مستقبل أطفال اليمن في (مجاهل) العدوان: آثار العدوان على الأطفال ستتحول إلى عاهات مستعصية ما لم تعالج
8آلاف طفل قتيل وجريح منذ بداية العدوان
مليونا طفل خارج إطار المدارس
“الاستهداف لأطفال اليمن يمثل استهدافاً للمستقبل بأكمله ” هكذا يقول التقرير الصادر عن منظمة انتصاف لحقوق المرة والطفل والذي كشف عن أرقام كارثية ومروعة لما تعرض له الأطفال بسبب العدوان السعودي الأمريكي حيث تعتبر شريحة الأطفال هي الأكثر تضررا من العدوان والحصار منذ سبع سنوات سواء بالاستهداف المباشر أو من خلال تداعياته التي انعكست على العديد من الجوانب الصحية والنفسية للأطفال.
الأسرة / زهور عبدالله
وأكدت منظمة “انتصاف” لحقوق المرأة والطفل أن عدد ضحايا العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي من الأطفال في اليمن، منذ بداية العدوان وحتى نهاية نوفمبر 2021م أكثر من 3825 شهيدا و4157 جريحا.
وأوضح تقرير صادر عن المنظمة ، أن عدد الأطفال ذوي الإعاقات المختلفة التي سببها العدوان بلغ 5.559 حالة، وسجلت الحالات المصابة بالأورام بين أوساط الأطفال 71 ألف إصابة منذ بدء العدوان تضاف إليها 9 آلاف حالة سنويا.
وأشار التقرير الحقوقي إلى أن أكثر من 3 ملايين طفل يعانون من سوء التغذية فيما يموت أكثر من 300 طفل كل يوم، كما أن هناك أكثر من 3000 طفل يعانون من التشوهات الخلقية، فيما يحتاج أكثر من 3000 طفل لعملية قلب مفتوح خارج اليمن.
ولفت التقرير إلى أن إغلاق مطار صنعاء الدولي منع أكثر من 30 ألف طفل مصاب بأمراض مزمنة مختلفة من السفر للعلاج في الخارج.. كما أن هناك مليوني طفل يمني خارج المدارس فيما نصف مليون آخرون تركوها تماما منذ بدء العدوان.
وحمَّل التقرير تحالف العدوان وكافة المنظمات الإنسانية سيما الأمم المتحدة، المسؤولية الكاملة تجاه ما يتعرض له أبناء اليمن عموما والأطفال خصوصا من استهداف ممنهج.. مطالبا بسرعة إيقاف العدوان ورفع الحصار وفتح المطارات أمام المرضى اليمنيين خصوصا الأطفال.
الآثار والتداعيات الخطيرة للعدوان على الأطفال في بلادنا لم تقف عند حد القتل الجماعي لهم ولأمهاتهم وعائلاتهم، بل امتد ليحرم الملايين منهم من التعليم وتلقي الأدوية والرعاية الصحية اللازمة والتي انعدمت وأصبحت في أدنى مستوياتها بسبب العدوان والحصار الجائر ناهيك عن أضرار نفسية خطيرة قد تلازم أطفالنا منذ الولادة إلى مراحل متقدمة من حياتهم جراء الممارسات الإجرامية التي اقترفها العدوان بنفس الوحشية التي فتكت بالمدنيين ومقومات حياتهم ومن ذلك حالات ولادة أطفال مشوهين والتي حدثت في أكثر من محافظة يمنية.
كما أن الآثار الناجمة عن العدوان تأخذ أشكالاً متعددة ودرجات مختلفة من الشدة، وبحسب أخصائيين فإن تلك الآثار تبدأ من الإحساس بالإحباط والقلق إلى الاكتئاب وأشكال أخرى من الأعصاب وقد يصاب بعض الأشخاص بخلل في الوظائف العقلية كالذاكرة أو ضعف التركيز أو الإدراك.
أكثر الفئات تضررا
ويؤكد المتخصصون أن الأطفال يظلون أكثر الفئات الاجتماعية تأثراً بما يخلفه العدوان من آثارٍ نفسية.. وتظهر هذه الآثار في عدة صور يذكرون منها على سبيل المثال لا الحصر الفزع الليلي ومعاناة القلق والشعور بعدم الراحة، والإصابة بحالة «الفوبيا» أو الخوف المرضي من الأصوات والظلام وكذلك الانتكاسة في بعض المهارات التي تم اكتسابها، فيظهر التبول اللا إرادي أو زيادة في التبول إلى جانب ظهور بعض الاضطرابات السلوكية مثل قضم الأظافر والكذب، وظهور مشكلات في الكلام، كالتلعثم أو الفقدان الوظيفي للكلام وكذا حدوث اضطرابات الأكل، وغير ذلك من الآثار التي يسعى العدوان بتعمده استهداف الأطفال اليمنيين -كما يقول سياسيون وأكاديميون- من أجل خلق جيل مضطرب غير قادر على القيام بدوره في حياة البلد السياسية والاجتماعية
ويشير أخصائيو الطب النفس إلى أن هذه الآثار قد تتحول إلى مشاكل نفسية عميقة خاصة إذا لم يتمكن الأهل أو البيئة المحيطة بهم من احتواء هذه الحالات ومساعدة الطفل على تجاوزها».
ومع تواصل العدوان السعودي الذي أصبح يتعمد استهداف المناطق المدنية والمنازل السكنية ملحقا المزيد من أطفال اليمن إلى سجل الضحايا، فإن «مستقبل الطفولة بات محفوفا بالأخطار» بحسب وصف منظمة رعاية الطفولة الأممية “يونيسف»، فجرائم العدوان الكارثية بحق الأطفال في اليمن لا تجد أي تفاعل أو اهتمام من قيادة العدوان ولأن تلك المنظمات لا تحمله العدوان مسؤولية ما يجري بصورة صريحة ومباشرة فإنه يستغل ذلك للإيغال في جرائمه بحق أطفال اليمن.
وتشير تقارير «اليونيسف» إلى أن العدوان على اليمن دمرت الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها الأطفال، وتحذر من أن «عدد القتلى قد يكون أعلى من الأرقام المعلنة».
ويوضح تقرير لليونيسف أن «أكثر من نصف مليون من النساء الحوامل موجودات في المناطق الأكثر تضررا وهن أكثر عرضة للولادة أو مضاعفات الحمل ولا يستطعن الوصول إلى المرافق الطبية».
تقرير المنظمة الأممية للأمومة والطفولة يشدد على أن الأطفال يتحملون العبء الأكبر للصراع في اليمن حيث يتعرضون إما للقتل وإما للإصابة إضافة إلى خطر تعرضهم للأمراض وسوء التغذية والتشريد.
ويحذر التقرير من أن نحو 2.5 مليون طفل معرضون لتهديدات متزايدة من الأمراض وسوء التغذية هذا العام إضافة إلى مليون طفل أصيبوا بأمراض سوء التغذية العام الماضي.
ويقول مسؤولون دوليون إن الأساليب الوحشية التي اتبعها التحالف في حربه على اليمن أدت إلى مقتل المئات من الأطفال الذين كانوا في المدرسة أو في الشارع أو في البيوت، كما تسببت تلك الغارات الوحشية في حالات لا تحصى من قتل الأطفال وتشويههم.
التعامل السليم
وفي السياق ذاته يؤكد الأخصائيون على «ضرورة التعامل السليم والرشيد مع الأطفال ضحايا العدوان من الأسرة والبيئة المحيطة ومن دون ذلك فإن هذه الآثار ستتحول إلى عاهات مستديمة ومستعصية على العلاج مع مرور الوقت وأن التعامل يتطلّب الكثير من الحرص والدعم لإعادة الطمأنينة إلى الطفل والثقة بالنفس ليتخطى الظروف التي عاشها».
ويشدد الأخصائيون على ضرورة الاهتمام بالتربية النفسية والجمالية للطفل وبثقافة الطفل والطفولة مع التركيز على بث كلمات من الحب أو تشتيت فكرهم عن التركيز في الأحداث المروعة خاصة في أوقات الغارات المخيفة في حال وقوعها على مقربة منهم، فهذه اللحظة هي الأهم في حياة الطفل النفسية وكلما تركناه يواجهها وحده يزداد أثرها السلبي بداخله على المدى القريب والبعيد، كما يجب اختيار الأسلوب والألفاظ التي يمكن للطفل استيعابها والتجاوب معها .