كرّموهم ولا تفسدوهم!

أحمد مظفر

 

 

ليس شرطا أن تكون لأفراحنا ثمن, أو من أجلها يدفع الآخرون الثمن, أو يسقط الأبرياء صرعى, وذلك كما حدث في صنعاء وبعض المحافظات بعد استقبال رؤوسهم لراجع الرصاص من السماء، بعد إعلان الفرحة بفوز ناشئي اليمن ببطولة اتحاد غرب آسيا لكرة القدم، فأسرع الكل بإطلاق الرصاص الحي في السماء, مع انه كان يكتفي بالألعاب النارية كما هو معمول به في مختلف البلدان في الأفراح الرياضية..
صحيح أن فرحتنا بما أنجزه منتخبنا الوطني للناشئين بعد فوزه ببطولة اتحاد غرب آسيا وقهره لنظيره المنتخب السعودي كانت كبيرة سقفها السماء, لكن ذلك لا يعطي الحق في إلحاق الآخرين المآسي والأحزان.
فرحتنا بالفعل ببطولة هي الأولى من نوعها على مستويات منتخباتنا لكرة القدم وتستحق أن تمتد في كل الأرجاء, ذرفت العيون الدموع من كل اليمنيين في الداخل وفي الخارج, حتى اليهود من أصول يمنية في فلسطين المحتلة بكوا من شدة الفرح بفوز الأحمر اليمني الصغير..
والبعض ذرفت عيونهم دموع الحزن على خسارة السعودي من أبطالنا, والبعض ضحى بشنبه ودفعه الثمن, كالسعودي الذي أعلنها صراحة بحلق شنبه بعد الهزيمة..
دموع انهمرت بغزارة بعد الفوز والتتويج بالبطولة والكأس, وأعصاب أتلفت مع أحداث المباراة الدراماتيكية بين أحمر اليمن وأخضر السعودية جعلت من الجماهير والمتابعين يجلسون على أعصابهم وأيديهم على قلوبهم المأسورة بالخفقان, وهي ترقب الفوز خطوة بخطوة وترفض الخسارة أو التلقي لأي ضربة قاضية..
لحظات كانت عصيبة، لم تحدث مع الجماهير اليمنية إلا في نزالات الملاكم الأسطورة البرنس نسيم حميد كشميم بطل العالم, أيام نزالاته الشهيرة في وزن الريشة على حلبات الملاكمة..
نعم للفرحة بإنجاز وإعجاز ناشيئنا بطولة اتحاد غرب آسيا, ونعم بتكريمهم ماديا ومعنويا وبما يتناسب وعقليتهم الفطنة.. كرموهم شريطة أن لا تفسدوهم أو تجعلوهم يميلون عن مسارهم الصحيح مع معشوقتهم كرة القدم..
الغالب أعلن عن تكريم منتخب الناشئين أبطال اتحاد غرب آسيا بمبالغ مالية وعينية خيالية وبعضها غير حقيقية للاستهلاك الإعلامي أو من اجل الدعاية الإعلانية..
كرموهم ولا تفسدوهم, كرموهم بما يشجعهم بالمحافظة على مستوياتهم ومواصلة مشوارهم مع كرة القدم في أنديتهم وفي تمثيل المنتخبات الوطنية الشباب والاولمبي وحتى الأول..
كرموهم ولا تجعلوهم يدفعون الثمن.. لأن الأموال المطلقة مفسدة مطلقة..
كرموهم بما يدفع بهم إلى أبواب الأندية الرياضية وبما لا يودي بهم إلى أبواب أسواق القات فيصيرون مقاوتة أو سائقو باصات ويبتعدون عن الرياضة ويضيعون كنجوم منتخب أمل 2003 العالميين..
افرحوا بمنتخب الأمل بالمعقول, ولا تحرمونا من الأمل المأمول.. وكفى!
مبروك لنجوم المنتخب الوطني للناشئين إنجازهم الذي حققوه كأعجاز في الوقت الصعب بقيادة مدربهم قيس محمد صالح, ومبروك للكابتن علي النونو الذي ساهم في حسن اختيار اللاعبين..
هذا المنتخب هل يستمر اتحاد عام كرة القدم الاهتمام به ومواصلة إعداده للاستحقاقات القادمة, وهل بالإمكان الحفاظ عليه ومشاهدته في تمثيل منتخبات الشباب, الأولمبي وحتى المنتخب الوطني الأول, أم انه سيتحول إلى ذكرى عابرة يمحوه الزمن.

قد يعجبك ايضا