من المال الخليجي المدنس، وإن على حساب كرامتهم وسيادة وكرامة وطنهم وشعبهم ..!!
لكن يبقى السؤال: هل ينجح المخطط الاستعماري الخليجي في تطويق وتطويع لبنان بوجود مقاومته والكثير من الأحرار والشرفاء فيه ؟ !

قد يعجبك ايضا