الضرب حتى الموت »للأخ الأكبر« لرفضه تقسيم ميراث الأب

كثيرة هي قضايا ” المواريث ” التي تمتلئ بها المحاكم ويكفي زيارة واحدة إلى اقرب محكمة لنكتشف مدى فضاعة جرائم الأهل التي ترتكب بسبب الميراث فذاك يضع السم لأخيه حتى يكون هو الوريث الوحيد لوالده وآخر يقتل أمه ليتمكن من التصرف في مالها.. وغيرها من القضايا التي نستعرض في هذا العدد واحدة من أبشع جرائم الميراث.
توفي الحاج علي بعدما بلغ من العمر عتيا وصل إلى ثمانين عاما عاشها مكافحا في سبيل تأمين مستقبل أبنائه من بعده ولأنه عاش منذ صغره في منطقة مشهروة بالزراعة والفلاحة فقد اقتصر حلمه على امتلاك مزرعة كبيرة خاصة به وسعى جاهدا لتحقيق ذلك الحلم حتى وجده حقيقة ملموسة على ارض الواقع ليرحل بعد ذلك تاركا المزرعة لأبنائه ولكنه لم يكن يعلم أن هذه الأرض ستحول الأخوة المتحابين إلى أعداء متناحرين وان دماء ستسفك وأنفسا ستزهق بسبب حلمه المنشود .
على خطا الوالد
بعد إن فارق الأب الحياة تولى الابن الأكبر مهمة رعاية الأسرة وإدارة شئون المزرعة تماما كما كان الأب يفعل متبعا في ذلك خطوات والده خصوصا وانه عاصر نضال والده في إقامة المزرعة وإدارتها بنجاح وكان في السنوات الأخيرة يده اليمنى في كل شيء .
حاول الابن الأكبر المحافظة على حلم والده قدر المستطاع وفي نفس الوقت بذل جل جهوده لرعاية أخوانه الذكور والإناث وتوفير كل ما يطلبونه ولكنه نسي او تناسى أن لهم حقا في المزرعة مثله ولابد أن يأتي يوم ويطالبونه بذلك الحق طال العمر أو قصر .. وفعلا لم تطل فترة غياب ذلك اليوم فبعد سنوات قليلة من وفاة الأب قرر الإخوة الآخرون الحصول على حقهم من ميراث والدهم في المزرعة حسب ما يحدده الشرع والقانون وبدأت الفكرة من الأبناء الذكور المتعلمين الذين أرادوا الاستقلال بحياتهم وتحقيق أحلامهم في العيش بالمدينة ولن يتسنى ذلك إلا بأخذ نصيبهم في المزرعة والتصرف به كما يشاءون وقاموا بإخبار اخيهم الكبير بما يجول في خاطرهم من أفكار ونوايا طالبين منه مساعدتهم على تحقيق أحلامهم المرجوة واقتسام المزرعة ولكنه ثار غضبا عند سماع ذلك واخبر إخوانه أن ما يتحدثون عنه بعيدا عنهم بعد السماء عن الأرض ولن يتم تقسيم المزرعة إلا على جثته.
رغبة الجميع
لم يصدق الشابان موقف أخيهم الرافض اقتسام تركة الأب وحاولوا الضغط عليه عن طريق اخذ موافقة أخواتهم البنات ا لمتزوجات وقاموا بعرض الموضوع ثانية بناء على رغبة الجميع في الحصول على نصيبهم من المزرعة ولكنه إصر على موقفه السابق مما زاد الأمر سوءا حيث أحس أخوانه من خلال ذلك انه يريد الاستحواذ على نصيبهم والاستيلاء على المزرعة وإبقائها كاملة تحت تصرفه وكأنه مالكها الوحيد.
بعد مفاوضات طويله وتدخل عقلاء الحي في القضية وافق الأخ الأكبر على توزيع الورث بشرط أن تظل المزرعة ملكا لأبناء الحاج علي وألا يدخل فيها أي شخص آخر وبذلك منع على إخوانه التصرف في نصيبهم او بيعه لأي شخص آخر.
وافق الإخوة على هذا الحكم وفرحوا بموافقة أخيهم على اقتسام الأرض وبدأت التجهيزات للقيام بذلك ولكنهم اكتشفوا أنهم لم يستفيدوا شيئا طالما وإنهم لن يستطيعوا بيع نصيبهم والاستفادة من ثمنه في العيش بعيدا عن الفلاحة والزراعة.
وقبل أن تبدأ لجنة التقسيم عملها في توزيع الإرث بين الورثة اخبر الإخوة أخاهم عن رغبتهم في بيع نصيبهم من المزرعة له وبذلك تكون المزرعة كاملة من نصيبه وحده فقط فوافق بكل سرور على عرضهم ولكن المبلغ المطلوب كبير وهو لا يملك شيئا منه وسيتطلب الأمر سنوات عديدة حتى يستطيع تسديد ثمن الأرض لهم.
أثارت هذه الكلمات غضب احد الإخوة الذي لم يستطع تحمل شروط اخيه الأكبر وضغوطه عليهم فاندفع نحوه محالوا العراك إلا إن الموجودين قاموا بإمساكه قبل أن يصل إلى أخيه وأفشلت هذه الحادثة عملية القسمة.
عاد الجميع إلى منازلهم وقد أصبح الإخوة أعداء متناحرين ولم تعد القضية ميراث يجب تقسيه وإنما حق اعتبره الورثة مغتصبا ويجب تحريره.
أفكار شطائية
في منزل زوج إحدى الأخوات المتزوجات اجتمع الإخوة مساء يتباحثون حول كيفية تخليص حقهم من قبضة أخيهم الكبير وقادتهم افكارهم الشيطانية إلى طريقة واحدة وهي التخلص منه نهائيا عندها سيخلو لهم الجو وتفرغ المزرعة من سيطرة الأخ الأكبر.
حاول بعض الإخوة اعتراض هذه الفكرة الشنيعة ولكنهم في الأخير وبدفع من آخرين وافقوا عليها واجمعوا على تنفيذها وفي صباح اليوم التالي حزم الإخوة حقائبهم واستقلوا سيارة زوج أختهم بدعوى أنهم مغادرون إلى المدينة وفي منتصف الطريق الذي يربط المنطقة بالسوق المركزي اوفقوا سيارتهم وانتظروا حتى وصل أخوهم الأكبر على متن سيارته كعادته في الذهاب إلى السوق وقاموا باعتراض سيارته وإخراجه منها والاعتداء عليه بالضرب والطعن بجانبيهم حتى أغمي عليه وظنوا انه فارق الحياة ثم تركوه مضرجا بدمائه وواصلوا طريقهم إلى المدينة معتقدين إن أحدا لن يشك في أنهم الفاعلون.
بعد قرابة ساعة من وقوع الحادثة وصلت سيارة أخرى قادمة من السوق ووجد راكبوها المجني عليه غارقا في بركة دماء فقاموا بإسعافه إلى المستشفى وهناك شاء القدر إن يفيق من غيبوبته بعد تلقي العلاجات الأولية ليخبر من وجدوه وهم من أبناء منطقته إن الجناة هم إخوانه الاثنان وزوج أخته وحملهم أمانة إبلاغ الشرطة عن المجرمين وكان هذا آخر ما نطق به المجني عليه لأنه فارق الحياة متأثرا بجراحه ووجد الحاضرون أنفسهم يحملون مسئولية كشف الجريمة فقاموا بإبلاغ شرطة مركز المديرية الذين بدورهم تواصلوا مع أجهزة الأمن في المدينة وأعطوها معلومات وبيانات عن الجناة وأماكن تواجدهم ليتم القبض عليهم بعد يوم من الحادثة وإثناء التحقيق معهم ومواجهتهم بالحقائق والأدلة اعترف الجناة بجريمتهم وإنهم قاموا بقتل أخيهم لأجل الحصول على حقهم في الميراث وهكذا كان الميراث سببا في تدمير أسرة بأكملها.

قد يعجبك ايضا