الميدان التنموي سيشهد انفجاراً كبيراً في المبادرات ونفكر بتنظيم المبادرات وتخصيصها

المدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية المهندس محمد المداني لـ” الثورة “: تفعيل الإمكانات المتوفرة في الأرياف كفيل بهجرة عكسية من المدينة إلى القرية

نسعى إلى تحويل قيمة فاتورة الاستيراد البالغة قيمتها 3آلاف مليار ريال لدعم المزارع اليمني
برنامج إطعام يوزع 410 آلاف رغيف يوميا لقرابة 41 ألف أسرة ويعتمد بشكل رئيسي على المبادرات المجتمعية
من المؤمل أن تصبح أمانة العاصمة مدينة صناعية من خلال مشاريع تمكين الأسر المنتجة


الثورة / يحيى الربيعي

رغم ما تمر به بلادنا من تحديات كبيرة، ونحن على مشار ف العام الثامن من العدوان والحصار، فقد أثبت اليمنيون قدرة فائقة في المجال العسكري وكذلك المجال الأمني الذي راهن فيه العدوان على هزيمة اليمن عسكريا وأمنيا، لكن اليمن تغلب على العدوان في هذين المحورين بما أنعم الله به من نعمة القيادة الحكيمة، وجهود الجيش واللجان الشعبية والمتطوعين والقيادات المجتمعية، وحتى النساء والأطفال والعجائز.. صغار اليمنيين قبل كبارهم شاركوا في هذه الملحمة التاريخية التي تستعد لتجاوز عامها السابع بكل اقتدار وبسالة.
لكننا، للأسف، وفي الجانب التنموي نلحظ أن التفاعل ما يزال ضعيفا على الرغم من أن المشاركة المجتمعية تعد من صميم تراثنا المجتمعي، إذ يقول علي ولد زايد: “ما عود يلصي لوحده إلا بعودين مع عود”، وفيه الإشارة إلى عادات وتقاليد الجايش والغرم والنكف، نعم لقد فعل كل ذلك في المجالين العسكري والأمني، لكننا في الجانب التنموي لا نزال نحتاج إلى المزيد من الوعي بأهمية أن نكون أقوياء اقتصاديا كي نحافظ على انتصاراتنا العسكرية، ونمتلك قرارنا الاقتصادي.
لماذا؟ لأننا صرنا نعتقد أن التنمية هي من عمل المنظمات، وما علينا سوى أن نقاتل في الجبهات، والتنمية هي على المنظمات.. وهذا اعتقاد خطير وغير منطقي البتة ولا موروث، لأننا لو لاحظنا في الصور الموروثة عن تاريخ آبائنا الحميريين لرأينا أن الرجل منهم كان يحمل في اليد سهاماً وفي اليد الأخرى سنابل القمح، وهذه حقيقة أكد عليها الرئيس الشهيد صالح الصماد عندما أطلق مشروع “يد تبني ويد تحمي”.
هذه القضايا وغيرها من هموم وتطلعات الثورة الزراعية ناقشتها “الثورة” مع المدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية المهندس محمد حسن المداني على هامش الاحتفال الذي أقامته أمانة العاصمة بمناسبة اليوم العالمي للتطوع بصنعاء في الـ 5 ديسمبر، والذي بدوره تفاءل بالقول: “من المتوقع أن نرى هذا العام انفجارا كبيرا في المبادرات حتى أننا بدأنا نفكر في تنظيم المبادرات وتخصيصها.. نريد مبادرات في الصحة، مبادرات في التعليم، مبادرات في الطرقات، مبادرات في مواجهة الأوبئة، ومبادرات في الزراعة”.
واضاف: “شركاؤنا التنمويون تحركوا بشكل كبير، جامعة صنعاء اليوم طلابها من كلية الزراعة وفي يوم الجمعة يوم إجازتهم يذهبون إلى الريف لإرشاد المزارعين.. يتحركون وكذلك طالبات كلية الزراعة يذهبن إلى المديريات المحيطة بالأمانة، بدأ الكل يتحرك بدأت الجامعات تتنافس جامعة إب، جامعة ذمار، جامعة الحديدة، بدأ الكل يتنافس في هذا الجانب”.

تحرك كبير
مضيفا: “أمانة العاصمة بدأت تمضي على هذا المسار، ففي هذا الأسبوع تخرج عدد ما يقارب 80 فارسا تنمويا من مديرية السبعين، وقبلهم ما يقارب 60 فارسا تنمويا في مديرية معين، وفي المديريات الأخرى تشهد تحركا كبيرا في نشر مفهوم المبادرات وتحريك المشاركة المجتمعية”.
ويواصل:” وهناك برنامج إطعام من أوائل البرامج التي شغلتها أيادي المبادرين الذين يصل تعدادهم إلى الألف متطوع، هذا البرنامج اليوم يوزع 410 آلاف رغيف يوميا إلى قرابة 41 ألف أسرة، وبرنامج مستمر ويعتمد بشكل رئيسي على المبادرات، الذي أريد قوله أن الأمانة فيها ما يقارب 7ملايين مواطن، أعني: أمانة العاصمة هي من يجب أن تقود المبادرات، نريد من ثلث اليمن الساكن في أمانة العاصمة أن يكون لهم دور كبير في ميدان المشاركة المجتمعية في التنمية، نريد عاصمة يفخر بها كل يمني”.
مؤكدا “بعون الله ثم بنجاح جهود الشراكة مع أمانة العاصمة ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وجامعة صنعاء سيتحرك مئات الآلاف من المتطوعين والمتطوعات، وأنا أحلم بل وأتوقع أن يدرك الناس أن أكوام القمامة الموجودة في الحارات والتي يعتقد الناس أنها حق أمانة العاصمة في تناس منهم أنهم من اشتروا هذه القمامة بالأمس كمصاريف، وأنهم من صنع هذه الأكوام من القمامة التي تملأ الشوارع والحارات، وأن من الواجب الديني والأخلاقي أن نكون شركاء لأمانة العاصمة في نظافة حاراتنا وشوارعنا”.

ثقافة زائفة
واستعرض: “عن قضية تشجير الشوارع شكى أحد مدراء مكاتب الزراعة بالقول: نحن نغرس الأشجار اليوم، وفي صباح اليوم الثاني يبكر الأطفال ينتفون أوراقها وبعضهم يقتلعها، والرعيان ينزلون أغنامهم فيأكلن ما تبقى من الشجر، ويصبح الأمر وكأننا لم نصنع شيئأً.. هذا جنون يعني تحولنا من مجتمع نظيف ومحب للأشجار إلى مجتمع حصنه بيته، ولا علاقة له بما يجري في الشارع، ولا صلة له بالنظافة.. هذه الثقافة زائفة وليست من أصول ثقافتنا”، مؤكدا “نحن أمة تغرس الأشجار في كل مكان.. نحافظ عليها ونرعاها ونمنع من يقترب منها بسوء، هذه ثقافتنا.. كنا نبني الجبال ونجعل منها محاجر ونحافظ عليها من التصحر، ولم يكن لقبيلي أن يبقي قمامة أمام بيته، ولا بلاعة مفتوحة، هذا ما لاحظناه، فهل المدن بدأت تغير طبائعنا”؟
وأشار إلى أن تفاعل كل الجهات نحو النظرة المستقبلية لأمانة العاصمة يعتمد على التفعيل الأكبر لإدارة المبادرات ومن خلال جامعة صنعاء تحتضن بداخلها أكثر من 100 ألف طالب وطالبة، ولا بد أن نرى شوارعنا قد أصبحت خضراء ونظيفة، بل وسننتقل إلى التصنيع والتسويق.. كل هذه الملايين الموجودة في أمانة العاصمة لابد أنها من سيصنع مخرجات الثورة الزراعية وخاصة الأسر الفقيرة.
وأضاف: “من خلال القروض الصغيرة ، ومن خلال تفعيل الأسوق.. لدينا في الثورة الزراعية خطط ومنهجيات وسياسات واضحة وتحظى بتأييد وإسناد من قبل القيادة الثورية، وهناك توجيهات وإسناد حكومي بشكل كبير، مستمرون في الثورة الزراعية بكل محاورها ونطلق الآن ثورة إرشادية زراعية تعاونية، وفي العام القادم مقدمون على إطلاق الثورة الصناعية لمواكبة المنتجات الزراعية بتصنيع المخرجات، وبتعاون وتفاعل الجميع في أقرب وقت ونحن نصدر للخارج وهذا غير بعيد عن إرادة الشعوب”.
وتابع قائلا: “علينا أن نركز على مبدأين رئيسيين الأول: الاعتماد على الله وأن ننسى حاجة اسمها منظمات، نحن نعتمد على الله سبحانه وتعالى والله واسع عليم.. النقطة الثانية هي المشاركات المجتمعية، ومثلما وزارة الدفاع فعلت المجتمع نحن لا بد أن نفعل المجتمع، ومثل ما هناك لجان شعبية في الجانب العسكري، يجب أن يكون هنا لجان شعبية في الجانب التنموي في جميع الوزارات والمرافق الخدماتية”.
وأوضح: “هناك أهداف لا بد أن تحقق في مقدمتها خفض فاتورة الاستيراد، نحن نستورد من الخارج بأكثر من 3 آلاف مليار ريال، ثم نقول: نحن فقراء.. لسنا فقراء ونحن نصرف على المزارع الأجنبي وندعم المنتج الخارجي بـ 3 آلاف مليار ريال سنويا، هذا في ما نستورده من احتياجنا من الغذاء والرقم يزيد بصورة مهولة كلما أخذنا في الحديث عن جوانب من احتياجات حياتنا اليومية”.

متطوعون يمنيون
لافتا إلى أنه “يجب أن تعاد هذا الأرقام إلى الداخل كي ندعم بها المزارع اليمني بدلا من أن نشتري من المزارع الخارجي.. التاجر الذي يشتري من الخارج يجب أن يعود ويشتري من الداخل، ولكن من خلال البدء بتنظيم العمل التعاوني، وهذا يحتاج إلى جهود أبناء هذا البلد، لن نكون قادرين على إنجاح ثورة نجلب لها ثواراً من الصين مثلا، هذا مستحيل وغير وارد، نريد ثورة يقودها أبطال مخلصون ومتطوعون وطنيون”.
وتابع “الانتصارات في الجبهة العسكرية لا شك أنها تحققت بجهود ومبادرات كل المجتمع صغاراً وكباراً، وكذلك هي الثورة التنموية لابد تحتاج إلى كل جهود كل المخلصين اليمنيين بلا استثناء.. وفي الثورة الزراعية والصناعية لابد أن تقوم على تنمية مستدامة وليست تنمية بنت يومها.. تنمية مستدامة تهتم بالأجيال القادمة.. تهتم بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية.. لذلك لا بد أن نفكر في الاقتصاد المجتمعي يكفي التركيز على الاقتصادات الخاصة، يجب أن نلفت النظر إلى ملايين الأسر القادرة على التحول من أسر محتاجة إلى أسر منتجة، ولا بد أن تفعّل قدرات وإمكانات المجتمع”.
وأضاف: “من السياسات هناك الهجرة العكسية حيث نعمل على تشجيع الهجرة العكسية من المدن بالعودة إلى الأرياف.. كل واحد يجهز نفسه للعودة، ليس العودة بالغصب، إنما على العكس من خلالها سنسعى إلى تفعيل الأصول في القرى.. الناس تركوا أراضيهم.. تركوا أبقارهم وممتلكاتهم وهاجروا إلى المدينة كي يعيش الواحد منهم مع أسرته في دكان.. وتخيل إنسان عايش هو وأسرته في دكان ومعتمد في دخله على عربية يلف بها شوارع المدينة من الصبح إلى المغرب، وبلدته مليئة بالخيرات، لابد سنفعل كل الإمكانات المتوفرة في الأرياف من أجل أن نعكس هجرة الناس من المدينة إلى قراهم.. إلى أراضيهم، بعضهم يجلس لمدة أشهر لا يزور أهله ومنهم من يجلس لسنوات”.
وأكد قائلا: “هذه مبادئ وسياسات نعمل على التنسيق لها مع وزارتي الزراعة والري والإدارة المحلية وكل الخيرين من شركائنا الثورة الزراعية، ولدينا لهذا التنسيق أكثر من 4000 فارس تنموي يتحركون في الميدان والعدد في تزايد، وعبرهم ستزيد بإذن الله طموحاتنا في أن تصبح الأرياف منتجة زراعيا، وأن يكون الحضر هو من يصنع”.
وناشد: “فلنستعد ولتقوى عزائمنا بأن تكون صنعاء مدينة صناعية لمنتجات الريف اليمني الزراعية، لا شك في أن طلاب جامعة صنعاء سيحدثون هذه الثورة، وهذا بفضل تجاوب رئاسة الجامعة وعمداء الكليات مع هذا العمل، وقد بدأ بالفعل تحرك الطلاب في المشاركة في جميع المحافظات، فهم في كل يوم خميس ينطلقون للإرشاد في المزارع تطوعا بلا مقابل “إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا”.. فقط اقتنعوا أن التنمية جهاد، فتحركوا مثل إخوانهم الذين قدموا دماءهم وأرواحهم في الجبهات العسكرية، فهم أيضا سيقدمون أنفسهم وجهودهم وخبراتهم في المجالات التنموية، وإن شاء الله، من خلال ملتقى الطالب الجامعي، سيتم تفعيل كافة الطلاب”.

قد يعجبك ايضا